في خطوة تعزز مساعي الصين نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال التكنولوجيا، كشفت شركة هواوي تكنولوجيز أخيرا عن خريطة طريق تمتد لثلاث سنوات تتعلق بمعالجات الذكاء الاصطناعي “أسند”، تعطي زخما جديدا لهذا القطاع الاستراتيجي، بحسب محللين.
مؤسس شركة الاستثمار الأمريكية إنتركونيكتد كابيتال، كيفن شو، قال إن إفصاح “هواوي”، الخاضعة للعقوبات الأمريكية، “يُعلّم السوق ما ينتظرها”، ويُشير أيضا إلى أن الشركة “قادرة على مجاراة خريطة طريق إنفيديا الممتدة لسنوات”.
خلال افتتاح مؤتمر هواوي كونكت 2025 في شنغهاي، أعلن نائب رئيس مجلس إدارة “هواوي”، إريك شو تشيجيون، الذي يشغل منصب الرئيس الدوري للشركة الخاصة من أبريل إلى سبتمبر، عن خطط لإطلاق شرائح أسند الجديدة على مراحل خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وبحسب صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست”، من المقرر أن يُطرح معالج أسند 950PR في الربع الأول من 2026، وهو مصمم لمعالجة البيانات الأولية وتقديم التوصيات، وسيُطلق معالج أسند 950DT، المخصص لفك الشفرات البرمجية والتدريب، في الربع الرابع من 2025. ومن المتوقع إطلاق معالجي 960 و970 في الربعين الأخيرين من 2027 و2028 على التوالي.
تعكس هذه الخطوة ثقة “هواوي” المتزايدة بقدرتها على تصميم رقائق تنافس نظيراتها الأمريكية مثل “إنفيديا”، خاصة بعد أن ظلت خطط تطوير أشباه الموصلات طي الكتمان منذ إدراجها في القائمة السوداء التجارية الأمريكية عام 2019.
وبحسب المدير التنفيذي لشركة آي ميديا ريسيرتش للأبحاث، تشانج يي، فإن خريطة طريق معالجات “أسند” تُظهر “تقلص الفجوة بين الصين والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، وفي بعض المؤشرات، بدأت الصين تتفوق”.
عزا تشانج هذا التقدم إلى نهج “الأمة بأكملها” الذي تنتهجه الصين لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الرقائق، وتوفر المواهب، والموارد المالية، والسوق المحلية الواسعة.
وانضمت “هواوي” في يوليو إلى تحالف ابتكار النظام البيئي للرقائق النموذجية مع شركات صينية أخرى في مجال أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، في إطار الجهود المبذولة لاعتماد المعالجات المطورة محليًا في مشاريع الذكاء الاصطناعي.
في حدث شنغهاي، أعلنت شركة “هواوي” أن رقائق الذكاء الاصطناعي من سلسلة أسند 950 ستدعم صيغ بيانات منخفضة الدقة، وتوفر قدرة حوسبة تصل إلى 1 بيتافلوب عند استخدام صيغة FP8 (أي ما يعادل تنفيذ كوادريليون عملية في الثانية).
ومن المتوقع أيضًا أن تتميز شريحة 950 بمعالجة محسّنة، مع عرض نطاق ترددي للربط يصل إلى 2 تيرابايت في الثانية، وفقًا لما ذكرته “هواوي”. أما الطراز 950DT، فسيأتي مزوّدًا بذاكرة بسعة 144 جيجابايت، مع عرض نطاق ترددي لوصول الذاكرة يبلغ 4 تيرابايت في الثانية. وأشارت “هواوي” إلى أنها اعتمدت ذاكرة من تطويرها ذات عرض نطاق ترددي عالٍ لهذه السلسلة.
تُشير سعة الذاكرة إلى أقصى كمية من المعلومات التي يمكن للشريحة تخزينها، في حين يرتبط عرض نطاق تردد الذاكرة بسرعة معالجة البيانات داخل الذاكرة. أما عرض نطاق تردد الربط، فيقيس سرعة تبادل البيانات بين المعالجات أو المسرّعات أو العقد المختلفة في الشبكات الحوسبية.
وبالمقارنة، توفر أحدث شريحة B200 من “إنفيديا” ما يصل إلى 20 بيتافلوب عند استخدام صيغة FP4. أما شريحة H20، المصممة خصيصًا للسوق الصينية، فتصل إلى 296 تيرافلوب بصيغة FP8 على وحدة واحدة، وفقًا لتقارير بحثية وإعلامية.
ومع ذلك، أشار شو إلى أن هناك “تساؤلات كبرى” حول قدرة التصنيع المحلي في الصين على إنتاج هذه الرقائق بالجودة والحجم المطلوبين.
يذكر أن “هواوي” تواصل العمل مع شركة أشباه الموصلات الدولية للتصنيع، أكبر شركة لتصنيع الرقائق بالتعاقد في البر الرئيسي الصيني، لتحسين الإنتاج وتطوير التكنولوجيا. كما تُشغّل الشركة منشآت تصنيع خاصة بها تضاعف قدرات الإنتاج، وفقًا لتقرير صدر هذا الشهر عن شركة الأبحاث سيمي أناليسيز، الذي توقع استمرار ارتفاع طاقة إنتاج الرقائق في الصين.
مع ذلك، لا تزال معالجات الذكاء الاصطناعي الجديدة من “هواوي” متأخرة بفارق جيل أو جيلين عن وحدات معالجة الرسومات الأجنبية، وفقًا لكبير الاقتصاديين في شركة ساموييد كلاود تكنولوجي جروب الصينية، تشارلي تشنج.