أثار قرار **الاحتياطي الفيدرالي** الأخير بشأن أسعار الفائدة، والذي اتُخذ في اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) في 1 مايو 2024، اهتمامًا واسع النطاق في الأسواق المالية العالمية. حافظ البنك المركزي الأمريكي على نطاق مستهدف لسعر الفائدة الفيدرالي دون تغيير، بين 5.25٪ و 5.5٪، للمرة السادسة على التوالي. هذا القرار يأتي في ظل بيانات اقتصادية متباينة تشير إلى تباطؤ التضخم واستمرار قوة سوق العمل.

الاحتياطي الفيدرالي، ومقره في واشنطن العاصمة، هو البنك المركزي للولايات المتحدة، وهو مسؤول عن السياسة النقدية للبلاد. يهدف البنك إلى تحقيق أقصى قدر من العمالة المستقرة وأسعار مستقرة. يُعلن عن هذه القرارات بانتظام استجابةً للتغيرات في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية مثل التضخم والنمو الاقتصادي والبطالة، مما يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي.

تأثير قرار الاحتياطي الفيدرالي على الاقتصاد العالمي

يأتي هذا التوقف في رفع أسعار الفائدة بعد سلسلة من الزيادات الحادة بدأها الاحتياطي الفيدرالي في مارس 2022 لمكافحة التضخم الذي وصل إلى مستويات قياسية. تهدف الزيادات في أسعار الفائدة إلى تقليل الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، وبالتالي تخفيف الضغط على الأسعار. ومع ذلك، فإن الاستمرار في رفع الأسعار يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي وحتى الركود.

التضخم وسوق العمل

تشير أحدث البيانات الصادرة عن وزارة التجارة الأمريكية إلى أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، وهو المقياس المفضل للتضخم لدى الاحتياطي الفيدرالي، ارتفع بنسبة 2.7٪ على أساس سنوي في مارس. هذا لا يزال فوق هدف البنك البالغ 2٪، ولكنه يمثل انخفاضًا ملحوظًا مقارنة بذروة التضخم التي بلغت 7٪ في يونيو 2022. بالتزامن مع ذلك، حافظت سوق العمل الأمريكية على قوتها، مع انخفاض معدل البطالة إلى 3.8٪ في أبريل، وفقًا لوزارة العمل الأمريكية.

يواجه الاحتياطي الفيدرالي الآن معضلة. فمن ناحية، يريد البنك التأكد من أن التضخم قد انخفض بشكل مستدام قبل البدء في خفض أسعار الفائدة. ومن ناحية أخرى، هناك قلق متزايد من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة لفترة طويلة جدًا قد يضر بالاقتصاد. هذا التوتر هو ما دفع البنك إلى التوقف عن رفع الأسعار وانتظار المزيد من البيانات الاقتصادية.

توقعات أسعار الفائدة المستقبلية

أشار أعضاء لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في بياناتهم المتزامنة مع القرار إلى أنهم قد يحتاجون إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر إذا أظهرت البيانات الاقتصادية أن التضخم لا يزال يشكل تهديدًا. ومع ذلك، فإن معظم المحللين يتوقعون الآن أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، ربما بحلول سبتمبر أو ديسمبر، اعتمادًا على مسار التضخم. هذا التحول في توقعات **السياسة النقدية** أثر على أسواق السندات، مع انخفاض عوائد السندات الحكومية الأمريكية.

بالإضافة إلى ذلك، تؤثر قرارات **الاحتياطي الفيدرالي** بشكل كبير على أسعار الصرف. فقد انخفضت قيمة الدولار الأمريكي بشكل طفيف بعد إعلان القرار، مما أدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية. كما أن الاستثمار الأجنبي المباشر قد يتأثر بتوقعات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، حيث يميل المستثمرون إلى البحث عن عوائد أعلى في الأسواق التي تقدم أسعار فائدة أكثر جاذبية.

ردود الفعل من الأسواق المالية

استقبلت الأسواق المالية قرار الاحتياطي الفيدرالي باستحسان نسبي، حيث ارتفعت أسهم الشركات بشكل عام. يعكس هذا الارتفاع التفاؤل بأن البنك المركزي الأمريكي يقترب من نهاية دورة رفع أسعار الفائدة. ومع ذلك، لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين في الأسواق، حيث يراقب المستثمرون عن كثب البيانات الاقتصادية بحثًا عن أي علامات على تغير في المسار النقدي للاحتياطي الفيدرالي.

يُتوقع أن يستمر **التشديد الكمي** – وهو عملية شراء الأصول من قبل البنوك المركزية لزيادة المعروض النقدي وتحفيز الاقتصاد – في التضاؤل تدريجيًا مع تحسن الظروف الاقتصادية. هذا التراجع في التشديد الكمي، جنبًا إلى جنب مع أي تخفيضات مستقبلية في أسعار الفائدة، قد يوفر بعض الدعم للنمو الاقتصادي العالمي.

في المقابل، حذرت بعض المؤسسات المالية من أن التوقف عن رفع أسعار الفائدة قد يكون مبكرًا جدًا. فهم يخشون أن يؤدي ذلك إلى تفاقم مشاكل التضخم وإجبار الاحتياطي الفيدرالي على العودة إلى رفع الأسعار في وقت لاحق، مما قد يؤدي إلى ركود أعمق. تتفاوت تقييمات الخبراء بشدة في هذه المرحلة.

تعتبر **الاستثمارات** في الأصول الخطرة مثل الأسهم أكثر عرضة للتقلبات بسبب حساسية السوق لقرارات الاحتياطي الفيدرالي. من المتوقع أن يراقب المستثمرون عن كثب بيانات التضخم ومؤشرات سوق العمل لتقييم أفضل التوقعات المستقبلية.

في الختام، من المتوقع أن تقوم لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) بعقد اجتماعها القادم في 11-12 يونيو 2024 لمراجعة آخر البيانات الاقتصادية واتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيتم البدء في خفض أسعار الفائدة. سيظل مسار التضخم وسوق العمل هما العاملين الرئيسيين في تحديد القرار النهائي، وسيكون من المهم مراقبة المؤشرات الاقتصادية الرئيسية في الأسابيع المقبلة لتقييم احتمالات التغيير في السياسة النقدية. لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية، وكل تطور جديد سيؤثر على قرارات الاحتياطي الفيدرالي واستجابة الأسواق المالية.

شاركها.