تُظهر الصناديق العقارية المتداولة في السعودية، المعروفة اختصاراً بـ”الريت”، آفاق نمو قوية على المدى الطويل، مدعومة بإصلاحات تنظيمية تهدف إلى تطوير القطاع وجذب رؤوس الأموال الأجنبية. بلغ عدد صناديق الريت المدرجة في السوق المالية السعودية 19 صندوقاً بنهاية أغسطس، بقيمة سوقية إجمالية تقترب من 4 مليارات دولار.

أحد أبرز التطورات في هذا السياق هو تعديل المملكة للوائح التنظيمية في يوليو الماضي، لتمكين صناديق الريت المدرجة من الاستثمار في مشاريع التطوير العقاري وفق ضوابط محددة. هذه الخطوة تأتي بهدف تعزيز أدوات التمويل المتاحة في السوق السعودية.

تحديات تواجه الصناديق العقارية المتداولة

رغم الإصلاحات، يواجه قطاع الصناديق العقارية المتداولة تحديات تتعلق بقدرته على توليد تدفقات نقدية مستقرة. يشير تقرير لوكالة “إس آند بي غلوبال” إلى أن نمو القطاع يعتمد على زيادة المعروض من الأصول المدرة للدخل، التي يجب أن تشكل 75% من أصول تلك الصناديق.

يعاني القطاع حالياً من نقص في المعروض من هذه الأصول، مما قد يعيق نموه. ومع ذلك، يتوقع التقرير تسارع نمو القطاع مع تنفيذ المزيد من مشاريع الإنشاءات في المملكة، والتي ستزيد من الطلب على التمويل العقاري.

دور الصناديق العقارية في تنويع مصادر التمويل

يمكن للصناديق العقارية أن تلعب دوراً مهماً في تنويع مصادر التمويل للشركات العقارية، خاصة في ظل شح السيولة لدى البنوك السعودية. وفقاً للتقرير، يمكن لهذه الصناديق جمع رأسمال دائم من المستثمرين المحليين والأجانب، مما يعزز من انكشاف الأجانب على العقارات في مدن مثل مكة والمدينة.

في ظل هذه التطورات، من المتوقع أن يلعب القطاع العقاري دوراً رئيسياً في تعزيز الإقراض للشركات خلال العامين المقبلين، مع استمرار ارتفاع احتياجات التمويل في المدى المتوسط، خاصة في مجال الإنشاءات.

شهدت السوق السعودية خلال الفترة الماضية إطلاق عدد من الصناديق العقارية المليارية من قبل شركات رائدة. ورغم ذلك، تشير “إس آند بي” إلى أن الشركات العقارية السعودية لا تعتمد بشكل كبير على هذه الصناديق كأداة لجمع رأس المال طويل الأجل.

أمثلة على الصناديق العقارية الكبيرة

من بين الشركات التي أقدمت على إطلاق صناديق عقارية ضخمة “أم القرى للتنمية والإعمار” (مسار)، أكبر شركة عقارية مدرجة في السوق السعودية، التي وقعت مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق عقاري خاص برأسمال مستهدف 1.4 مليار ريال.

تتضمن هذه الصناديق عادة مساهمات عينية من الشركات العقارية، مثل الأراضي المخصصة للمشاريع، بينما تتولى المؤسسات المالية جمع التمويل اللازم لأعمال البناء.

أصدرت البنوك السعودية حتى أكتوبر الماضي سندات وصكوك بقيمة إجمالية 15.39 مليار دولار، وفق إحصاء أُجري للشرق. وفي سياق متصل، قفز التمويل العقاري في المملكة إلى نحو 900 مليار ريال منذ بداية العام الجاري.

أعلن وزير البلديات والإسكان السعودي، ماجد بن عبدالله الحقيل، أن التمويل العقاري يمثل حالياً 27% من إجمالي محافظ البنوك السعودية، مرتفعاً من نحو 23% في العام الماضي.

في الختام، يتوقع أن تواصل الصناديق العقارية المتداولة في السعودية نموها، مدفوعة بالإصلاحات التنظيمية وزيادة الطلب على التمويل العقاري. ومع ذلك، تبقى هناك تحديات تتعلق بتوليد تدفقات نقدية مستقرة وزيادة المعروض من الأصول المدرة للدخل. سيكون من المهم مراقبة كيفية تطور هذه العوامل في المستقبل القريب.

شاركها.