تشير التوقعات إلى استمرار زخم أسهم شركات الذكاء الاصطناعي على الصعيد العالمي، مدفوعة بخطط الإنفاق الضخمة لهذه الشركات والاعتماد المتزايد على هذه التقنيات من قبل المستخدمين. يأتي هذا التفاؤل على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن احتمالية تشكل فقاعة سعرية في هذا القطاع، وفقًا لتقارير شركة “فيديلتي إنترناشونال”.

يرى جوزيف تشانغ، مدير المحافظ في “فيديلتي إنترناشونال”، أن الانخفاض الأخير في أسهم شركات تصنيع أشباه الموصلات، والذي سبق إعلان نتائج شركة “إنفيديا” المتوقعة هذا الأسبوع، هو تصحيح مؤقت. وأضاف أن استمرار الإنفاق الرأسمالي في مجال الذكاء الاصطناعي وثبات معدلات الاستخدام هما العاملان الرئيسيان اللذان يدعمان توقعاته بارتداد صعودي في الأسعار.

صعود أسهم الذكاء الاصطناعي: هل هي فقاعة أم ثورة؟

أكد تشانغ، الذي يشرف على إدارة أصول تتجاوز قيمتها 10 مليارات دولار، أننا ما زلنا في المراحل الأولى من هذه الموجة الصاعدة، وأن الخروج المبكر من الاستثمار في أسهم الذكاء الاصطناعي قد يكون خطأً فادحًا. يعكس هذا الرأي التفاؤل السائد بين العديد من المستثمرين، على الرغم من التحذيرات بشأن التقييمات المبالغ فيها التي أدت إلى تراجع بعض الأسهم الرائدة في هذا المجال.

يعتبر الكثيرون هذا الازدهار بمثابة ثورة تكنولوجية تحدث مرة واحدة في كل جيل، مما يجعل مقارنته بمجرد موجة عابرة في سوق الأسهم أمرًا صعبًا. كما أن دخول شخصيات بارزة مثل جيف بيزوس في مشاريع جديدة متعلقة بالذكاء الاصطناعي يعزز هذا التوجه الإيجابي.

إمكانات النمو الهائلة

يتفق هارتفيغ كوس، رئيس قسم الأصول متعددة الفئات للنمو في شركة “أليانز غلوبال إنفستورز”، مع هذا الرأي. ويشير إلى أن قلة من الناس يدركون بشكل كامل الإمكانات الحقيقية للذكاء الاصطناعي، وأن المستثمرين لم يستوعبوا بعد جميع قدراته. لذلك، يرى كوس أن الحديث عن فقاعة في هذه المرحلة المبكرة هو أمر سابق لأوانه.

ويرى المحللون أن عدم وجود مؤشرات واضحة على تباطؤ النمو، مثل انخفاض الإنفاق الرأسمالي أو معدلات الاستخدام، أو ظهور تقنيات بديلة تقلل من الحاجة إلى مراكز البيانات والرقائق، يدعم وجهة النظر القائلة بأن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد فقاعة. تواصل الشركات العاملة في هذا المجال تحقيق نمو في الأرباح، وتشهد أسعار رقائق الذاكرة ارتفاعًا مستمرًا.

ويرفض تشانغ فكرة “الاستثمار الدائري” بين شركات الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن هذه الثورة تتطلب تعاونًا مشتركًا لبناء منظومة جديدة. ويعرب عن تفاؤله بدورات السوق في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على المدى المتوسط.

مخاوف من جني الأرباح وتصحيح الأسعار

ومع ذلك، فإن تزايد الخسائر في أسهم شركات التكنولوجيا يمثل تحديًا لهذا التفاؤل. فقد شهدت أسهم شركات أشباه الموصلات الأمريكية المدرجة في البورصة عمليات جني أرباح في شهر نوفمبر الحالي، حيث انخفض مؤشر أميركي للرقائق بنسبة 9.4%، متجهاً نحو أسوأ أداء له منذ شهر مارس الماضي. وانخفض مؤشر “بلومبرغ” لنظيراتها الآسيوية بأكثر من 7%.

يحذر مارك بولتون، مدير المحفظة الرئيسي في “بيكتت أسست مانجمنت”، من أن الحماس المفرط تجاه الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى خيبة أمل، وأن المستثمرين سيحتاجون إلى إعادة تقييم توقعاتهم في المستقبل. ويعرب يونغ جاي لي، مدير آخر في “بيكتت”، عن تراجعه عن حماسه السابق تجاه أسهم أشباه الموصلات الآسيوية، مشيرًا إلى أن فرص النمو الحالية أقل مما كانت عليه في السابق.

التحوط من المخاطر ومراقبة الأداء

تظهر بعض المؤشرات تذكيرًا بفترة انفجار فقاعة الإنترنت، ولكن الحفاظ على النظرة التفاؤلية تجاه الذكاء الاصطناعي يتطلب تجاوز هذه الإشارات التحذيرية. تشكل مجموعة “العظماء السبعة” – التي تضم عمالقة التكنولوجيا الأمريكية مثل “إنفيديا” و”مايكروسوفت” و”أبل” – الجزء الأكبر من مكاسب مؤشر “إس آند بي 500”. حتى مطلع الشهر الجاري، تجاوزت القيمة السوقية لشركة “إنفيديا” وحدها القيمة المجمعة لأسواق الأسهم في إيطاليا وإسبانيا والإمارات وهولندا مجتمعة.

في آسيا، يتطلب الاستثمار في هذا القطاع إيمانًا أكبر بالتكنولوجيا لتعويض تأثير التحديات الاقتصادية الخاصة بالمنطقة، مثل التوترات التجارية وضعف الاقتصاد الصيني. ويرى تشانغ أن جزءًا من موجة البيع الأخيرة ناجم عن عمليات التحوط قبيل إعلان نتائج “إنفيديا”، حيث قام المستثمرون بشراء عقود خيارات البيع للحماية.

يتداول سهم “إنفيديا” حاليًا بمضاعف ربحية 29 مرة متوقعة خلال 12 شهرًا، لكن تقييمه يبدو “معقولاً” في ظل النمو القوي. كما أن شركات التوريد الأساسية لها في آسيا، مثل “تايوان لتصنيع أشباه الموصلات” و”سامسونغ إلكترونيكس”، لا تزال أرخص سعرًا، بحسب تشانغ. ويختتم تشانغ بالقول: “ما دامت الأساسيات قوية، فإن بعض الحركات التصحيحية الناتجة عن السيولة تشكل عادة فرصًا للشراء”.

من المتوقع أن يكون إعلان نتائج شركة “إنفيديا” هذا الأسبوع هو المحرك الرئيسي لاتجاهات السوق في قطاع الذكاء الاصطناعي. سيكون من المهم مراقبة أداء الشركة وتقييم تأثير ذلك على ثقة المستثمرين. كما يجب متابعة التطورات الاقتصادية العالمية والتغيرات في السياسات التجارية، والتي قد تؤثر على نمو هذا القطاع الواعد.

شاركها.