عاد رجل الأعمال إيلون ماسك إلى البيت الأبيض يوم الثلاثاء، في إشارة إلى تحسن العلاقات بينه وبين الرئيس دونالد ترمب، بعد فترة من التوتر شهدتها العلاقة بينهما هذا العام. يأتي هذا التطور بعد خلافات حول الإنفاق الحكومي، مما أثر على نفوذ إيلون ماسك السياسي المتزايد في الأشهر الأخيرة. وقد حضر ماسك مأدبة تكريم الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، إلى جانب شخصيات بارزة في عالم الأعمال والسياسة.
الزيارة، التي جرت بحضور كبار المسؤولين وقادة الحزب الجمهوري، بما في ذلك نائب الرئيس جيه دي فانس ورئيس مجلس النواب مايك جونسون، بالإضافة إلى شخصيات عالمية مثل كريستيانو رونالدو، تمثل عودة ملحوظة لماسك إلى دائرة صانعي القرار في واشنطن. وتأتي بعد فترة من الابتعاد، حيث كان ماسك قد غادر البيت الأبيض في مايو الماضي، إثر خلافات علنية مع ترمب حول سياسات خفض الضرائب وتأثيرها على الميزانية.
تراجع نفوذ إيلون ماسك ثم عودته إلى واشنطن
شهد نفوذ ماسك السياسي ذروته في وقت سابق من العام الحالي، عندما لعب دورًا رئيسيًا من خلال “وزارة الكفاءة الحكومية” التي أسسها، والتي سعت إلى تنفيذ سياسات لخفض الإنفاق الحكومي. وقد كان ماسك أكبر متبرع فردي لحملة ترمب الانتخابية لعام 2024، حيث وجهت غالبية تبرعاته لدعم المرشح الجمهوري.
لكن هذا الانخراط السياسي لم يخلُ من تبعات. فقد أظهرت استطلاعات الرأي أن صورة شركة “تسلا” قد تأثرت سلبًا، حيث ربط بعض المستهلكين بين مواقف ماسك السياسية اليمينية ومنتجات الشركة. كما أعرب المستثمرون عن قلقهم من أن تركيز ماسك على السياسة قد يصرف انتباهه عن الابتكار وتطوير الأعمال في “تسلا” وشركاته الأخرى.
الخلاف حول الإنفاق الحكومي
تصاعد الخلاف بين ماسك وترمب بسبب مشروع قانون خفض الضرائب الذي اعتبره ماسك سببًا في زيادة العجز المالي. وقد عبّر ماسك عن استيائه من هذه السياسة، وهدد في وقت لاحق بتأسيس حزب سياسي ثالث لمنافسة الحزبين الديمقراطي والجمهوري، معتبرًا أن النظام السياسي الحالي يمثل “احتكارًا” يحد من الخيارات المتاحة للناخبين.
وقد أثار هذا التهديد ردود فعل واسعة النطاق، حيث سارع بعض الجمهوريين، وعلى رأسهم نائب الرئيس فانس، إلى محاولة إقناع ماسك بالعدول عن قراره والعودة إلى دعم الحزب الجمهوري.
دور رئيس مجلس إدارة تسلا
في هذا السياق، صرحت روبين دينهولم، رئيسة مجلس إدارة “تسلا”، بأن ماسك يتمتع بحرية كبيرة في الانخراط السياسي في المستقبل، شريطة أن يحقق أهداف الأداء المتعلقة بحزمة تعويضاته الضخمة التي تقدر بتريليون دولار. وهذا يعني أن قدرة ماسك على التأثير في السياسة قد تكون مرتبطة بشكل مباشر بقدرته على تحقيق النجاح في أعماله.
الزيارة الأخيرة لماسك إلى البيت الأبيض، وحضوره مأدبة الأمير محمد بن سلمان، تشير إلى محاولة لإعادة بناء الجسر بينه وبين ترمب، وربما إلى استكشاف سبل جديدة للتعاون في مجالات ذات اهتمام مشترك، مثل التكنولوجيا والطاقة.
من الجدير بالذكر أن هذه التطورات تأتي في ظل مناخ سياسي واقتصادي متقلب، حيث تواجه الولايات المتحدة تحديات كبيرة في مجالات مثل الدين العام والتضخم والابتكار التكنولوجي.
الاستثمار الأجنبي كان له دورًا أيضًا في هذه اللقاءات، حيث يمثل الأمير محمد بن سلمان شريكًا استثماريًا رئيسيًا للولايات المتحدة، وحضوره إلى جانب قادة الصناعة الأمريكية يعكس أهمية هذه الشراكة.
من المتوقع أن يستمر الجدل حول دور إيلون ماسك في السياسة، وتأثيره على صورة “تسلا” وأدائها المالي.
في المستقبل القريب، سيكون من المهم مراقبة مدى التزام ماسك بأهداف الأداء التي حددها مجلس إدارة “تسلا”، وكيف ستؤثر هذه الالتزامات على قدرته على الانخراط في الأنشطة السياسية. كما سيكون من المهم متابعة التطورات المتعلقة بمشروع قانون خفض الضرائب، وتأثيره على الميزانية الأمريكية.
بالإضافة إلى ذلك، يجب الانتباه إلى أي تحركات جديدة من قبل ماسك فيما يتعلق بتأسيس حزب سياسي ثالث، وما إذا كان سيتمكن من حشد الدعم اللازم لتحقيق هذا الهدف.
