شهدت الأسهم الأوروبية تراجعًا ملحوظًا خلال الأسبوع الحالي، متأثرة بموجة عزوف عن المخاطرة في الأسواق المالية العالمية. يأتي هذا الانخفاض وسط قلق متزايد بشأن التقييمات المرتفعة لأسهم شركات التكنولوجيا، بالإضافة إلى حالة من عدم اليقين تحيط بتوقعات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. هذا التراجع يؤثر على ثقة المستثمرين في الأسهم الأوروبية ويضعها تحت ضغط بيعي.
انخفض مؤشر “ستوكس أوروبا 600” بنسبة 1% في تعاملات صباح اليوم في لندن، مع تسجيل قطاعي التعدين والتكنولوجيا أكبر الخسائر. ويتجه المؤشر نحو تسجيل أسوأ أداء أسبوعي له منذ شهر أبريل الماضي، مما يعكس حالة التشاؤم السائدة في السوق.
تراجع أسهم التكنولوجيا والمعادن يقود السوق الأوروبية نحو الهبوط
تراجعت أسهم شركات التكنولوجيا بشكل خاص، حيث هبطت أسهم “سيمنس إنرجي” بنسبة 6.9% على الرغم من إعلان الشركة عن برنامج ضخم لإعادة شراء الأسهم. يعكس هذا الهبوط إقبال المستثمرين على جني الأرباح من بعض الأسهم التي حققت مكاسب كبيرة خلال العام الجاري.
كما تأثرت أسهم “إيه إس إم إل هولدينغ”، الرائدة في مجال تصنيع معدات أشباه الموصلات، بالتراجع العام، حيث انخفضت بنسبة 4.2%. هذا الانخفاض يؤكد أن الضغوط البيعية لا تقتصر على أسهم معينة، بل تمتد لتشمل قطاعات رئيسية في السوق.
يأتي هذا التراجع في أعقاب أداء متباين لمؤشر “إس آند بي 500” في الولايات المتحدة، والذي شهد أكبر تقلب يومي له منذ أبريل. وقد أثار الارتداد السريع بعد نتائج شركة “إنفيديا” القوية تساؤلات حول مدى استدامة هذا الزخم، خاصة مع تزايد المخاوف بشأن سياسة الفائدة الأمريكية.
مخاوف بشأن تقييمات الشركات وتباطؤ وتيرة خفض الفائدة
أشارت البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة إلى تباطؤ في وتيرة نمو التوظيف، مما أثار شكوكًا حول قدرة الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب. هذا الأمر يضيف إلى الضغوط على الأسهم بشكل عام، حيث يعتمد أداء هذه الأصول بشكل كبير على تكلفة الاقتراض.
يرى خبراء اقتصاديون أن هذا التراجع يمثل “تصحيحًا صحيًا” للسوق بعد فترة صعود طويلة، وقد يستمر حتى بداية الأسبوع المقبل. ومع ذلك، يتوقعون أن تتعافى الأسواق مع نهاية العام، مدعومة بتحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية.
أوضح أولريش أوربان، رئيس استراتيجية الأصول المتعددة والبحوث في “بيرنبرغ”، أن بعض الصناديق التي تتبع المؤشرات قد تضطر إلى تقليص المخاطر، مما قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط البيعية. لكنه أكد على توقعاته بتعافي السوق في نهاية العام.
تأثير السياسة النقدية الأمريكية على مستقبل الأسهم الأوروبية
يتداول مؤشر “ستوكس 600” حاليًا عند مستوى أقل بنحو 5% من أعلى مستوى قياسي سجله الأسبوع الماضي. ويرى بعض المستثمرين أن السوق قد تشهد مزيدًا من التراجعات حتى تتضح الرؤية بشأن آفاق السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي. السياسة النقدية الأمريكية تعتبر من العوامل الرئيسية التي تؤثر على أسواق الأسهم العالمية.
من جهته، أشار غييرمو هيرنانديز سامبير، رئيس قسم التداول في شركة إدارة الأصول “إم بي بي إم”، إلى أن رد فعل السوق يعكس حالة من عدم اليقين بشأن وضع سوق العمل الأمريكي، والتي تفاقمت بسبب تأجيل نشر بعض البيانات الاقتصادية نتيجة للإغلاق الحكومي الجزئي في الولايات المتحدة.
وأضاف روري ماكفيرسون، المدير التنفيذي للاستثمار في “ماغنوس فاينانشال ديسكريشيناري مانجمنت”، أن هذا التراجع يعتبر منطقيًا بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته أسهم التكنولوجيا خلال العام الجاري.
في الختام، يترقب المستثمرون اجتماع الاحتياطي الفيدرالي القادم، والذي من المتوقع أن يشهد إعلانًا عن قرارات بشأن أسعار الفائدة. هذه القرارات ستكون حاسمة في تحديد مسار الأسهم الأوروبية على المدى القصير، مع بقاء حالة عدم اليقين هي السائدة حتى صدور هذه القرارات. من المهم متابعة البيانات الاقتصادية الأمريكية والتصريحات الصادرة عن مسؤولي الفيدرالي لتقييم المخاطر والفرص الاستثمارية في السوق.
