أطلقت شركة أنثروبيك، المنافسة الرئيسية في مجال الذكاء الاصطناعي، نموذجها الأحدث Claude Opus 4.5، والذي أظهر أداءً متفوقًا على المهندسين البشريين في اختبارات البرمجة. يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه قطاع التكنولوجيا تطورات متسارعة في قدرات الذكاء الاصطناعي، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الوظائف التقنية. وقد كشفت الشركة عن هذه النتائج في مدونتها الرسمية يوم الاثنين.
أعلنت أنثروبيك أن النموذج الجديد تفوق على جميع المرشحين الذين خضعوا لاختبار عملي صعب للغاية تستخدمه الشركة لتقييم المتقدمين لوظائف هندسية. تم تطوير Claude Opus 4.5 على مدار الأشهر القليلة الماضية، وهو يمثل قفزة نوعية في قدرات أنثروبيك، ويأتي بعد ثلاثة أشهر فقط من إطلاق النسخة السابقة. ويشمل تحسينات في مجالات متعددة، بما في ذلك إنشاء المستندات المهنية مثل جداول بيانات إكسل وعروض باوربوينت التقديمية، بالإضافة إلى تحسينات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.
تفوق الذكاء الاصطناعي في البرمجة: ما هي الآثار؟
تم تصميم الاختبار العملي، الذي يستغرق ساعتين، لتقييم المهارات التقنية والقدرة على اتخاذ القرارات تحت الضغط. على الرغم من أن أنثروبيك تؤكد أن الاختبار لا يمثل جميع المهارات المطلوبة لمهندس برمجيات، إلا أنها تشير إلى أن تفوق الذكاء الاصطناعي في هذا المجال يطرح أسئلة مهمة حول كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على مهنة الهندسة بشكل عام.
منهجية الاختبار
أوضحت أنثروبيك أن النتيجة تحققت من خلال إعطاء النموذج عدة فرص لحل كل مشكلة، ثم اختيار أفضل إجابة يقدمها. ولم تفصح الشركة عن تفاصيل الاختبار نفسه، مكتفية بالإشارة إلى أنه يتضمن أربعة مستويات ويتطلب من المرشحين تنفيذ نظام معين وإضافة وظائف إليه. ومع ذلك، تشير تقارير من مواقع مثل Glassdoor إلى تفاصيل تقريبية حول طبيعة المهام التي يتضمنها.
هذا التفوق في البرمجة ليس جديدًا بالنسبة لأنثروبيك، حيث أصبحت الشركة رائدة في هذا المجال. حتى شركة ميتا، المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي بقيادة مارك زوكربيرج، تستخدم Claude لدعم مساعد البرمجة الداخلي Devmate الخاص بها. يشير هذا إلى الاعتراف المتزايد بقدرات أنثروبيك، حتى من قبل الشركات التي تسعى لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.
كيف تطور Claude Opus 4.5؟
حافظت أنثروبيك على سرية طرق التدريب المستخدمة في تطوير نماذجها. ومع ذلك، أفاد إريك سيمونز، الرئيس التنفيذي لشركة Stackblitz، وهي شركة ناشئة متخصصة في خدمات البرمجة، بأنه يعتقد أن أنثروبيك استخدمت نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها لكتابة وإطلاق التعليمات البرمجية بشكل مستقل، ثم قامت الشركة بمراجعة النتائج باستخدام كل من الخبراء البشريين وأدوات الذكاء الاصطناعي. وقد أكدت ديان بين، رئيسة إدارة المنتجات والبحوث في أنثروبيك، أن هذا الوصف “صحيح بشكل عام”.
في أكتوبر الماضي، صرح داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لأنثروبيك، في مؤتمر Dreamforce أن Claude يقوم بالفعل بكتابة 90٪ من التعليمات البرمجية لمعظم الفرق داخل الشركة. ومع ذلك، شدد أمودي على أنه لن يتم استبدال أي مهندسي برمجيات بالروبوت. بل وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يزيد من إنتاجية المهندسين، مما يسمح لهم بالتركيز على المهام الأكثر تعقيدًا والإشراف على نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى.
الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في البرمجة لا يقتصر على أنثروبيك، بل يشمل العديد من الشركات الأخرى التي تسعى لتبني هذه التقنية لزيادة الكفاءة وتقليل التكاليف. يتزايد الاهتمام بالذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو قادر على إنشاء محتوى جديد مثل النصوص والصور والتعليمات البرمجية، مما يفتح آفاقًا جديدة في مجال التطوير التقني. السياق الأوسع يشمل أيضاً تطور أدوات مساعدة المطورين التي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي.
من المتوقع أن تستمر أنثروبيك في تطوير نماذجها، مع التركيز على تحسين قدراتها في مجالات مثل البرمجة، وإنشاء المحتوى، وحل المشكلات المعقدة. في الوقت الحالي، لا تزال التفاصيل المتعلقة بخطط الشركة المستقبلية غير واضحة، ولكن من المرجح أن نشهد المزيد من الابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي في الأشهر والسنوات القادمة. سيكون من المهم مراقبة كيفية استجابة سوق العمل لهذه التطورات، وما إذا كانت ستؤدي إلى تغييرات كبيرة في طبيعة الوظائف التقنية.
