أكد معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تواصل تعزيز مكانتها كمركز عالمي رائد في مجال التمويل الإسلامي، وذلك بفضل رؤية القيادة الرشيدة والبيئة التنظيمية الداعمة. وقد شهد القطاع نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مدفوعاً بالابتكار والتشريعات الحديثة التي توازن بين مبادئ الشريعة الإسلامية ومتطلبات الاقتصاد الحديث. هذا التطور يعكس التزام الإمارات بتنويع اقتصادها وتعزيز دوره في النظام المالي العالمي.

الإمارات تعزز ريادتها في التمويل الإسلامي

تُصنف الإمارات العربية المتحدة باستمرار ضمن أفضل ثلاث دول في مؤشر الاقتصاد الإسلامي العالمي، وحافظت على هذا التصنيف للعام الثالث على التوالي. ووفقاً لتقرير مؤشر التمويل الإسلامي لعام 2023، تحتل الدولة المرتبة الرابعة عالمياً من حيث حجم الأصول في الأسواق المالية الإسلامية. يعزى هذا النجاح إلى جهود متواصلة لتطوير البنية التحتية القانونية والتنظيمية للقطاع.

نمو أصول التمويل الإسلامي

أظهرت البيانات أن التمويل الإسلامي شكل 23% من إجمالي أصول القطاع المصرفي في دولة الإمارات في عام 2022، ما يعادل 845 مليار درهم. وفي النصف الأول من عام 2024، ارتفعت هذه النسبة إلى 29%، مسجلة نمواً بنسبة 5.7%، وهي وتيرة تتجاوز نمو البنوك التقليدية الكبرى التي بلغت 5.4%. تتوقع وكالة “فيتش للتصنيف الائتماني” استمرار هذا النمو المتسارع للقطاع المصرفي الإسلامي في الدولة على المدى المتوسط.

توسع سوق الصكوك الإسلامية

شهد سوق الصكوك الإسلامية في الإمارات توسعاً كبيراً، حيث أصدرت الحكومة الاتحادية مؤخراً صكوك خزينة إسلامية بالدرهم. يعتبر هذا الإصدار حافزاً للكيانات الأخرى في القطاع لتبني هذه الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. كما شهد التمويل المستدام نمواً سريعاً، خاصة بعد إصدار أول صكوك خضراء في عام 2019.

وبحسب البيانات، بلغت إصدارات الصكوك المتوافقة مع مبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) في الإمارات 15% من إجمالي الصكوك العالمية، مما يؤكد التزام الدولة بالاستدامة والمسؤولية الاجتماعية.

استراتيجيات الاستدامة في البنوك الإسلامية

أظهرت دراسة حديثة أجراها مصرف الإمارات المركزي حول قطاع المصارف الإسلامية أن 79% من هذه البنوك تعتمد استراتيجية استدامة في عملياتها. كما أفادت 74% من البنوك الإسلامية بأن استراتيجياتها في هذا المجال قد تم اعتمادها على مستوى مجلس الإدارة. وأكدت جميع البنوك الإسلامية المشاركة في الدراسة أنها تمتلك استراتيجيات للاستدامة، بينما لا تزال بعض استراتيجيات المصارف التقليدية التي تقدم خدمات إسلامية قيد التطوير أو في انتظار الموافقة عليها.

مرسوم بقانون اتحادي يعزز الإطار القانوني للتمويل الإسلامي

في إطار جهودها لتعزيز التمويل الإسلامي، عملت وزارة الاقتصاد بالتعاون مع شركائها على إعداد وتطوير المرسوم بقانون اتحادي رقم 50 لعام 2022 بشأن المعاملات التجارية. يهدف هذا القانون إلى تعزيز القطاع الخاص في المعاملات المالية والمصرفية الإسلامية في دولة الإمارات. يعتبر هذا القانون ركيزة أساسية لتطوير النمو المصرفي الإسلامي ودعم المؤسسات والكيانات العاملة في هذا المجال.

بالإضافة إلى ذلك، يوفر القانون ضمانات وتأمينات كافية ضد القروض، مما يعزز الاستقرار المالي. كما ينظم العلاقات التعاقدية ويدعم استقرار المعاملات ويحمي العملاء، مع توفير رقابة تشريعية شاملة بدلاً من الاعتماد فقط على الفتاوى الصادرة عن الهيئات المتخصصة. يشمل القانون أحكاماً خاصة بأنواع معينة من العقود والالتزامات، مثل الودائع لحسابات الاستثمار، والتأمين التكافلي، والمرابحة، والاستصناع، والسلم، والإيجار.

يعتبر هذا القانون تحولاً جذرياً في بناء إطار تشريعي متقدم للنظام المالي الإسلامي في دولة الإمارات، مما يعزز من جاذبية وتنافسية الخدمات المصرفية الإسلامية. ويساهم في جذب المزيد من الاستثمارات وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.

من المتوقع أن تستمر وزارة الاقتصاد في العمل مع الجهات المعنية لمراقبة تنفيذ القانون وتقييم أثره على القطاع المالي الإسلامي. كما سيتم دراسة أي تعديلات أو تحديثات ضرورية لضمان استمرار توافق القانون مع التطورات المتسارعة في هذا المجال. من المهم متابعة التطورات التشريعية والتنظيمية لتقييم تأثيرها على مستقبل التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية في الإمارات والمنطقة.

شاركها.