شهدت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا انخفاضًا ملحوظًا، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ مايو 2024. يأتي هذا التراجع بعد موافقة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على مناقشة خطة سلام مقترحة من الولايات المتحدة، بالتزامن مع توقعات بظروف جوية معتدلة تقلل من الحاجة إلى التدفئة. هذا الانخفاض يؤثر على سوق الطاقة الأوروبية ويثير تساؤلات حول مستقبل الإمدادات.
يحدث هذا الانخفاض في أسعار الغاز في وقت تشهد فيه أوروبا جهودًا لتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري وتنويع مصادر الطاقة. ومع ذلك، لا تزال روسيا لاعبًا رئيسيًا في سوق الطاقة العالمية، وأي تطورات تتعلق بإمداداتها تؤثر بشكل كبير على الأسعار. تأتي هذه التطورات في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا وتداعياتها الجيوسياسية والاقتصادية.
تراجع أسعار الغاز الطبيعي: العوامل المؤثرة
تعتبر موافقة زيلينسكي على مناقشة خطة السلام الأمريكية الروسية أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في هذا الانخفاض. تشمل الخطة، كما ورد، رفع بعض العقوبات المفروضة على روسيا. على الرغم من أن حصة روسيا من واردات الغاز الأوروبية انخفضت إلى أكثر من 10%، إلا أن زيادة صادرات الطاقة الروسية بشكل عام، بما في ذلك النفط، قد تؤدي إلى مزيد من الضغط على الأسعار.
توقعات الطقس المعتدل
بالإضافة إلى ذلك، تشير التوقعات الجوية الحديثة إلى أن شمال غرب أوروبا قد يشهد درجات حرارة قريبة من المعدل الطبيعي أو أعلى منه خلال أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر. هذا يعني انخفاضًا محتملاً في الطلب على الغاز المستخدم في التدفئة، مما يزيد من المعروض ويؤدي إلى انخفاض الأسعار. تعتمد هذه التوقعات على نماذج الأرصاد الجوية وقد تتغير.
تقلبات السوق ومستويات التخزين
شهدت أسواق الغاز تقلبات ملحوظة في الأسابيع الأخيرة، مما أثار حالة من عدم اليقين بين المتداولين. هذه التقلبات تعكس حساسية السوق للأخبار الجيوسياسية وتغيرات الطقس. في الوقت نفسه، تشير البيانات إلى تراجع مستويات تخزين الغاز في أوروبا، حيث بلغت حاليًا حوالي 81% من طاقتها الكاملة، مع تسارع وتيرة السحب بسبب موجة البرد الحالية.
هذا التراجع في المخزون يمثل ضغطًا إضافيًا على السوق، ولكنه لم يكن كافيًا لتعويض تأثير العوامل الأخرى التي تدفع الأسعار نحو الانخفاض. تعتبر مستويات التخزين مؤشرًا هامًا على أمن إمدادات الطاقة في أوروبا خلال فصل الشتاء.
انخفضت العقود الآجلة الهولندية للغاز، وهي المعيار الأوروبي، بنسبة 3.1% لتصل إلى 30.20 يورو لكل ميغاواط في الساعة في الساعة 8:13 صباحًا بتوقيت أمستردام، وفقًا لبيانات البورصة. يعكس هذا الانخفاض التغيرات في معنويات السوق وتوقعات الطلب والعرض.
اقرأ أيضاً: “شيفرون”: أسعار النفط ستتعرض لضغوط أكبر من الغاز المسال في 2026
يأتي هذا التطور في أعقاب فترة شهدت فيها أوروبا ارتفاعًا حادًا في أسعار الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا وتقليل الإمدادات الروسية. وقد دفعت هذه الأزمة الحكومات الأوروبية إلى اتخاذ تدابير لترشيد استهلاك الطاقة وتنويع مصادرها.
تعتبر أسعار الطاقة من العوامل الرئيسية التي تؤثر على التضخم والنمو الاقتصادي في أوروبا. لذلك، فإن أي انخفاض في الأسعار يعتبر تطورًا إيجابيًا للاقتصاد الأوروبي. ومع ذلك، يجب مراقبة الوضع عن كثب، حيث أن الأسعار لا تزال عرضة للتقلبات بسبب العوامل الجيوسياسية والطقسية.
بالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن تستمر أسعار الغاز الطبيعي في التذبذب بناءً على التطورات الجيوسياسية، وخاصة فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى الظروف الجوية السائدة. سيراقب السوق عن كثب أي تغييرات في سياسات الطاقة الروسية أو الأوروبية. كما أن تطورات مصادر الطاقة البديلة، مثل الطاقة المتجددة، ستلعب دورًا متزايد الأهمية في تحديد مستقبل أسعار الغاز.
من المهم أيضًا متابعة بيانات التخزين الأوروبية وتقارير الطلب والعرض لتقييم الوضع بشكل دقيق. لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن مدى استمرار هذا الانخفاض في الأسعار، وما إذا كان سيؤدي إلى استقرار سوق الطاقة الأوروبية على المدى الطويل.
