شهدت الروبية الهندية انخفاضاً حاداً، لتصل إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل الدولار الأمريكي، متأثرة بعدم وضوح آفاق اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة وعدم تدخل البنك الاحتياطي الهندي (RBI) بشكل مباشر في السوق. هذا الانخفاض يثير قلق المستوردين والشركات الهندية التي تعتمد على استقرار العملة في تعاملاتها التجارية. وبلغ سعر صرف الروبية الهندية 89.4812 مقابل الدولار، وهو مستوى قياسي جديد للتراجع.

جاء هذا التدهور بعد فترة من الاستقرار النسبي للروبية، مدعومة بتدخلات متقطعة من البنك المركزي الهندي. وسبق أن تدخل البنك الاحتياطي الهندي ببيع الدولار في محاولة لكبح جماح التقلبات، إلا أن هذه التدخلات لم تعد كافية لاحتواء الضغوط الحالية على العملة.

تأثير غياب اتفاق تجاري على قيمة الروبية الهندية

يُعزى ضعف الروبية الهندية بشكل كبير إلى استمرار حالة عدم اليقين بشأن التوصل إلى اتفاق تجاري شامل مع الولايات المتحدة. وكان محافظ البنك الاحتياطي الهندي، سانجاي مالهوترا، قد صرح مؤخراً بأن الضغوط على الروبية ستخف بمجرد إبرام اتفاق تجاري “جيد” مع أمريكا، إلا أن هذا لم يحدث حتى الآن.

وفقًا لبيانات البنك المركزي، انخفضت احتياطيات النقد الأجنبي بنحو 10 مليارات دولار منذ منتصف سبتمبر، مما يشير إلى استنفاد جزء من الموارد المتاحة للتدخل في سوق العملات. لم يصدر البنك المركزي أي تعليق رسمي فوري بشأن سبب عدم التدخل في هذه المرحلة.

ويرى محللون مثل أنينديا بانيرجي من “كوتاك سيكيوريتيز” أن هذا التراجع دفع المتداولين إلى إنهاء رهاناتهم ضد الدولار، مما زاد من الطلب على العملة الأمريكية. وهذا يعكس تحولاً في توقعات السوق بشأن مسار الروبية الهندية.

ردود فعل السوق وتوقعات المحللين

أشار ديليب بارمار، محلل العملات الأجنبية في “إتش دي إف سي سيكيوريتيز”، إلى أن السوق شهدت “ذعراً حقيقياً” بعد أن فشل البنك الاحتياطي الهندي في الدفاع عن مستوى 89. ويعزو بارمار ذلك إلى توقعات بتدخل البنك لدى تعثر قيمة الروبية، وهو الأمر الذي لم يتحقق.

يضيف ديراج نيم، من “مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية”، أن البنك الاحتياطي الهندي قد يكون “انسحب من السوق في ظل موجة متصاعدة من الطلب على الدولار”. ويرجح نيم أن البنك قد لا يرغب في مواصلة الدفاع عن مستوى معين أو استنزاف الاحتياطيات بشكل أكبر، خاصة في ظل عدم اليقين بشأن موعد التوصل إلى اتفاق تجاري.

وتُعدّ الروبية الهندية الأسوأ أداءً بين العملات الآسيوية الرئيسية هذا العام، حيث فقدت حوالي 4.3% من قيمتها مقابل الدولار. ويرجع ذلك جزئياً إلى التعريفات الجمركية الأمريكية على الصادرات الهندية، والتي تصل إلى 50% وتعتبر الأعلى بين دول المنطقة. هذا بالإضافة إلى عوامل اقتصادية عالمية مثل ارتفاع أسعار النفط وتزايد المخاوف بشأن الركود الاقتصادي العالمي، والتي تزيد من الضغوط على الروبية الهندية.

يرى ريتيش بهنسالي، نائب الرئيس التنفيذي في “ميكلاي فاينانشال سيرفيسز”، أن الطلب القوي على الدولار هو المحرك الرئيسي لتراجع الروبية في الوقت الحالي، وأن غياب تدخل البنك المركزي فاقم الوضع. وبينما لا توجد أخبار سلبية جديدة بشأن الاتفاق التجاري، فإن قوة الطلب على الدولار تظل هي السائدة. وتُشير التوقعات الحالية إلى استقرار الروبية حول مستوى 89.40.

هناك تركيز متزايد على السعي لتحقيق الاستقرار في سعر الصرف، مع الأخذ في الاعتبار التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية. من المتوقع أن يراقب البنك الاحتياطي الهندي عن كثب تطورات السوق، مع استعداده للتدخل إذا لزم الأمر. من الضروري متابعة المفاوضات التجارية بين الهند والولايات المتحدة ومراقبة حركة أسعار النفط وتطورات الاقتصاد العالمي لتقييم المسار المستقبلي للروبية الهندية. يُتوقع أن يكون هناك وضوح أكبر بشأن مستقبل الروبية الهندية بعد أي تطورات جديدة في هذه المجالات.

شاركها.