شهد سوق العملات المشفرة تراجعاً حاداً في القيمة السوقية، حيث خسر تريليون دولار منذ ذروته في السابع من الشهر الماضي. انخفضت القيمة الإجمالية للسوق من حوالي 4.28 تريليون دولار إلى 3.28 تريليون دولار حالياً، مع توقعات باستمرار هذا الهبوط، خاصةً فيما يتعلق بالبيتكوين.

تراجع كبير في سوق العملات المشفرة يثير القلق

أشار مازن سلهب، مستشار استثمار، إلى أن الخسارة الكبيرة في القيمة السوقية تمثل التحدي الأكبر الذي يواجه سوق العملات المشفرة حالياً. يعتبر هذا الانخفاض، الذي بلغ حوالي 25٪، مؤشراً خطيراً على ضعف الثقة في هذا القطاع.

وأضاف سلهب أن البيانات تشير إلى أن ما يقرب من 815 ألف بيتكوين قد تم بيعها خلال الشهر الماضي، وهو أعلى معدل للبيع منذ يناير 2024. هذا يشير إلى أن المستثمرين الذين قاموا بالبيع لا يعتزمون العودة إلى الشراء قريباً، مما يزيد من الضغط على الأسعار ويقلل من الطلب.

يعزى هذا التراجع جزئياً إلى سلوك المستثمرين الذين يتوقعون تصحيحاً في الأسواق المالية بشكل عام، بالإضافة إلى عمليات جني الأرباح بعد الارتفاعات السابقة. جني الأرباح بعد الأسعار القياسية التي وصلت إليها البيتكوين في الأشهر الأخيرة يعتبر أمراً طبيعياً، بحسب سلهب.

تأثير ضعف الطلب والتصحيح المحتمل

ومع ذلك، يحذر سلهب من أن استمرار ضعف الطلب سيؤدي إلى مزيد من التراجع في الأسعار، خاصةً مع ارتفاع “مؤشر الخوف والجشع” إلى مستويات مقلقة عند 22 من 100. يعكس هذا المؤشر حالة من التشاؤم والترقب بين المستثمرين.

هذا النمط السلوكي ليس جديداً على البيتكوين، حيث شهدت العملة المماثلة تراجعات في السنوات السابقة. يشير سلهب إلى أن العوامل التي دفعت إلى التفاؤل بشأن البيتكوين في بداية العام الحالي قد تراجعت، خاصةً مع تراجع الإدارة الأمريكية عن وعودها السابقة بتحويل الولايات المتحدة إلى مركز عالمي للعملات المشفرة.

هل نشهد تراجعاً إضافياً في سعر البيتكوين؟

انخفض سعر البيتكوين بنسبة 20٪ خلال 17 يوماً الماضية، من أعلى مستوى له عند 116 ألف دولار. كما تراجع بنسبة 6٪ خلال الـ 24 ساعة الماضية، ليصل إلى 97,168 دولاراً. هذا الهبوط يعكس الضغوط المتزايدة على العملة الرقمية الرائدة.

تكمن العوامل الرئيسية وراء هذا الانخفاض في التدفقات الخارجة الكبيرة من صناديق الاستثمار المتداولة، وعمليات البيع المكثفة من قبل حاملي البيتكوين على المدى الطويل، والإشارات الفنية السلبية. وكشفت بيانات موقع “كوين ماركت كاب” عن خروج إجمالي قدره 869 مليون دولار من صناديق الاستثمار المتداولة الأمريكية للبيتكوين، وهو ثاني أكبر تدفق خارجي يومي على الإطلاق.

وأكد جورج خوري، رئيس قسم الأبحاث والتعليم في شركة “سي إف آي”، أن البيتكوين لم يعد يعتبر ملاذاً آمناً كما كان في بداية العام. ما نشهده حالياً هو بداية عملية تصحيح طبيعية بعد الارتفاعات القياسية التي تم تسجيلها.

يشير خوري إلى أن السياسة النقدية، وتحديداً الإشارات إلى تأخير تخفيضات أسعار الفائدة نتيجة للأحداث الاقتصادية الأخيرة، قد أثارت قلق المستثمرين بشأن الأصول عالية المخاطر، بما في ذلك الأصول الرقمية. هذا بالإضافة إلى العلاقة الوثيقة بين قطاع التكنولوجيا وسوق العملات المشفرة، والتي زادت من تأثير المعنويات السلبية.

من الناحية الفنية، يرى خوري أن مستويات الدعم بين 96 ألفاً و 98 ألفاً دولاراً هي المحدد الرئيسي لمسار السعر. إذا تم كسر هذه المستويات، فقد نشهد انخفاضاً إضافياً إلى 90 ألف دولار أو أقل. ومع ذلك، يرجح خوري أن هذا الانخفاض لن يكون طويلاً.

في الأسبوعين القادمين، سيكون التركيز الأكبر على البيانات الاقتصادية الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي، والتي ستلعب دوراً حاسماً في تحديد مستقبل البيتكوين، سواء بالصعود أو الهبوط. تعتبر هذه البيانات بمثابة محفز رئيسي للاتجاه السعري، حيث قد تؤدي إلى زيادة الثقة أو تعميق المخاوف

يستمر سوق العملات الرقمية في التطور، ويتأثر بعوامل اقتصادية وسياسية وتقنية متنوعة. مراقبة البيانات الاقتصادية والتحليل الفني، بالإضافة إلى فهم معنويات المستثمرين، ستكون ضرورية لتقييم المخاطر والفرص في هذا السوق المتقلب.

شاركها.