أعلنت المملكة العربية السعودية عن خطوات إضافية لتنفيذ خططها الطموحة لتسهيل تملك الأجانب للعقارات، والتي تشمل مجموعة واسعة من أنواع العقارات حتى في المدن المقدسة مكة والمدينة، اعتبارًا من شهر يناير القادم. يأتي هذا الإعلان كجزء من جهود أوسع نطاقًا لفتح الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط، وذلك تماشيًا مع رؤية 2030. وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز قطاع العقارات وجعله أكثر جاذبية للمستثمرين من جميع أنحاء العالم.
سيتمكن الأفراد والشركات غير السعودية من شراء العقارات السكنية والتجارية والزراعية والصناعية، بالإضافة إلى إمكانية امتلاك الأراضي بهدف تطويرها. وتشمل هذه التسهيلات المناطق الرئيسية في المملكة، بما في ذلك الرياض وجدة والمدن المقدسة، مع تحديد نسب ملكية متوقعة للأجانب تتراوح بين 70% و90% في المناطق المحددة.
تعديلات جوهرية في نظام تملك الأجانب للعقارات
تأتي هذه التعديلات في نظام تملك الأجانب للعقارات بعد موافقة المملكة في يوليو الماضي على مراجعة شاملة للقانون. تهدف هذه المراجعة إلى إزالة العقبات التي تعيق الاستثمار الأجنبي في القطاع العقاري، والذي يعتبر محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي. وبحسب مسؤولين في الهيئة العامة للعقار، فإن التعديلات الجديدة تمثل “فرقًا ملحوظًا” مقارنة بالقانون السابق.
شروط التملك في المدينتين المقدستين
أوضحت الهيئة العامة للعقار أن هناك شرطًا أساسيًا لتملك العقارات في مكة والمدينة، وهو أن يكون المشتري مسلمًا. ومع ذلك، أكد فهد بن سليمان، المدير التنفيذي لملكية العقار لغير السعوديين في الهيئة، أنه لا توجد قيود كبيرة أخرى مفروضة على المستثمرين في المدينتين المقدستين. هذا التوضيح يهدف إلى تبديد أي مخاوف بشأن صعوبة الاستثمار في هذه المناطق ذات الأهمية الدينية الكبيرة.
بوابة “عقارات السعودية” وتسهيل الإجراءات
بهدف تبسيط عملية الشراء، أطلقت الهيئة العامة للعقار مؤخرًا بوابة إلكترونية باسم “عقارات السعودية”. ستقوم هذه البوابة بدور حيوي في إدراج الأصول العقارية المؤهلة والمناطق الجغرافية المتاحة للأجانب للشراء. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من جهود الهيئة لزيادة الشفافية وتسهيل الوصول إلى المعلومات للمستثمرين المحتملين.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل الهيئة على تحديد المناطق التي سيسمح فيها للأجانب بالتملك، مع الأخذ في الاعتبار تقليل المخاطر الاستثمارية وضمان التوازن في السوق العقارية. وتشير التصريحات إلى أن هذه المناطق ستكون “واسعة جدًا” وستشمل المشاريع الضخمة التي تشهدها المملكة.
تأثيرات محتملة على سوق العقارات السعودي
من المتوقع أن يكون لقرار السماح للأجانب بتملك العقارات تأثير كبير على سوق العقارات السعودي. يعتقد خبراء في القطاع أن هذا الإجراء سيؤدي إلى زيادة الطلب على العقارات، وبالتالي ارتفاع الأسعار. الاستثمار العقاري قد يشهد نموًا ملحوظًا، مما يعزز من مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي.
بالتزامن مع هذه التطورات، تعمل الحكومة السعودية على تخفيف القيود في أسواق رأس المال الأخرى. وتتوقع السماح قريبًا بالملكية الأجنبية لحقوق الأغلبية في الأسهم السعودية، مما يعكس التزام المملكة بفتح اقتصادها وجذب الاستثمارات الأجنبية. هذه الخطوات تأتي في وقت تشهد فيه الرياض تحديات في جذب الشركات والمواهب والاستثمارات بسبب أزمة الإسكان.
القطاع العقاري في السعودية يشهد تحولًا كبيرًا، مدفوعًا برؤية 2030 والجهود المبذولة لتنويع مصادر الدخل. هذا التحول يتطلب تحديثًا شاملاً للأنظمة والقوانين المتعلقة بالاستثمار العقاري، وهو ما تسعى إليه الحكومة السعودية حاليًا.
في الوقت الحالي، تجري الهيئة العامة للعقار اللمسات الأخيرة على اللوائح الرسمية المنظمة لعملية تملك الأجانب للعقارات، ومن المتوقع الإعلان عنها قريبًا. يجب على المستثمرين المحتملين متابعة هذه اللوائح بعناية قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية. كما يجب مراقبة تأثير هذه التعديلات على أسعار العقارات وحركة السوق بشكل عام.
