تصاعدت المواجهة الحاسمة بين إدارة دونالد ترمب والبنك المركزي الأمريكي اليوم، بعدما أوقفت محكمة استئناف مساعي البيت الأبيض لإقالة عضوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك من منصبها مؤقتا.
المحكمة المنقسمة في واشنطن، قضت أن كوك يمكنها مواصلة عملها أثناء نظر الدعوى التي رفعتها للطعن في قرار ترمب بعزلها، وجاء الحكم بأغلبية 2 مقابل 1 قبل ساعات من انطلاق اجتماع الفيدرالي المرتقب يومي 16 و 17 سبتمبر للتصويت على أسعار الفائدة، رغم أن القرار يعزز احتمال حضور الخبيرة الاقتصادية جلسة الفيدرالي، فإن الرئيس الأمريكي ما زال قادرا على طلب تدخل المحكمة العليا.
في الوقت الذي تكافح فيه كوك للبقاء في منصبها، يستعد مستشار ترمب الاقتصادي ستيفن ميران للانضمام إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي بعد أن صادق مجلس الشيوخ على تعيينه مساء الاثنين، ليشغل المقعد الذي تركته الحاكمة السابقة أدريانا كوجلر.
سارع الجمهوريون إلى تمرير ترشيح ميران في ظل ضغط ترمب على البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة، ويتوقع مستثمرون واقتصاديون استطلعت “بلومبرغ” آراءهم أن يُقدم مسؤولو الفيدرالي الأربعاء على خفض الفائدة بربع نقطة مئوية. ورغم ذلك، يتنبأ ترمب بخفض “كبير” من جانب البنك المركزي.
صراع ترمب و”الفيدرالي”
كانت كوك قد رفعت دعوى قضائية الشهر الماضي ضد ترمب بعد محاولته إقصاءها على خلفية اتهامات متعلقة بعملية احتيال عقاري، وهي اتهامات تنفيها. وتحولت القضية إلى نقطة خلاف رئيسية في الصراع المتصاعد بين البيت الأبيض والفيدرالي الذي رفض حتى الآن الاستجابة لضغوط ترمب بشأن الفائدة.
قضت القاضية في المحكمة الجزئية الأمريكية جيا كوب في 9 سبتمبر، بالسماح لكوك بمواصلة عملها أثناء نظر الدعوى، معتبرة أن محاولة ترمب لعزلها على الأرجح تنتهك القانون. وأبقت محكمة الاستئناف على هذا الحكم في الوقت الراهن.
أصدرت وزارة العدل بيانا قالت فيه إنها “لا تعلق على الدعاوى الجارية أو المحتملة بما في ذلك القضايا التي قد تكون محل تحقيق”، ورفض الفيدرالي التعليق، فيما لم يرد ممثلو كوك والبيت الأبيض فورا على طلبات التعليق، وقال الفيدرالي إنه لا يتخذ موقفا في النزاع القانوني حول محاولة ترمب إقالة كوك، وإنه سيلتزم بما تقرره المحكمة.
صوت القاضيان ميشيل تشايلدز وبرادلي جارسيا، المعينان من الرئيس السابق جو بايدن، ضد طلب الإدارة السماح لترمب بإقصاء كوك انتظارا لانتهاء القضية، بينما خالفهما القاضي جريج كاتساس، الذي عينه ترمب خلال ولايته الأولى، وخلصت المحكمة إلى أن القاضي الجزئي كان محقا عندما اعتبر أن ترمب انتهك على الأرجح حقوق كوك في الإجراءات القانونية بمحاولة عزلها عبر منشور على وسائل التواصل.
الحد الأدنى من الإجراءات
كتب القاضي جارسيا بمشاركة القاضية تشايلدز “في هذه المحكمة، لا تجادل الحكومة في أنها فشلت في منح كوك حتى الحد الأدنى من الإجراءات، أي إبلاغها بالاتهامات الموجهة إليها وإتاحة فرصة حقيقية للرد قبل محاولة إقصائها المزعومة”.
رأى جارسيا أن كوك من المرجح أن تكسب دعواها التي ترى أن ترمب ومسؤولين أمريكيين شاركوا بمحاولة إقصائها لم يوفروا لها حقها في الإجراءات القانونية الواجبة، أي إشعاراً كافياً وفرصة للاعتراض، لكنه لم يتطرق إلى ما خلص إليه قاضي المحكمة الابتدائية من أن الأسباب التي ساقها ترمب لمحاولة عزل كوك لم تستوفِ معيار “السبب” المنصوص عليه في القانون الأمريكي لإقالة عضو الفيدرالي.
أضاف غارسيا أن الانحياز لترمب في هذه المرحلة سيكون أكثر إرباكاً؛ بالنظر إلى أن كوك واصلت أداء مهامها حتى الآن، مؤكدا أن سوابق القانون الحديث بشأن الإجراءات الواجبة “تعمل ضد الحكومة”، أما القاضي كاتساس فيرى أن تعليق الحكم لا مبرر له، معتبراً أن الضرر المزعوم الذي لحق بكوك يمكن تعويضه، مشيراً إلى أنها يمكن أن تسترد رواتبها المتأخرة في حال كسبت الدعوى في النهاية.
كان ترمب قد أعلن الشهر الماضي أنه يقيل كوك بعد أن اتهمها مدير وكالة تمويل الإسكان الفيدرالية بيل بولتي بأنها سجّلت بشكل احتيالي منازل في ميشيغان وجورجيا كـ “إقامة رئيسية” حين حصلت على قروض عقارية عام 2021 للاستفادة من شروط تفضيلية. وأضاف بولتي لاحقاً ادعاءً يتعلق برهن عقاري ثالث في ماساتشوستس.
دعاوى الرهن العقاري
قال محامي كوك، آبي لويل، في مذكرة الأسبوع الماضي إن أي حكم يهدد حضورها اجتماع الفيدرالي “قد يُدخل تصويت المجلس في فوضى”، وله “إمكانية حقيقية للتأثير في الأسواق المحلية والعالمية”.
لم يتطرق القضاة إلى جوهر ادعاءات الاحتيال العقاري ضد كوك، ولم يذكروا أيضاً تقارير ظهرت نهاية الأسبوع تفيد بأن وثائق القرض الخاصة بمنزلها في جورجيا تناقض ادعاء بولتي، إذ تُظهر أنها أبلغت البنك بأن العقار منزل عطلات، أشار بولتي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن الحكم سارٍ “في الوقت الراهن”.
أشادت السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارن من ولاية ماساتشوستس بالقرار الذي “رفض محاولة دونالد ترمب غير القانونية للسيطرة على الفيدرالي كي يُلقي اللوم بعيداً عن فشله في خفض تكاليف المعيشة للأسر الأمريكية”. وأضافت: “إذا استمرت المحاكم بما فيها المحكمة العليا في تطبيق القانون، فستبقى ليزا كوك في مقعدها كعضو بمجلس الاحتياطي الفيدرالي”.