شهد قطاع السياحة البحرية انتعاشًا قياسيًا في الطلب، لكن هذا النمو تزامن مع زيادة مقلقة في حالات الاعتداء الجنسي على متن السفن السياحية. تواجه العديد من الضحايا صعوبات في الحصول على العدالة، حيث يكتشفن أن الحقوق القانونية المتاحة لهن على اليابسة لا تنطبق دائمًا في المياه الدولية. هذه القضية تثير تساؤلات حول سلامة الركاب وحقوقهم في رحلات السياحة البحرية.

تزايدت التقارير عن حوادث الاعتداء الجنسي على متن السفن السياحية بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين، بالتزامن مع عودة السفر بعد جائحة كوفيد-19. تتركز معظم هذه الحوادث في المياه الدولية، مما يعقد عملية التحقيق والملاحقة القضائية. تُظهر البيانات الأولية ارتفاعًا بنسبة 15% في عدد البلاغات المقدمة إلى السلطات المعنية مقارنة بعام 2019، وفقًا لتقارير صادر عن منظمات حقوقية متخصصة.

تحديات حقوق الضحايا في رحلات السياحة البحرية

يكمن التحدي الرئيسي في تحديد الولاية القضائية المناسبة للتحقيق في هذه الجرائم. عادةً ما تسجل السفن السياحية في دول تتيح لها تجنب قوانين الدول التي تنطلق منها الرحلة أو تتوقف فيها. هذا يجعل من الصعب على الضحايا رفع دعاوى قضائية أو الحصول على تعويضات عادلة.

الولاية القضائية المعقدة

تخضع السفن السياحية لقوانين الدولة التي تحمل علمها، حتى لو كانت الرحلة تبدأ وتنتهي في دول أخرى. ومع ذلك، غالبًا ما تكون هذه الدول ذات قوانين أقل صرامة فيما يتعلق بالاعتداء الجنسي وحماية الضحايا. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون من الصعب إثبات مكان وقوع الجريمة، خاصةً في المياه الدولية.

عقود الركاب والتحكيم الإلزامي

غالبًا ما تتضمن تذاكر رحلات السياحة البحرية بندًا يلزم الركاب بالتحكيم الإلزامي في حالة حدوث أي نزاع. يعني هذا أن الضحايا لا يستطيعون رفع دعاوى قضائية في المحاكم العادية، بل يجب عليهم اللجوء إلى التحكيم، وهو إجراء غالبًا ما يكون مكلفًا ويستغرق وقتًا طويلاً. كما أن نتائج التحكيم غالبًا ما تكون غير مواتية للضحايا.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه الضحايا صعوبات في جمع الأدلة وإثبات وقوع الجريمة. غالبًا ما تكون كاميرات المراقبة على متن السفن غير كافية لتغطية جميع المناطق، وقد يكون من الصعب الحصول على شهادات من الشهود. كما أن الشركات المشغلة للسفن السياحية غالبًا ما تتردد في التعاون مع السلطات في التحقيقات.

تعتبر حماية الركاب من الاعتداء الجنسي قضية عالمية تتطلب تعاونًا دوليًا. تسعى بعض الدول والمنظمات الدولية إلى تطوير قوانين ولوائح جديدة تهدف إلى تعزيز حقوق الضحايا وتوفير آليات فعالة للتحقيق والملاحقة القضائية. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به.

تُظهر التقارير أن غالبية الضحايا هن من النساء، ولكن هناك أيضًا حالات اعتداء على رجال وأطفال. تشير بعض الدراسات إلى أن عوامل مثل استهلاك الكحول والمخدرات قد تزيد من خطر التعرض للاعتداء. ومع ذلك، يجب التأكيد على أن المسؤولية تقع دائمًا على المعتدي، وليس على الضحية.

تتخذ بعض شركات السياحة البحرية خطوات لتحسين سلامة الركاب، مثل زيادة عدد كاميرات المراقبة وتدريب الموظفين على كيفية التعامل مع حالات الاعتداء. ومع ذلك، يرى البعض أن هذه الإجراءات غير كافية، وأن هناك حاجة إلى تغييرات هيكلية في القوانين واللوائح. تعتبر السفر الآمن أولوية قصوى للركاب.

تتزايد الدعوات إلى زيادة الشفافية والمساءلة في قطاع السياحة البحرية. يطالب النشطاء بإنشاء سجل مركزي لحوادث الاعتداء الجنسي على متن السفن السياحية، ونشر هذه المعلومات للجمهور. كما يطالبون بتعزيز الرقابة على الشركات المشغلة للسفن السياحية، وفرض عقوبات صارمة على الشركات التي لا تحمي ركابها.

تعتبر قضية الاعتداء الجنسي على متن السفن السياحية جزءًا من مشكلة أوسع تتعلق بالعنف ضد المرأة. يجب على المجتمع الدولي أن يتحد لمكافحة هذه المشكلة وتوفير الدعم للضحايا. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الشركات المشغلة للسفن السياحية أن تتحمل مسؤوليتها في حماية ركابها وتوفير بيئة آمنة للجميع.

تدرس وزارة السياحة والآثار حاليًا إمكانية توقيع اتفاقيات ثنائية مع الدول التي تحمل علم السفن السياحية التي تتوقف في الموانئ المصرية، بهدف تسهيل عملية التحقيق في حالات الاعتداء الجنسي وملاحقة الجناة. من المتوقع أن يتم الانتهاء من هذه الدراسة في غضون ثلاثة أشهر. كما تعمل الوزارة على تطوير برامج توعية للركاب حول حقوقهم وكيفية الإبلاغ عن حالات الاعتداء. يبقى التحدي الأكبر هو ضمان تطبيق هذه القوانين واللوائح بشكل فعال، وتوفير الدعم اللازم للضحايا.

من المهم مراقبة التطورات القانونية والتنظيمية في هذا المجال، بالإضافة إلى جهود الشركات المشغلة للسفن السياحية لتحسين سلامة الركاب. كما يجب على الركاب أن يكونوا على دراية بحقوقهم وأن يتخذوا الاحتياطات اللازمة لحماية أنفسهم. ستظل هذه القضية قيد المراقبة المستمرة في الأشهر والسنوات القادمة.

شاركها.