شهدت أسواق المعادن الثمينة انخفاضًا ملحوظًا في أسعار الذهب والفضة، حيث تراجعت الأسعار بشكل كبير بعد فترة صعود استثنائية. يأتي هذا الانخفاض مدفوعًا بعدة عوامل، أبرزها ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي وتراجع السيولة في ظل استمرار الإغلاق الحكومي الجزئي في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تقييم المستثمرين للتطورات في العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين.

انخفضت أسعار الذهب الفوري بنسبة تصل إلى 2.6%، بعد أن سجلت قمة تاريخية عند 4381.52 دولارًا للأونصة في اليوم السابق. كما تراجعت أسعار الفضة بشكل حاد، مما يشير إلى تصحيح محتمل بعد مكاسب قوية في الأشهر الأخيرة. يُعزى هذا التراجع إلى زيادة الضغوط البيعية وتخفيف المخاوف الجيوسياسية مؤقتًا.

عام استثنائي لـ أسعار الذهب والفضة وأسباب الارتفاع

شهدت المعادن الثمينة أداءً استثنائيًا خلال العام الحالي، مدفوعةً بمجموعة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية. فقد سجل الذهب مكاسب أسبوعية لمدة تسعة أسابيع متتالية، وارتفع بأكثر من 65% منذ بداية عام 2025، بينما تجاوزت مكاسب الفضة 80% في نفس الفترة.

يعود هذا الارتفاع الكبير إلى زيادة الطلب على الملاذات الآمنة في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية، وارتفاع مستويات الديون السيادية، وعدم اليقين بشأن مستقبل السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت مشتريات البنوك المركزية المتزايدة من الذهب في دعم الأسعار.

تأثير الحرب التجارية الأمريكية الصينية

لا يزال المستثمرون يراقبون عن كثب التطورات في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بأن الولايات المتحدة “ستكون بخير” مع بكين قبيل استئناف المفاوضات، لكنه جدد في الوقت ذاته تهديده بفرض رسوم جمركية إضافية على السلع الصينية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول الأول من نوفمبر.

في المقابل، أشار كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني، إلى احتمال انتهاء الإغلاق الحكومي هذا الأسبوع. هذه التصريحات المتضاربة تزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق وتؤثر على قرارات المستثمرين.

فجوة الأسعار بين لندن ونيويورك

شهدت أسعار الفضة تباينًا ملحوظًا بين سوقي لندن ونيويورك، حيث تتداول الأسعار المرجعية في لندن حاليًا عند مستويات أعلى من العقود الآجلة في نيويورك. أدى هذا التباين إلى قيام المتداولين بشحن الفضة من نيويورك إلى لندن بهدف الاستفادة من فروق الأسعار وتخفيف النقص في المعروض في السوق البريطانية.

ورغم أن الفجوة بين السوقين قد تقلصت من 3 دولارات للأونصة الأسبوع الماضي إلى حوالي دولار واحد حاليًا، إلا أنها لا تزال تشير إلى وجود اختلال في التوازن بين العرض والطلب.

انخفضت أسعار الفضة الفورية بنسبة تصل إلى 6.2% يوم الثلاثاء، لتصل إلى 49.62 دولارًا للأونصة. في الوقت نفسه، تراجع سعر الذهب بنسبة 2.1% ليصل إلى 4265.96 دولارًا للأونصة. هذه التحركات السعرية تعكس حالة التراجع العام في أسواق المعادن الثمينة.

بالإضافة إلى الذهب، شهدت المعادن الصناعية مثل النحاس أيضًا تقلبات في الأسعار، متأثرةً بتوقعات النمو الاقتصادي العالمي والتطورات في قطاع التكنولوجيا. وتعتبر هذه التقلبات جزءًا طبيعيًا من دورة الأسعار في الأسواق المالية.

تعتبر الاستثمارات في المعادن الثمينة، بما في ذلك الذهب والفضة، من الخيارات المفضلة لدى العديد من المستثمرين كوسيلة للحفاظ على قيمة رؤوس أموالهم في أوقات الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية. ومع ذلك، يجب على المستثمرين أن يكونوا على دراية بالمخاطر المرتبطة بهذه الاستثمارات وأن يقوموا بتحليل دقيق للأسواق قبل اتخاذ أي قرارات.

من المتوقع أن تستمر أسواق المعادن الثمينة في التذبذب خلال الفترة القادمة، مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن التطورات الاقتصادية والجيوسياسية. سيكون التركيز على نتائج اجتماع الرئيسين الأمريكي والصيني، بالإضافة إلى أي تطورات جديدة في ملف الإغلاق الحكومي الأمريكي. كما أن بيانات التضخم والنمو الاقتصادي التي سيتم نشرها في الأسابيع القادمة ستلعب دورًا هامًا في تحديد مسار أسعار الذهب والفضة.

شاركها.