أعلنت شركات تكرير هندية حكومية عن إبرام أول اتفاق طويل الأجل لاستيراد 2.2 مليون طن من غاز البترول المُسال (LPG) من الولايات المتحدة في العام المقبل. يأتي هذا الاتفاق كجزء من استراتيجية أوسع لتعزيز علاقات الطاقة بين البلدين، بالتزامن مع مفاوضات تجارية مستمرة بين نيودلهي وواشنطن. ويهدف هذا التحرك إلى تنويع مصادر إمداد الهند من غاز البترول المسال، الذي يشهد استهلاكاً متزايداً.
تأتي هذه الخطوة من جانب شركات “إنديان أويل” و “بهارات بتروليوم” و “هندوستان بتروليوم” بعد مناقصة مشتركة لشراء إمدادات أمريكية. ووفقاً لتصريحات وزير النفط الهندي هارديب بوري عبر منصة “إكس”، من المتوقع أن يغطي هذا الاتفاق ما يقرب من 10% من واردات الهند من غاز البترول المسال، معتبراً خطوة ذات أهمية كبيرة في توطيد الشراكة بين البلدين في قطاع الطاقة.
تنامي استهلاك غاز البترول المسال في الهند وتأثيره على السوق العالمية
يمثل هذا الاتفاق زيادة ملحوظة في واردات الهند من غاز البترول المسال من الولايات المتحدة، مقارنة بالعام الماضي الذي لم تتجاوز فيه نسبة واردات الولايات المتحدة 0.6% من إجمالي الاستهلاك الهندي. وتعتمد الهند بشكل رئيسي على قطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية لتلبية احتياجاتها من هذا الوقد، وفقاً لبيانات شركة “كبلر” المتخصصة في بيانات الطاقة.
الزيادة في الطلب الهندي على غاز البترول المسال تأتي مدفوعة ببرامج حكومية واسعة النطاق تهدف إلى توفير وقود نظيف للطبقات الفقيرة. وقد شهد استهلاك غاز البترول المسال في الهند نمواً كبيراً بنسبة 74% خلال العقد الماضي، متجاوزاً النمو في استهلاك أنواع الوقود الأخرى، وذلك بفضل مبادرة رئيس الوزراء ناريندرا مودي لتشجيع استخدام غاز البترول المسال كبديل للوقود الحيوي في الطهي المنزلي.
تداعيات الاتفاق على المفاوضات التجارية الهندية الأمريكية
يأتي هذا الاتفاق في وقت حرج بالنسبة للعلاقات التجارية بين الهند والولايات المتحدة. تشهد الدولتان مفاوضات مستمرة بهدف تخفيض الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على بعض السلع الهندية، والتي اعتُبرت جزئياً رد فعل على مشتريات الهند من النفط الروسي. ووفقاً لتقارير، فإن هذه الرسوم أثرت سلباً على أكثر من نصف البضائع الهندية المصدرة إلى السوق الأمريكية، مما أثار مخاوف بشأن طموحات الهند الصناعية.
ومع ذلك، فقد أعرب مسؤولون هنود مؤخرًا عن تفاؤل حذر بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري في المستقبل القريب. ويُنظر إلى اتفاقية غاز البترول المسال على أنها علامة إيجابية على التعاون المتزايد بين البلدين، وقد تساعد في تسهيل المفاوضات حول قضايا تجارية أخرى معلقة.
وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن “فيليبس 66” ستزود الهند بشحنتين شهرياً بموجب هذا العقد، بينما ستزود كل من “شيفرون” و “توتال” بشحنة واحدة شهرياً. وسيعتمد تسعير الإمدادات على سعر “مونت بلفيو” المرجعي، كما ذكر وزير النفط الهندي.
تأثيرات محتملة على أسواق الطاقة والخطوات المستقبلية
من المتوقع أن يعزز هذا الاتفاق مكانة الولايات المتحدة كمورد مهم لغاز البترول المسال للهند، مما يساهم في تنويع مصادر الإمداد وتقليل الاعتماد على منطقة الخليج العربي. قد يؤدي ذلك أيضًا إلى زيادة المنافسة في سوق غاز البترول المسال الهندي، وربما يخفض الأسعار للمستهلكين.
بالإضافة إلى ذلك، قد يشجع هذا الاتفاق شركات التكرير الهندية الأخرى على استكشاف إمكانات الاستيراد من الولايات المتحدة. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من جهود الهند الأوسع نطاقًا لتعزيز أمن الطاقة لديها وتنويع الشراكات الاستراتيجية في قطاع الطاقة.
الخطوة القادمة المتوقعة هي استكمال الإجراءات القانونية والتنفيذية للاتفاق، بما في ذلك توقيع العقود النهائية وتحديد جداول التسليم. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض أوجه عدم اليقين، مثل تطورات المفاوضات التجارية الهندية الأمريكية، والتغيرات المحتملة في أسعار الطاقة العالمية، والظروف الجيوسياسية في المنطقة. سيكون من المهم مراقبة هذه التطورات عن كثب لتقييم التأثير الكامل لهذا الاتفاق على سوق الطاقة الهندي والعلاقات بين الهند والولايات المتحدة.
