شهدت بتكوين، أكبر عملة رقمية في العالم، تقلبات حادة خلال الـ 24 ساعة الماضية، مسجلةً أسوأ أداء شهري لها منذ الانهيارات التي ضربت سوق العملات المشفرة في عام 2022. تراجع سعر العملة بشكل ملحوظ، مما أثار قلق المستثمرين وأعاد إلى الأذهان المخاطر المرتبطة بهذه الأصول الرقمية المتقلبة. هذا الانخفاض يأتي في ظل حالة عامة من التخوف في الأسواق المالية العالمية.
انخفضت قيمة بتكوين بنسبة 6.4% لتصل إلى 81,629 دولارًا اليوم، قبل أن تستعيد جزءًا من خسائرها، وفقًا لبيانات جمعتها وكالة بلومبرغ. وتشير البيانات إلى أن العملة تتداول حاليًا عند 84,166 دولارًا. وتفاقمت الضغوط البيعية مع تصفية مراكز مالية ممولة بالديون بقيمة ملياري دولار إضافية، مما يعكس حالة الذعر التي تسيطر على بعض المستثمرين.
أسباب تراجع سعر بتكوين
يعود سبب هذا التراجع الحاد إلى عدة عوامل متضافرة، أبرزها عزوف المستثمرين عن المخاطرة واستمرار موجة البيع التي بدأت في العاشر من أكتوبر الماضي. وقد أدت هذه الموجة إلى خسارة سوق الأصول الرقمية ما يزيد عن تريليون ونصف دولار من قيمتها الإجمالية. هذا الانخفاض يمثل تحولًا كبيرًا في معنويات السوق بعد فترة من الارتفاعات القياسية.
يرى جورج ماندريس، كبير المتداولين في شركة XBTO Trading، أن “صدمة العاشر من أكتوبر أثبتت أنها أكثر استمرارية مما كان متوقعًا. ورغم محاولات المشاركين في السوق تجاوزها، إلا أنها لا تزال تؤثر على شهية صانعي السوق وقدرة المتعاملين على تحمل المخاطر”. هذا يشير إلى أن الثقة في السوق لا تزال هشة.
مبيعات كبار الحائزين والغموض الاقتصادي
تعتبر مبيعات كبار الحائزين لـ بتكوين من الأسباب الرئيسية وراء الانخفاض. أشار جيمس باترفيل، رئيس الأبحاث في CoinShares، إلى أن “العملات المشفرة تشهد مبيعات مكثفة يقودها كبار الحائزين الذين يتبعون دورة الأربع سنوات، حيث تشهد الأسعار عادةً انخفاضًا في هذه المرحلة”. وأضاف أن كبار الحائزين قاموا ببيع ما يزيد عن 20 مليار دولار منذ شهر سبتمبر.
بالإضافة إلى ذلك، فاقم الغموض المحيط بمسار أسعار الفائدة في الولايات المتحدة من الخسائر التي لحقت بالعملات المشفرة. وقال جيك أوستروفسكيس، رئيس تداولات Over the Counter في شركة Wintermute، إن “الغموض بشأن سياسات الاحتياطي الفيدرالي يحد من استعداد المستثمرين لتحمل المخاطر، وهو ما ينعكس بوضوح على الأصول الأكثر تقلبًا مثل بتكوين“.
بتكوين تتراجع أمام الأصول التقليدية
أدى هبوط بتكوين إلى تراجعها بشكل ملحوظ مقارنة بالأصول التقليدية مثل الذهب والسندات. فالعملة التي كان يُنظر إليها على أنها “ملاذ آمن” تجد صعوبة في مجاراة أداء الأصول الأمريكية الأخرى والذهب. وقد انخفضت بتكوين بنحو 30% عن ذروتها المسجلة في وقت سابق من العام.
ومع ذلك، لا تزال بتكوين تتداول فوق مستويات ما قبل إعادة انتخاب دونالد ترامب. وتشير بيانات الخيارات إلى أن احتمال عودة بتكوين إلى ذروتها القياسية فوق 126 ألف دولار بحلول نهاية العام لا يتجاوز 5%، وفقًا لبيانات منصة Deribit التابعة لـ Coinbase. هذا يشير إلى أن التوقعات المستقبلية للعملة لا تزال غير مؤكدة.
من المتوقع أن يراقب المستثمرون عن كثب بيانات التضخم الأمريكية القادمة وقرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. كما أن تطورات تنظيم العملات المشفرة في مختلف البلدان ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد مسار بتكوين في المستقبل القريب. يبقى السوق الرقمي متقلبًا، ويتطلب الحذر والتحليل الدقيق قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.
