تواجه السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي تحديًا جديدًا مع تأخر بيانات المسوح الاقتصادية، وتأكيد مسؤولين عدم إمكانية جمع بعض البيانات على الإطلاق. وقد أدى ذلك إلى تعقيد مهمة الاحتياطي الفيدرالي في اتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة خلال اجتماع الشهر المقبل. هذا التأخير يثير تساؤلات حول دقة الصورة الاقتصادية المتاحة للمصرفيين المركزيين عند تحديد مسار أسعار الفائدة.
وجاءت هذه التصريحات من مسؤولين في بنك الاحتياطي الفيدرالي، لم يتم الكشف عن هوياتهم، خلال مناقشات حول الاستعداد للاجتماع المقبل للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC). ويشكل جمع بيانات المسوح الاقتصادية، مثل مسح الإنفاق الاستهلاكي ومسح ظروف الأعمال، جزءًا أساسيًا من عملية تقييم الاحتياطي الفيدرالي للصحة الاقتصادية، ويُستخدم لتوجيه قراراته بشأن السياسة النقدية.
تأثير تأخير المسوح على قرارات أسعار الفائدة
تأتي هذه المشكلة في وقت يحاول فيه الاحتياطي الفيدرالي موازنة الحاجة إلى مكافحة التضخم المستمر مع تجنب التسبب في ركود اقتصادي. كانت البيانات الواردة من المسوح الاقتصادية تعتبر حتى الآن مؤشرًا حيويًا على مرونة الاقتصاد الأمريكي وقدرته على تحمل ارتفاع السياسة النقدية المشددة.
أسباب التأخير والتعطيل
تعزى أسباب التأخير في جمع بيانات المسوح بشكل أساسي إلى الصعوبات اللوجستية والتشغيلية التي واجهتها فرق المسح الميدانية، بالإضافة إلى انخفاض معدلات الاستجابة من جانب الشركات والأفراد. ذكر العديد من المحللين أن التغييرات في قوة العمل، والاضطرابات في سلاسل الإمداد، والظروف الجوية القاسية ساهمت في هذه المشكلات.
علاوة على ذلك، أشارت تقارير إلى أن بعض الشركات، خاصة الصغيرة منها، أصبحت مترددة في المشاركة في المسوح بسبب مخاوف بشأن الخصوصية أو ببساطة نقص الوقت والموارد. وهذا الانخفاض في الاستجابة يهدد بجعل البيانات المتاحة أقل تمثيلاً للواقع الاقتصادي، مما يزيد من صعوبة اتخاذ قرارات دقيقة.
من جهة أخرى، تتطلب عملية جمع البيانات وتصنيفها وقتًا وجهدًا كبيرين. حيث يعتمد بنك الاحتياطي الفيدرالي على معالجة كمية هائلة من المعلومات لإنشاء صورة شاملة للاقتصاد.
التداعيات المحتملة على التضخم والنمو الاقتصادي
إذا كانت البيانات المتاحة للاحتياطي الفيدرالي غير كاملة أو متأخرة، فقد يضطر المسؤولون إلى الاعتماد بشكل أكبر على مؤشرات اقتصادية أخرى، مثل أرقام التوظيف ومبيعات التجزئة، لاتخاذ قراراتهم. قد يؤدي هذا إلى اتخاذ قرارات أقل دقة وتزيد من خطر الأخطاء في السياسة النقدية.
يرى بعض الاقتصاديين أن التأخير في بيانات المسوح قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى تبني موقف أكثر حذرًا، مما يؤدي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أبطأ مما كان مخططًا له. في المقابل، يخشى آخرون من أن نقص البيانات قد يؤدي إلى رد فعل مبالغ فيه من جانب الاحتياطي الفيدرالي، مما يهدد بتسارع الركود الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر هذا النقص في البيانات على أسواق المال ويؤدي إلى زيادة التقلبات وعدم اليقين. ويتطلب المستثمرون معلومات موثوقة وحديثة لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة، وقد يؤدي عدم توفر هذه المعلومات إلى تراجع الثقة وزيادة المخاطر.
ومع ذلك، فقد صرح بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بأنهم ملتزمون باستخدام أفضل البيانات المتاحة لاتخاذ قراراتهم، وأنهم على استعداد لتعديل استراتيجياتهم إذا لزم الأمر. ويؤكدون أنهم سيراقبون عن كثب المؤشرات الاقتصادية الأخرى لتعويض النقص في بيانات المسوح.
في سياق مماثل، تعمل إدارة الإحصاءات الأمريكية على بذل جهود إضافية لتحسين جمع البيانات وزيادة معدلات الاستجابة. وتشمل هذه الجهود استخدام تقنيات جديدة، مثل الاستبيانات عبر الإنترنت، وتوسيع نطاق حملات التوعية بأهمية المشاركة في المسوح.
وعلى الرغم من هذه الجهود، لا يزال من غير الواضح متى ستعود بيانات المسوح إلى طبيعتها. ويعتمد ذلك على مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك تطورات الوضع الاقتصادي العالمي ومدى استجابة الشركات والأفراد لمحاولات جمع البيانات.
مستقبل السياسة النقدية والتحديات القادمة
يخطط الاحتياطي الفيدرالي لعقد اجتماعه التالي في الفترة من 12 إلى 13 ديسمبر المقبل، حيث سيراجع أحدث البيانات الاقتصادية ويقرر ما إذا كان سيواصل رفع أسعار الفائدة أم لا. من المتوقع أن يكون هذا الاجتماع حاسمًا في تحديد مسار السياسة النقدية في الأشهر المقبلة.
تظل حالة الاقتصاد الأمريكي غير مؤكدة، وسط مخاوف من تباطؤ النمو العالمي وارتفاع التضخم. يترقب المستثمرون والاقتصاديون عن كثب قرارات الاحتياطي الفيدرالي لتقييم المخاطر والفرص في الأسواق المالية. وستلعب جودة البيانات المتاحة دوراً حيوياً في تشكيل هذه التوقعات.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يستمر الاحتياطي الفيدرالي في مراقبة تطورات سوق العمل وأسعار السلع والخدمات عن كثب. وستؤثر هذه التطورات أيضًا على قراراته بشأن السياسة النقدية. وتشير التقديرات الحالية إلى أن التضخم قد يستغرق بعض الوقت للعودة إلى المستوى المستهدف من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
