من المتوقع أن تشهد السوق العقارية في الرياض تراجعات تدريجية في أسعار الأراضي والوحدات السكنية وانخفاض أنماط المضاربة، بعد إطلاق منصة “التوازن العقاري” لتسجيل الراغبين في الحصول على أرض في العاصمة السعودية، وفقا لما ذكره لـ “الاقتصادية” مختصون في القطاع العقاري.

وقال خبراء وعاملون في مجال العقارات “إن إطلاق المنصة رسالة بأن الحكومة جادة في ضبط السوق العقارية من التشوهات السعرية التي دفعت بالأسعار إلى أن تكون بعيدة عن متوسط الدخل للمواطنين، وأن نجاح القرار مرتبط بمدى جاهزية البنية التحتية للأراضي المطروحة، ومتابعة التزام المستفيدين بالبناء وعدم ترك الأراضي خاما لسنوات”.

وأضافوا: “حجم الإقبال الكبير المتوقع سيتطلب إدارة دقيقة وشفافة لضمان العدالة في التوزيع ومنع أي محاولات للتحايل أو الالتفاف على الشروط”.

وأمس الأول، أطلقت الهيئة الملكية لمدينة الرياض منصّة “التوازن العقاري” الإلكترونية المخصّصة لاستقبال طلبات المواطنين الراغبين في الحصول على أراضٍ سكنية في مدينة الرياض، حيث سيستمر استقبال الطلبات حتى نهاية يوم الخميس 23 أكتوبر المقبل.

وقال عبدالرحمن بن خنين، المدير التنفيذي لشركة بصمة للتقييم العقاري “هذه الخطوة قد تعيد صياغة قواعد اللعبة في السوق، وتجعل من الرياض نموذجًا في كيفية إدارة الأصول العقارية بما يخدم الناس قبل المضاربين”، معتبرا هذا القرار يأتي في توقيت بالغ الأهمية، حيث تشهد السوق العقارية في العاصمة موجة تضخمية رفعت الأسعار إلى مستويات غير منطقية، وأبعدت حلم التملك عن كثير من الأسر.

وتوقع ابن خنين أن يسهم هذا التوجه في تهدئة الأسعار تدريجيًا، ويمنح المواطنين فرصًا متساوية للوصول إلى الأراضي المطوّرة، كما أن إطلاق المنصة يؤكد أن الدولة تتابع السوق عن قرب، وتتحرك بخطوات عملية للحد من المضاربات وإعادة التوازن بين العرض والطلب.

نهاية مارس الماضي وجّه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان باتخاذ 5 إجراءات لضمان التوازن العقاري في العاصمة الرياض التي شهدت ارتفاعا في أسعار الأراضي والإيجارات في السنوات الماضية، وتضمنت الإجراءات، رفع الإيقاف عن التصرف بالبيع والشراء والتقسيم والتجزئة، وإصدار رخص البناء واعتماد المخططات للأرض الواقعة شمال مدينة الرياض بمساحة 81 كيلومترا مربعا.

كما تضمنت قيام الهيئة الملكية للمدينة بالعمل على توفير أراضٍ سكنية مخططة ومطورة للمواطنين بعدد ما بين 10 إلى 40 ألف قطعة سنوياً خلال السنوات الخمس المقبلة حسب العرض والطلب، وبأسعار لا تتجاوز 1500 ريال للمتر المربع، وذلك للمواطنين المتزوجين أو من تتجاوز أعمارهم 25 سنة بشرط عدم وجود سابق ملكية عقارية أخرى، وهو ما تم إطلاقه هذا الأسبوع.

ووجه ولي العهد آنذاك بإصدار التعديلات المقترحة على نظام رسوم الأراضي البيضاء، وضبط العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين بما يكفل تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف، إضافة إلى تكليف الهيئة العامة للعقار والهيئة الملكية لمدينة الرياض برصد ومراقبة أسعار العقار في مدينة الرياض والرفع بتقارير دورية.

من جهته، يرى العبودي بن عبدالله شريك مؤسس شركة حاضنة المساكن العقارية، أن إطلاق منصة التوازن العقاري سيدفع المطورين للتركيز على منتجات سكنية عملية وبأسعار عادلة.
ومع تتابع القرارات الأخيرة نتوقع تصحيحا تدريجيا للأسعار بدل الارتفاعات السابقة غير المبررة.

وقال عبدالله الموسى المختص في القطاع العقاري: “لا يُنظر إلى إطلاق منصة التوازن العقاري بوصفه مجرد مبادرة لتوفير الأراضي، بل كتحول إستراتيجي يعيد صياغة مسار السوق السكنية في الرياض”، مشيرا إلى أن المنصة تفتح المجال أمام المواطنين لدخول السوق بشروط عادلة، وتمنح المطورين أرضية واضحة لتطوير منتجات سكنية أكثر تنوعًا وبأسعار مقبولة.

وأضاف: “هذا من شأنه أن يرفع نسب التملك بشكل مباشر، ويكسر أنماط المضاربة التي حدّت من قدرة الأسر على شراء المسكن، كما أن تواكب الحلول الحكومية المتتالية، مثل ضبط رسوم الأراضي البيضاء وتوسيع نطاق المعروض، يضع السوق على أعتاب مرحلة استقرار سعري يوازن بين العرض والطلب”.

شاركها.