تستعد الهيئة العامة للأوقاف المصرية لإصدار صكوك بقيمة 30 مليار جنيه مصري (حوالي 637.5 مليون دولار) في العام المقبل لتمويل مشاريع تطوير عقارية واستغلال أصولها الكبيرة. تأتي هذه الخطوة في إطار جهود الهيئة لتعزيز استثماراتها وتنويع مصادر تمويلها، مع توقع إتمام الصفقة خلال عام 2026 بعد الحصول على موافقة وزارة المالية. تهدف الهيئة من خلال هذه الخطوة إلى إحداث نقلة نوعية في إدارة أصولها الضخمة.

أفاد مصدر مطلع على تفاصيل الطرح، رافضاً الكشف عن هويته، أن بنكاً استثمارياً حكومياً يتولى دور المستشار المالي للإصدار. ويعتبر هذا الطرح خطوة مهمة نحو إشراك القطاع الخاص في تطوير الأصول الوقفية، وتعظيم العائد من هذه الأصول لصالح وزارة الأوقاف والمجتمع.

هيئة الأوقاف المصرية ودخول سوق الصكوك

تأسست هيئة الأوقاف المصرية في عام 1971، وهي الذراع الاستثمارية لوزارة الأوقاف، وتتولى إدارة واستثمار أموال وأصول الوقف التي تشمل الأراضي والعقارات والممتلكات الأخرى الموقوفة لأغراض خيرية وتعليمية وصحية. تعتبر الهيئة من بين أكبر المؤسسات التي تمتلك أصولاً عقارية متنوعة في مصر، وتسعى إلى استغلال هذه الأصول بشكل أفضل لتحقيق عائد اقتصادي واجتماعي مستدام.

تاريخ وأصول الهيئة

تاريخياً، جمعت الهيئة أصولها من خلال الأوقاف الخيرية والذرية، بالإضافة إلى الأوقاف التي كانت تُدار من قبل ما يعرف بـ “النظار” قبل نقل إدارتها للدولة في عام 1971. وقد شهدت إدارة الأوقاف تحولًا كبيرًا لتخضع لإشراف هيئة مركزية، بهدف تنظيم وإدارة هذه الأصول بشكل أكثر فعالية.

تملك الهيئة المصرية للأوقاف ثروة متنوعة من الأصول تشمل أراضي زراعية واسعة، وعقارات تجارية وإدارية وسكنية، وحصصًا في شركات وفنادق. وتشرف الهيئة على صناديق استثمار وقفية مشتركة مع الدولة، مثل صندوق الاستثمار الوقفي للتعليم وصندوق الاستثمار الوقفي للرعاية الصحية، مما يعكس دورها في دعم القطاعات الحيوية في المجتمع.

وفقًا لبيانات الهيئة، يتم توزيع عائدات الأصول بنسبة 75% لصالح وزارة الأوقاف، بينما تحصل الهيئة على نسبة 25% نظير جهود الإدارة والتشغيل.

الاستثمار العقاري وتطوير الأصول الوقفية

تولي هيئة الأوقاف المصرية أهمية كبيرة للاستثمار في القطاع العقاري، وتعتبره من أهم محركات النمو الاقتصادي. وتشير بيانات عام 2021 إلى أن الهيئة تمتلك أكثر من 37 ألف وقف، تشمل حوالي 106 آلاف فدان من الأراضي الزراعية، و4.7 مليون متر مربع من الأراضي الفضاء، بالإضافة إلى آلاف الوحدات العقارية المختلفة. وتعتبر هذه الأصول فرصة استثمارية واعدة يمكن استغلالها لتطوير مشاريع عقارية متنوعة.

تعمل الحكومة المصرية حاليًا على حصر شامل للأصول الوقفية بشكل رقمي، وذلك بهدف تسهيل عملية طرح الفرص الاستثمارية أمام القطاع الخاص. جاء ذلك في أعقاب توجيهات من رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال اجتماع مع وزير الأوقاف، حيث أكد على أهمية إشراك القطاع الخاص في تطوير الأصول الوقفية لتعظيم العائد منها.

من المتوقع أن يساهم إصدار الصكوك في توفير التمويل اللازم لتنفيذ خطط التطوير العقاري للهيئة، وتحسين إدارة أصولها، وزيادة العائد على الاستثمار. ويمكن أن يؤدي هذا إلى تحسين الخدمات التي تقدمها وزارة الأوقاف للمواطنين، ودعم الأنشطة الخيرية والاجتماعية.

بالإضافة إلى الاستثمار العقاري، تتطلع الهيئة إلى تنويع استثماراتها في قطاعات أخرى مثل التمويل الإسلامي، والتكنولوجيا، والطاقة المتجددة، وذلك بهدف تحقيق النمو المستدام وتعزيز دورها في الاقتصاد الوطني.

من المقرر أن تبدأ الهيئة في إجراءات الحصول على الموافقات اللازمة لإصدار الصكوك في أقرب وقت ممكن، ومن المتوقع أن يتم طرحها في السوق المحلية خلال عام 2026. ويركز المستثمرون على متابعة تطورات هذا الطرح، ومعرفة التفاصيل المتعلقة بشروط الإصدار والعائد المتوقع، بالإضافة إلى تقييم المخاطر المحتملة. يبقى التحدي في إتمام الصفقة بنجاح والحصول على أقصى قيمة من الأصول الوقفية هو الشغل الشاغل للهيئة والجهات المعنية.

شاركها.