شهدت الأسواق الأوروبية تراجعاً حاداً في أسعار الأسهم يوم الجمعة، متجهةً نحو تسجيل أسوأ أداء أسبوعي لها منذ أواخر شهر مارس. يأتي هذا الانخفاض مدفوعاً بمخاوف متزايدة على مستوى العالم بشأن ارتفاع تقييمات أسهم التكنولوجيا وتصاعد احتمالات تشديد السياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. دفع هذا المستثمرين إلى اتباع نهج أكثر حذراً في تعاملاتهم، مما أثر سلباً على مؤشرات البورصة الرئيسية.

انخفض مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 1% ليصل إلى مستوى 558.19 نقطة مع حلول الساعة 08:15 بتوقيت غرينتش، مسجلاً بذلك أدنى مستوى له منذ بداية شهر أكتوبر. وتأثرت البورصات الوطنية بهذا الانخفاض، حيث خسر مؤشر ألمانيا 1.2% ليصل إلى أدنى مستوى له منذ أوائل شهر مايو، بينما تراجع مؤشر فرنسا بنسبة 0.7% ليبلغ أدنى مستوى شهري.

تراجع حاد في أسهم التكنولوجيا

كان قطاع التكنولوجيا على رأس الخاسرين، حيث سجل انخفاضاً بنسبة 2%. يعكس هذا التراجع القلق المتزايد بشأن ما إذا كانت تقييمات أسهم التكنولوجيا قد وصلت إلى ذروتها. وتراجعت أسهم الشركات التي استفادت من الطفرة الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل شنايدر إلكتريك، بنسبة 2%، في حين انخفضت أسهم سيمنس للطاقة بنسبة 7%.

على الرغم من المكاسب التي شهدتها الأسواق العالمية يوم الخميس، والتي جاءت عقب توقعات إيجابية من شركة نفيديا، إلا أن هذه المكاسب لم تدم طويلاً. سرعان ما عادت المخاوف بشأن احتمال وجود فقاعة في قطاع الذكاء الاصطناعي للظهور. أضفى على هذه المخاوف تقريراً مختلطاً عن سوق العمل في الولايات المتحدة، مما زاد من حالة عدم اليقين بشأن المسار المحتمل للسياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي في اجتماع ديسمبر.

تأثير السياسة النقدية الأمريكية

تثير احتمالية رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة قلق المستثمرين، حيث يُخشى أن يؤدي ذلك إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. يعتبر التضخم أحد أهم العوامل التي تدفع البنك المركزي الأمريكي إلى التفكير في تشديد سياسته النقدية. ويعتبر سوق الأسهم الأوروبية حساساً بشكل خاص للتغيرات في السياسة النقدية الأمريكية، نظراً لأهمية التجارة والاستثمار بين المنطقتين.

صفقات الاندماج والاستحواذ وتأثيرها

بالإضافة إلى ذلك، أثرت بعض الصفقات الكبرى على معنويات المستثمرين. فقد انخفضت أسهم شركة فيوليا الفرنسية للمياه وإدارة النفايات بنسبة 1% بعد الإعلان عن موافقتها على الاستحواذ على شركة “كلين إيرث” الأمريكية المتخصصة في إدارة النفايات الخطرة من شركة “إنفيري” مقابل 3 مليارات دولار. وتعتبر هذه الصفقة جزءاً من اتجاه أوسع نحو الاستثمار في قطاع الاستدامة والبيئة.

ويتجه مؤشر ستوكس 600 حالياً نحو خسائر أسبوعية تبلغ حوالي 3%، وهو ما يمثل أكبر انخفاض له منذ فترة الاضطرابات التي أعقبت إعلان الرسوم الجمركية الأمريكية في أواخر مارس وبداية أبريل. يذكر أن حالة التشاؤم هذه تأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تباطؤاً ملحوظاً، مع تزايد المخاوف بشأن تأثير الحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة المتفاقمة.

يرى المحللون أن تذبذب أسواق المال من المرجح أن يستمر في المدى القصير، خاصةً مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن التضخم ومسار أسعار الفائدة. تشير التوقعات إلى أن البيانات الاقتصادية المقبلة، وخاصةً تقارير التضخم وأرقام النمو، ستلعب دوراً حاسماً في تحديد اتجاه الأسواق. ومع ذلك، يظل من السابق لأوانه التكهن بالاتجاه المستقبلي للأسواق، حيث يمكن لأي تطور جيوسياسي أو اقتصادي غير متوقع أن يغير الوضع بسرعة.

من المتوقع أن يراقب المستثمرون عن كثب اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي القادم في ديسمبر لتقييم مدى احتمالية تشديد السياسة النقدية. بالإضافة إلى ذلك، ستكون بيانات التضخم الأوروبية، التي من المقرر صدورها في الأسابيع القادمة، محورية في تحديد استجابة البنك المركزي الأوروبي. ويُنصح المستثمرون بالبقاء حذرين وتقييم المخاطر بعناية قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.

شاركها.