شهدت العلاقات الاقتصادية بين كندا والإمارات العربية المتحدة دفعة قوية، حيث أعلن رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، عن وجود أكثر من 150 شركة كندية تعمل حاليًا في دولة الإمارات بأعمال تتجاوز 100 مليار دولار. يأتي هذا الإعلان خلال قمة كندية إماراتية للاستثمار في أبوظبي، مما يؤكد على عمق الشراكة والفرص المتاحة في ظل اتفاقيات التجارة والاستثمار المتبادلة. يبقى تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين هدفًا رئيسيًا لكلا الطرفين.

وتركز القمة على سبل توسيع نطاق الاستثمارات المشتركة في قطاعات متعددة، بالإضافة إلى دراسة إمكانية إبرام اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة (CEPA) تهدف إلى فتح أسواق جديدة وزيادة حجم التبادل التجاري. وحسبما ذكر مسؤولون، فإن هذه الاتفاقية ستشكل إطارًا مؤسسيًا لتعزيز العلاقات الثنائية على المدى الطويل. وتهدف القمة أيضًا إلى تطوير آفاق جديدة للابتكار والنمو المستدام.

آفاق واسعة للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي

أعلن رئيس الوزراء الكندي عن توقيع اتفاقية بين كندا والإمارات لتعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي. يهدف هذا التعاون إلى دعم الأبحاث والتطوير التقني، وتبادل الخبرات والمعرفة في هذا المجال الحيوي. تعتبر كندا والإمارات من الدول الرائدة في تطوير الذكاء الاصطناعي، وتسعيان إلى الاستفادة من نقاط القوة لدى كل منهما لتحقيق تقدم أكبر.

وتشير التقديرات إلى أن الاتفاقية الجديدة من شأنها أن تحفز تدفقات استثمارية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات إلى مشاريع مشتركة. ويشمل ذلك الاستثمار في الشركات الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، وكذلك في تطوير البنية التحتية الرقمية اللازمة لدعم هذا القطاع. بالإضافة إلى ذلك، سيتم التركيز على تطوير الكفاءات والمهارات المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي.

الطاقة والاستدامة: ركائز الشراكة

لم يقتصر التعاون بين كندا والإمارات على الذكاء الاصطناعي، بل امتد ليشمل قطاع الطاقة، حيث أكد ترودو على أن كلا البلدين يتمتعان بمكانة قوية في هذا المجال. وناقشت القمة سبل تعزيز أمن الطاقة العالمي من خلال التعاون في تطوير مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة. وقد أشار مسؤولون إلى إمكانية تبادل الخبرات في مجال تكنولوجيا التقاط الكربون وتخزينه.

كما أكد الجانبان على أهمية الاستدامة، مشيرين إلى التعاون المثمر بينهما خلال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) الذي استضافته الإمارات مؤخرًا. وتم الاتفاق على مواصلة العمل المشترك من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز التحول إلى اقتصاد أخضر. يتضمن ذلك الاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة، وتشجيع الممارسات الزراعية المستدامة.

بالإضافة إلى ذلك، تم الإعلان عن خطط لزيادة عدد الرحلات الجوية المباشرة بين كندا والإمارات، بهدف تسهيل حركة السفر والأعمال. وتعتبر هذه الخطوة مهمة لدعم نمو السياحة والاستثمار، وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعبين. وستسهم زيادة الرحلات الجوية أيضًا في تقليل التكاليف وتحسين كفاءة الخدمات اللوجستية.

الاستثمارات بين البلدين لا تقتصر على الطاقة والذكاء الاصطناعي، حيث أعلن عن افتتاح منشأة متخصصة في الذكاء الاصطناعي في مونتريال بالشراكة مع دولة الإمارات. يهدف هذا المركز إلى أن يكون نقطة جذب للباحثين والمستثمرين في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الابتكار والتعاون التقني بين كندا والإمارات. ومن المتوقع أن يخلق المركز فرص عمل جديدة، وأن يساهم في تطوير قطاع التكنولوجيا في كندا.

وفي سياق ذي صلة، تتطلع الإمارات إلى تعزيز مكانتها كمركز رائد للتجارة والاستثمار في المنطقة، في حين تسعى كندا إلى تنويع أسواقها التجارية وتعميق علاقاتها مع الشركاء الاستراتيجيين في الشرق الأوسط. ويعتبر توقيع اتفاقية CEPA خطوة مهمة نحو تحقيق هذه الأهداف. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الاتفاقية إلى إزالة الحواجز التجارية، وتقليل الرسوم الجمركية، وتسهيل الإجراءات الاستثمارية.

التجارة الحرة هي محور المفاوضات الجارية بين البلدين. تتوقع الحكومة الكندية أن تلعب اتفاقية CEPA دورًا حاسمًا في زيادة حجم التبادل التجاري بين كندا والإمارات. إكمال هذه الاتفاقية يمثل الخطوة التالية المتوقعة في تعزيز هذه العلاقة، مع توقعات بإحراز تقدم بحلول نهاية عام 2024. ومع ذلك، لا تزال بعض التفاصيل قيد المناقشة، بما في ذلك مسائل تتعلق بحماية الملكية الفكرية والوصول إلى الأسواق. من المهم مراقبة التطورات في هذه المفاوضات، وتقدير تأثيرها على العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين.

شاركها.