عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى انتقاد أوكرانيا، متهماً إياها بعدم تقدير الدعم الأمريكي المستمر، وذلك في الوقت الذي تجري فيه مناقشات حول خطة سلام أمريكية جديدة تهدف إلى إنهاء الصراع مع روسيا. تتضمن هذه الخطة مقترحات مثيرة للجدل، بما في ذلك التنازل عن أراضٍ وتقييد حجم الجيش الأوكراني، مما أثار ردود فعل متباينة من مختلف الأطراف. الوضع في أوكرانيا يظل معقداً ويتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة.

الخلافات الأخيرة تصاعدت مع تلميحات من ترامب بأن أوروبا لا تبذل جهوداً كافية لحل الأزمة، بينما يركز المسؤولون الأمريكيون على تقديم إطار تفاوضي شامل. هذا الإطار، الذي يتكون من 28 نقطة، يهدف إلى إيجاد حلول عملية لإنهاء الحرب المستمرة منذ أربع سنوات، لكنه يواجه تحديات كبيرة في ظل رفض أوكرانيا لبعض الشروط الأساسية.

خطة السلام الأمريكية وتداعياتها على الأزمة الأوكرانية

كشف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن تفاصيل الخطة، التي تتضمن مطالب صعبة على أوكرانيا، مثل التنازل عن بعض الأراضي والحد من قدراتها العسكرية، بالإضافة إلى التعهد بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). وفقاً لمصادر أمريكية، فإن المحادثات الأولية كانت “منتجة وشاملة جزئياً”، بينما أكد المفاوض الأوكراني رستم أوميروف أن النسخة الأخيرة من الخطة تعكس بعض أولويات بلاده الأساسية.

ردود الفعل الأوكرانية والاتحاد الأوروبي

أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن ترحيبه بالعناصر التي تعكس المصالح الوطنية الأوكرانية في الخطة، مؤكداً أن الدبلوماسية عادت إلى الواجهة. ومع ذلك، يظل موقف كييف حذراً، حيث ترفض التنازل عن أراضيها أو التخلي عن طموحاتها في الانضمام إلى الناتو. في المقابل، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على حق أوكرانيا في تحديد مصيرها الأوروبي، مشددة على ضرورة أن تعكس أي خطة سلام “المركزية الأوروبية” بشكل كامل.

أظهرت قمة مجموعة العشرين في جنوب إفريقيا دعماً لمزيد من العمل على الخطة الأمريكية، مع التأكيد على الحاجة إلى مناقشات أوسع حول القضايا الحساسة مثل العلاقات مع الناتو ومستقبل الأصول الروسية المجمدة في الاتحاد الأوروبي. من المتوقع أن يعقد حلفاء أوكرانيا اجتماعاً افتراضياً لمتابعة نتائج محادثات جنيف، بالإضافة إلى لقاءات أخرى على هامش اجتماع القادة الأفارقة في أنغولا.

موقف موسكو والتهديدات المستمرة

على الرغم من الترحيب الأولي من الكرملين بالخطة الأمريكية، إلا أن التهديدات الروسية بالسيطرة على المزيد من الأراضي الأوكرانية لا تزال قائمة في حال رفض كييف التفاوض وفقاً للشروط المطروحة. أكد روبيو أن الخطة الأمريكية تهدف إلى توفير إطار قوي للمفاوضات، مستندة إلى مدخلات من الجانبين الروسي والأوكراني، نافياً أن تكون الخطة مجرد تلبية لرغبات روسية.

إضافة إلى ذلك، أعرب رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك عن استعداد قادة أوروبا وكندا واليابان للعمل على الخطة، مع بعض التحفظات. وشدد توسك على ضرورة تحديد الجهة الحقيقية التي صاغت الخطة ومكان صياغتها قبل المضي قدماً في تنفيذها. الوضع الأمني في المنطقة يتطلب حذراً شديداً وتقييماً دقيقاً للمخاطر المحتملة.

الخطة الأمريكية للسلام في أوكرانيا تمثل تطوراً مهماً في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء الصراع. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الخطة يعتمد على استعداد جميع الأطراف لتقديم تنازلات والعمل بروح التعاون. من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من المشاورات والمفاوضات بين الأطراف المعنية، مع التركيز على إيجاد حلول عملية ومستدامة تضمن الأمن والاستقرار في المنطقة. يبقى التحدي الأكبر هو التغلب على الخلافات العميقة وإيجاد أرضية مشتركة تتيح تحقيق السلام العادل والدائم. التفاوض هو السبيل الوحيد لإنهاء هذه الأزمة.

شاركها.