تزايد الاهتمام بـ “التنظيف قبل الموت” (Swedish Death Cleaning) في السنوات الأخيرة كطريقة لتخفيف العبء على الأبناء والأحفاد بعد رحيل الأهل. هذه الممارسة، التي تهدف إلى التخلص من الممتلكات غير الضرورية وتنظيم الباقي، أصبحت تحظى بشعبية متزايدة بين كبار السن الذين يرغبون في تبسيط حياتهم وتسهيل عملية ترتيب شؤونهم على من سيأتي بعدهم.

تظهر القصص الشخصية، مثل قصة ليندا وولف حول تجربتها مع والدتها، الجانب العاطفي والعملي لهذه العملية. غالبًا ما يواجه الأبناء مهمة شاقة في فرز ممتلكات والديهم المتراكمة، خاصة إذا كانت هناك صعوبة في التخلي عن الأشياء أو مشاكل في الذاكرة أو الصحة العقلية.

التنظيف قبل الموت: تخفيف العبء العاطفي والمادي على الأجيال القادمة

بدأت فكرة “التنظيف قبل الموت” في السويد، حيث كانت تُعرف باسم “döstädning”. تشير إلى عملية تنظيم وإزالة الممتلكات التي لا تحتاجها أو لا تستخدمها، مع الأخذ في الاعتبار أن مهمة التعامل مع هذه الأشياء ستقع على عاتق الآخرين في النهاية. لا يتعلق الأمر بالتحضير للموت بالمعنى الحرفي، بل يتعلق بالعيش بشكل أكثر وعيًا وتقديرًا للحاضر، مع التفكير في المستقبل.

تتضمن هذه العملية فرز الملابس، والأثاث، والتحف، والوثائق، والصور، والأشياء الأخرى التي قد تتراكم مع مرور السنين. يمكن أن يكون التخلي عن هذه الممتلكات أمرًا صعبًا، خاصة إذا كانت تحمل قيمة عاطفية أو مرتبطة بذكريات عزيزة. ومع ذلك، فإن الهدف هو تقليل الفوضى وتسهيل عملية الانتقال إلى الأجيال القادمة.

أسباب انتشار ثقافة التنظيف قبل الموت

هناك عدة أسباب لانتشار هذه الثقافة. أولاً، يزداد عدد كبار السن، مما يعني أن هناك المزيد من الأشخاص الذين يفكرون في التخطيط لمستقبلهم وترتيب شؤونهم. ثانيًا، أصبح الناس أكثر وعيًا بأهمية البساطة وتقليل الاستهلاك. ثالثًا، تزايدت الضغوط المالية على الأسر، مما يجعل التخلي عن الممتلكات غير الضرورية خيارًا جذابًا.

بالإضافة إلى ذلك، يشير خبراء الصحة النفسية إلى أن التخلص من الفوضى المادية يمكن أن يساهم في تحسين الصحة النفسية والعاطفية. التنظيم والتبسيط يمكن أن يقللا من التوتر والقلق، ويعززا الشعور بالسيطرة والراحة. وهذا مهم بشكل خاص لكبار السن الذين قد يواجهون تحديات صحية أو اجتماعية.

لا يقتصر تأثير هذه الظاهرة على الأفراد وعائلاتهم فحسب، بل يمتد ليشمل قطاعات اقتصادية متنوعة. فتح أبواب التبرع بالملابس والأثاث وغيرها من الممتلكات للأعمال الخيرية، وزيادة الطلب على خدمات تنظيم المنازل والتخلص من الفوضى، وتقديم الاستشارات بشأن التخطيط للميراث، كلها أمثلة على التغيرات الاقتصادية التي ترافق هذا الاتجاه.

في المنطقة العربية، قد تكون هذه الممارسة جديدة نسبيًا، ولكنها بدأت تجذب الانتباه، خاصة مع تزايد الوعي بأهمية التخطيط المالي والإرثي. غالبًا ما ترتبط الثقافة العربية بالاحتفاظ بالممتلكات كرمز للاستقرار والوضع الاجتماعي، لكن هناك أيضًا اعتراف متزايد بضرورة تبسيط الحياة وتخفيف العبء على الأجيال القادمة. ويمكن ربط هذه الفكرة بمفاهيم إسلامية تشجع على التخلص من الإسراف وتقديم الصدقة.

يتعين على الأبناء والأحفاد، بدورهم، التعامل مع هذه العملية بحساسية وتفهم. من المهم احترام مشاعر كبار السن المتعلقة بممتلكاتهم، والعمل معهم بشكل تعاوني لإيجاد حلول مناسبة. قد يتطلب ذلك تخصيص وقت وجهد إضافيين، ولكن المكافآت تستحق العناء: تقليل التوتر والنزاعات العائلية، والحفاظ على العلاقة الطيبة مع كبار السن، وجعل عملية الانتقال أكثر سلاسة للجميع.

تشير التوقعات إلى أن الاهتمام بـ “التنظيف قبل الموت” سيستمر في النمو في السنوات القادمة. مع استمرار شيخوخة السكان، وزيادة الضغوط المالية، وتزايد الوعي بأهمية الصحة النفسية، سيبحث المزيد من الأشخاص عن طرق لتبسيط حياتهم وتسهيل عملية ترتيب شؤونهم. ويتوقع الخبراء أيضًا أن تظهر المزيد من الخدمات والمنتجات المصممة خصيصًا لدعم هذه العملية.

شاركها.