أظهرت بيانات حكومية حديثة أن الاقتراض الحكومي في المملكة المتحدة بلغ مستويات قياسية خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة المالية الحالية، باستثناء الفترة التي شهدت جائحة كوفيد-19. يأتي هذا الإعلان قبل أيام قليلة من الكشف عن ميزانية وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، والتي من المتوقع أن تتضمن إجراءات لزيادة الإيرادات الضريبية. ويعكس هذا الارتفاع في الاقتراض الضغوط الاقتصادية المستمرة التي تواجهها المملكة المتحدة.

وبحسب البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاءات، فقد اقترضت الحكومة البريطانية ما يعادل 116.8 مليار جنيه إسترليني (حوالي 152.90 مليار دولار أمريكي) بين شهري أبريل وأكتوبر. هذا المبلغ يتجاوز التقديرات السابقة لمكتب المسؤولية عن الميزانية بحوالي 10 مليارات جنيه إسترليني، مما يشير إلى تفاقم الوضع المالي.

ارتفاع الدين العام وتأثيراته على الاقتصاد البريطاني

يمثل هذا المستوى من الاقتراض الحكومي في المملكة المتحدة الأعلى منذ نفس الفترة في عام 2020، عندما كانت البلاد في ذروة أزمة كوفيد-19. يعزى هذا الارتفاع بشكل كبير إلى زيادة الإنفاق الحكومي على برامج الدعم المختلفة، بالإضافة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم.

وتشير التقارير إلى أن ارتفاع الدين العام قد يحد من قدرة الحكومة على الاستثمار في مجالات حيوية مثل الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي إلى زيادة الضرائب أو خفض الإنفاق العام في المستقبل، مما قد يؤثر سلبًا على مستوى المعيشة والنمو الاقتصادي.

أسباب زيادة الاقتراض

تتعدد العوامل التي ساهمت في زيادة الاقتراض الحكومي، ومن أبرزها:

أولاً، استمرار ارتفاع تكاليف المعيشة، بما في ذلك أسعار الطاقة والغذاء، مما أدى إلى زيادة الضغط على الأسر وضرورة تقديم المزيد من الدعم الحكومي. ثانياً، تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتأثيره على الصادرات البريطانية. وثالثاً، ارتفاع أسعار الفائدة، مما يزيد من تكلفة خدمة الدين العام.

بالإضافة إلى ذلك، أدت بعض القرارات السياسية والاقتصادية الأخيرة إلى زيادة الإنفاق الحكومي، مثل برامج دعم الشركات المتضررة من الجائحة والإجراءات المتخذة للتخفيف من آثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).

توقعات الميزانية القادمة والسياسات المالية

من المتوقع أن تتضمن ميزانية وزيرة الخزانة راشيل ريفز، التي سيتم عرضها الأسبوع المقبل، إجراءات تهدف إلى خفض الدين العام وتحقيق الاستقرار المالي. تشمل هذه الإجراءات المحتملة زيادة الضرائب على الشركات والأفراد ذوي الدخل المرتفع، بالإضافة إلى خفض الإنفاق العام في بعض المجالات.

وتواجه الحكومة تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين الحاجة إلى خفض الدين العام والحفاظ على النمو الاقتصادي وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.

في شهر أكتوبر الماضي، بلغ الاقتراض الحكومي 17.4 مليار جنيه إسترليني، وهو رقم أعلى من التوقعات الأولية التي كانت تشير إلى 14.4 مليار جنيه إسترليني. وقد أظهر استطلاع لآراء الاقتصاديين توقعات متوسطة بعجز قدره 15 مليار جنيه إسترليني لنفس الشهر.

وقد قام المكتب الوطني للإحصاءات بمراجعة طفيفة لبيانات الاقتراض الحكومي للأشهر الستة الأولى من السنة المالية، حيث خفض التقديرات بمقدار 400 مليون جنيه إسترليني. ومع ذلك، لا يزال إجمالي الاقتراض مرتفعًا للغاية.

تعتبر هذه الأرقام مؤشرًا على التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة المتحدة، والتي تشمل ارتفاع التضخم، وتباطؤ النمو، وعدم اليقين بشأن مستقبل العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي.

من المتوقع أن يستمر الضغط على المالية العامة في الأشهر المقبلة، خاصة مع ارتفاع تكاليف الطاقة وتزايد المخاوف بشأن الركود الاقتصادي.

سيراقب المراقبون عن كثب ميزانية وزيرة الخزانة الأسبوع المقبل لتقييم الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لمعالجة هذه التحديات. كما سيتابعون عن كثب تطورات الاقتصاد العالمي وتأثيرها على المملكة المتحدة، بالإضافة إلى أي تغييرات في السياسة النقدية التي قد يتخذها بنك إنجلترا.

شاركها.