:
أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة قانونًا جديدًا للبنك المركزي، والذي دخل حيز التنفيذ مؤخرًا، ويضع الأصول الرقمية والتمويل اللامركزي (DeFi) ضمن نطاق الامتثال التنظيمي المصرفي التقليدي. يهدف هذا القانون إلى ترسيخ مكانة الإمارات كمركز عالمي للابتكار المالي، خاصة في مجال الأصول الرقمية. ويفرض القانون غرامات تصل إلى مليار درهم (حوالي 272 مليون دولار أمريكي) على العمليات غير المرخصة داخل الدولة.
ينص القانون الجديد، الذي تم إقراره في سبتمبر وأُعلن عنه هذا الأسبوع، على أن جميع مؤسسات العملات المشفرة والبلوك تشين التي تمارس أعمالها في الإمارات أو من خلالها يجب أن تحصل على ترخيص من البنك المركزي الإماراتي (CBUAE)، بغض النظر عن التكنولوجيا المستخدمة. ويشمل ذلك مزودي خدمات الدفع بالعملات المشفرة، وبروتوكولات التمويل اللامركزي، والعملات المستقرة، والأصول الواقعية المرمزة، والبورصات اللامركزية، والمحافظ الرقمية، والجسور بين سلاسل الكتل، والبنية التحتية للبلوك تشين الداعمة.
تنظيم شامل للأصول الرقمية في الإمارات العربية المتحدة
يمثل القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2025 تحولًا جذريًا في الإطار التنظيمي للبنك المركزي، حيث يدمج الأصول الافتراضية وتقنيات البلوك تشين بشكل كامل في النظام المالي. يأتي هذا الإجراء في وقت يشهد فيه قطاع التكنولوجيا المالية نموًا سريعًا على مستوى العالم، وتسعى فيه العديد من الدول إلى وضع قوانين تحكم هذه الأصول الجديدة.
وفقًا لنص القانون، سيتم اتخاذ قرارات الترخيص في غضون 60 يومًا، وسيتم تطبيق قواعد رأس المال بناءً على المخاطر، وسيتم منح فترة سماح كاملة لمدة عام (حتى سبتمبر 2026) للجهات الفاعلة الحالية للامتثال للقواعد الجديدة. يهدف هذا النهج إلى تشجيع الابتكار مع ضمان حماية المستثمرين والحفاظ على استقرار النظام المالي.
فئات الترخيص الجديدة وتعزيز الشريعة الإسلامية
يشمل القانون فئات ترخيص جديدة مثل مدفوعات الأصول الافتراضية، والتمويل المفتوح، والمحافظ الرقمية. بالإضافة إلى ذلك، يعزز القانون حماية المستهلك من خلال آليات قوية لمكافحة الاحتيال وتسوية المنازعات السريعة بحد أقصى 100,000 درهم إماراتي.
من الجوانب الهامة للقانون، تعزيز حوكمة الشريعة الإسلامية، مما يفتح الباب أمام تطوير التمويل اللامركزي المتوافق مع الشريعة الإسلامية (Islamic DeFi) والأوراق المالية المرمزة (tokenized Sukuk) التي تشهد شعبية متزايدة. فقد بلغت إصدارات الصكوك العالمية العام الماضي 65.6 مليار دولار، ومن المتوقع أن تنمو إلى 2.5 تريليون دولار بحلول عام 2029، وفقًا للتقارير المتخصصة.
بينما لا يزال قانون MiCA الأوروبي قيد التنفيذ، قدمت الإمارات العربية المتحدة إطارًا وطنيًا شاملاً يعتبر من بين الأكثر تقدمًا في العالم، حيث يعامل الأصول الرقمية كجزء أساسي من النظام المالي. هذا التوجه يعكس رؤية الإمارات الطموحة لتصبح رائدة في مجال التكنولوجيا المالية والابتكار.
ماريا دي أنجلو، رئيسة قسم أوروبا في DLT Law، وهي شركة استشارية قانونية وتنظيمية دولية متخصصة في البلوك تشين، أشارت إلى أنه من السابق لأوانه التكهن بمدى استفادة هذا القانون من مكانة الإمارات كمركز عالمي للعملات المشفرة. وقالت لدي أنجلو لـ Coindesk: “مع دخول القانون الاتحادي الجديد حيز التنفيذ، أعادت الإمارات رسم الحدود التنظيمية للأصول الرقمية.” وأضافت: “كيف ستسير الأمور في النهاية فيما يتعلق بالتمويل اللامركزي (DeFi) لا يزال يتعين رؤيته.”
يأتي هذا القانون في سياق جهود الإمارات المستمرة لتنظيم قطاع العملات المشفرة وجذب الاستثمارات في مجال التكنولوجيا المالية. وقد اتخذت الإمارات بالفعل خطوات مهمة في هذا الاتجاه، مثل إنشاء مناطق حرة خاصة بالبلوك تشين والأصول الرقمية، وتوفير بيئة تنظيمية داعمة للشركات الناشئة في هذا المجال.
بالإضافة إلى ذلك، يتماشى هذا القانون مع التوجهات العالمية نحو تنظيم الأصول الرقمية، حيث تسعى العديد من الدول إلى إيجاد توازن بين تشجيع الابتكار وحماية المستثمرين ومنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
من المتوقع أن يؤدي هذا القانون إلى زيادة الثقة في قطاع الأصول الرقمية في الإمارات، وجذب المزيد من الشركات والمستثمرين إلى هذا السوق. كما أنه سيوفر إطارًا قانونيًا واضحًا لتنظيم هذه الأصول، مما سيساعد على تطوير هذا القطاع بشكل مستدام.
الخطوة التالية المتوقعة هي إصدار اللوائح التنفيذية التفصيلية للقانون من قبل البنك المركزي الإماراتي. من المهم مراقبة هذه اللوائح عن كثب، حيث ستحدد كيفية تطبيق القانون على أرض الواقع. كما يجب متابعة ردود فعل الشركات العاملة في مجال الأصول الرقمية على القانون، وتقييم مدى تأثيره على أعمالها.
