يشهد المغرب تحولاً هاماً في قطاع القنب الهندي القانوني، حيث ينتقل التركيز من مجرد الإنتاج إلى تطوير سلاسل القيمة المتكاملة، بما في ذلك التصنيع والتسويق الدولي للمنتجات المشتقة. تجسدت هذه الاستراتيجية في المشاركة المغربية الثالثة على التوالي في المعرض التجاري الدولي للقنب والأعشاب الطبية “كانافست” في براغ، والذي انعقد بين 6 و9 نوفمبر، في خطوة تعتبرها الوكالة الوطنية لتقنين أنشطة القنب الهندي ذات أهمية بالغة لولوج الأسواق الأوروبية.

أظهرت مشاركة المغرب في المعرض التزاماً متزايداً بتعزيز مكانته كمورد رئيسي للمنتجات القانونية المشتقة من القنب. ضم الوفد المغربي 22 جهة فاعلة في سلسلة القيمة للقنب القانوني، بما في ذلك أربع تعاونيات متخصصة في التحويل الصناعي، مما يعكس تنوع القدرات المغربية في هذا المجال.

المغرب والقنب الهندي القانوني: فرصة تصديرية واعدة

عقدت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي رواقاً موحداً للعارضين المغاربة، مخصصاً لعرض مجموعة متنوعة من المنتجات بما في ذلك مستحضرات التجميل، والمكملات الغذائية، والمنتجات الطبية المشتقة من القنب. يهدف هذا العرض إلى إبراز الجودة العالية للمنتجات المغربية أمام المشترين المتخصصين والشركات الأوروبية.

وفقًا لمصادر رسمية في الوكالة، تم تنظيم لقاءات عمل ثنائية (B2B) بين الفاعلين المغاربة وشركات من التشيك وإسبانيا وإنجلترا وبلجيكا، بالإضافة إلى ممثلين من الكوت ديفوار. تعكس هذه اللقاءات اهتماماً كبيراً بالمنتجات المغربية وإمكانيات التعاون الصناعي. يمثل هذا الاهتمام فرصة لتوسيع نطاق التصدير المغربي للمنتجات المشتقة من القنب.

ميزة تنافسية فريدة في السوق الأوروبية

تكتسب مشاركة المغرب في المعرض أهمية خاصة نظراً لأن السوق التشيكية تعد من أكبر الأسواق الأوروبية المستوردة للقنب الصناعي الذي يحتوي على نسبة تقل عن 1٪ من رباعي هيدروكانابينول (THC). يمثل هذا ميزة تنافسية للمغرب، حيث أنه من بين ثلاث دول عالمياً فقط تطبق هذا السقف القانوني، إلى جانب التشيك وسويسرا ولوكسمبورغ.

هذا التوافق القانوني يسمح للمنتجات المغربية بدخول السوق التشيكية مباشرة دون الحاجة إلى عمليات تحويل كيميائي مكلفة، وهو ما لا ينطبق على الأسواق الأخرى التي تفرض حدوداً أقل مثل فرنسا وبلجيكا وإنجلترا، حيث يتطلب التصدير معالجة مسبقة للمنتجات.

طلبات تعاون وشراكات تجارية جديدة

تلقت الشركات المغربية المشاركة في المعرض العديد من طلبات التعاون التجاري. تضمنت هذه الطلبات مساعي من شركات بريطانية لإنشاء فروع تمثيلية مع شركاء مغاربة، بالإضافة إلى طلبات من شركات بلجيكية لشراء المواد الأولية بغرض التحويل الصناعي الطبي. تؤكد هذه الطلبات على الجودة المتزايدة للمنتجات المغربية والمعايير التقنية العالية التي تتبعها.

يشير مسؤولون إلى أن السمعة الجيدة للمنتجات المغربية في أوروبا تتزايد بفضل الجودة والالتزام بالمعايير التقنية الصارمة. وهذا يعزز الثقة في القدرة التصديرية للمغرب في هذا القطاع.

نحو صناعة تصديرية مستدامة

أكدت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي أن مشاركتها في “كانافست” لم تعد مجرد حضور رمزي، بل هي جزء أساسي من استراتيجية التسويق الدولي للمنتجات القانونية، خاصة بعد بدء إنتاج أولى الدفعات القانونية. يهدف المغرب إلى إقامة قنوات تسويق دائمة وبناء علاقات مباشرة مع المشترين الأوروبيين.

تعكس هذه التطورات إرادة وطنية قوية لتطوير سلسلة القيمة الكاملة للقنب الهندي القانوني، وتنويع الاقتصاد المحلي في مناطق الإنتاج، وخلق فرص تصدير تنافسية في السوق الأوروبية المتنامية. تعتبر الزراعة القانونية للقنب فرصة لتنمية اقتصادية مستدامة، خاصة في المناطق الريفية التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة.

من المتوقع أن تستمر الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي في العمل على تعزيز التعاون مع الشركاء الأوروبيين، وتسهيل عمليات التصدير، وضمان الالتزام بالمعايير القانونية والجودة العالية. تبقى المراقبة المستمرة للتغيرات في التشريعات الأوروبية وتطوير المنتجات ذات القيمة المضافة العالية من العناصر الرئيسية لضمان استدامة هذا القطاع وتوسيع نطاق تأثيره الاقتصادي.

شاركها.