في تحرك غير معتاد، أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. ووفقًا لبيانات رسمية منفصلة صادرة عن الجانبين، ركز الحوار على قضايا التجارة وتايوان وأوكرانيا. وقد أثار هذا الاتصال اهتمامًا واسعًا نظرًا للتنافس الجيوسياسي المستمر بين بكين وواشنطن، والتوترات المحيطة بهذه الملفات تحديدًا، خاصة العلاقات الصينية الأمريكية.

جرت المكالمة الهاتفية في وقت لم يتم الإعلان عنه على الفور، لكن البيانات الرسمية أشارت إلى أنها استمرت لبعض الوقت. ولم تقدّم كل من الإدارتين تفاصيل شاملة حول المحادثة، إلا أنهما أكدتا أنها كانت بناءة وتركزت على القضايا المذكورة. وتأتي هذه الخطوة في ظل استعدادات الولايات المتحدة للانتخابات الرئاسية المقبلة.

تطورات مفاجئة في العلاقات الصينية الأمريكية

يُعتبر هذا الاتصال تطورًا ملحوظًا نظرًا لغياب التواصل المباشر بين الزعيمين منذ فترة طويلة، وتحديدًا منذ مغادرة ترامب منصبه في عام 2021. كانت إدارة ترامب قد اتبعت سياسة أكثر صرامة تجاه الصين، بما في ذلك فرض رسوم جمركية كبيرة وتبني موقفًا أكثر حزمًا بشأن قضايا حقوق الإنسان. ومع ذلك، يُشير هذا الاتصال إلى رغبة محتملة في إعادة فتح قنوات الحوار.

قضايا التجارة الملحّة

تعد قضايا التجارة من بين أبرز التحديات التي تواجه العلاقات الصينية الأمريكية. وقد فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية على السلع الصينية بقيمة مئات المليارات من الدولارات، وردت الصين بفرض رسوم جمركية مماثلة على السلع الأمريكية.

تشير البيانات الصادرة عن وزارة التجارة الأمريكية إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين انخفض في السنوات الأخيرة، لكنه لا يزال كبيرًا. يرجح أن تكون المناقشات قد دارت حول إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد بشأن التجارة، أو تخفيف الرسوم الجمركية الحالية. كما من المحتمل أن يكون هناك بحث عن طرق لضمان قدر أكبر من الاستقرار في العلاقات الاقتصادية الثنائية.

ملف تايوان الشائك

تعتبر قضية تايوان من أكثر القضايا حساسية في العلاقات الصينية الأمريكية. تعتبر الصين تايوان مقاطعة منشقة، وتصر على إعادة توحيدها مع البر الرئيسي، بالقوة إذا لزم الأمر. في المقابل، تدعم الولايات المتحدة تايوان عسكريًا ودبلوماسيًا، لكنها تتبنى سياسة “الغموض الاستراتيجي” بشأن التدخل العسكري في حالة تعرض تايوان لهجوم من الصين.

أعلنت وزارة الخارجية الصينية مرارًا وتكرارًا أن أي محاولة للتدخل في شؤون تايوان ستُقابل برد فعل قوي. يُعتقد أن الرئيس ترامب قد تطرق إلى هذه النقطة خلال المكالمة، وأكد على التزام الولايات المتحدة بدعم تايوان. ذكرت بعض التقارير أن الرئيس السابق أبدى استياءه من الطريقة التي تعاملت بها الإدارة الحالية مع تايوان، لكن هذه المعلومات لم يتم تأكيدها بشكل مستقل.

الصراع في أوكرانيا وموقف الصين

يمثل الصراع في أوكرانيا نقطة خلاف رئيسية أخرى بين الصين والولايات المتحدة. لطالما حثّت الصين على حل سلمي للأزمة، لكنها امتنعت عن إدانة الغزو الروسي. كما واصلت الصين الحفاظ على علاقات تجارية مع روسيا، مما أثار انتقادات من الغرب. يُعد هذا الموقف جزءًا من استراتيجية السياسة الخارجية الصينية الأوسع التي تهدف إلى تعزيز نفوذها على الساحة الدولية.

تملك الصين مصالح اقتصادية وسياسية كبيرة في كل من روسيا وأوكرانيا، وتسعى إلى تجنب أي خطوات قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة. من المحتمل أن يكون الرئيس ترامب قد عبر عن قلقه بشأن موقف الصين من الصراع، وحثها على ممارسة المزيد من الضغط على روسيا.

في سياق منفصل، شهدت المفاوضات التجارية بين الصين والولايات المتحدة جمودًا مطولًا. وتركزت الخلافات الرئيسية على قضايا مثل سرقة الملكية الفكرية، والوصول إلى الأسواق، والدعم الحكومي للشركات.

وعلى الرغم من أن المكالمة الهاتفية لا تمثل بالضرورة تغييرًا كبيرًا في السياسات، إلا أنها قد تشير إلى رغبة في استكشاف إمكانية إحياء المفاوضات. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة الحالية ستسعى إلى مواصلة هذه الجهود، أو ما إذا كانت المكالمة كانت بمثابة مبادرة شخصية من الرئيس ترامب.

إن هذا التواصل المباشر يمثل إشارة مهمة، خصوصًا مع احتمالية عودة الرئيس ترامب إلى السلطة. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من الشكوك حول المستقبل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين. في الوقت الحالي، من المتوقع أن تواصل كل من الدولتين مراقبة تحركات الأخرى بعناية، والبحث عن طرق لحماية مصالحهما الخاصة. من المرجح أن يراقب المراقبون عن كثب أي تطورات جديدة في هذا الملف، بما في ذلك أي اجتماعات أو مكالمات هاتفية مستقبلية بين المسؤولين الصينيين والأمريكيين.

شاركها.