تشهد السعودية مرحلة انتقالية نوعية في القطاع اللوجستي، الذي يعد محوراً حيوياً تسعى الحكومة لتحسين كفاءته نظراً لأثره الكبير في الناتج المحلي، وسط مساع لتعزيز وتحقيق تطورات مهمة عبر الخصخصة، بحسب مشاركين تحدثوا لـ”الاقتصادية” في المؤتمر العلمي لجمعية الاقتصاد السعودية في جدة.
عميد كلية الهندسة في جامعة الأعمال والتكنولوجيا الدكتور محمد خوج، قال “إن الاستثمارات المباشرة في القطاع اللوجستي تبلغ حالياً 200 مليار ريال، ويتوقع أن تصل إلى 1.6 تريليون ريال بحلول عام 2030، ما يعكس التزام الحكومة بتحويل السعودية إلى مركز لوجستي عالمي. تمثل هذه الأرقام الطموحة جزءاً من رؤية أوسع لتطوير البنية التحتية للنقل البري والبحري والجوي، مدعومة بتقدم تقني يسهم في تعزيز القطاع”.
بلغت الاستثمارات في قطاع التقنية 185 مليار ريال في عام 2024، ما أدى إلى تحسين كفاءة التشغيل وخفض التكاليف وتعزيز تحليل البيانات، بحسب خوج، الذي يرى أن الشفافية والأمان هما عنصران حيويان لدعم هذا التطور التقني، ما يعزز من استدامة الجهود المبذولة لتلبية تطلعات السعودية في أن تصبح من المراكز العالمية المهمة.
وأكد أن هذه المؤشرات تظهر التفاؤل بمستقبل السعودية في القطاع اللوجستي، وتسلط الضوء على الجهود المبذولة والتحديات المتبقية لتحقيق الأهداف المرسومة. تظل الرؤية المستقبلية طموحة وتركز على الاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا لضمان استدامة وتنافسية المملكة على الساحة العالمية.
حجم سوق اللوجستيات تجاوز عالميًا 10.5 تريليون دولار
يشكل قطاع اللوجستيات اليوم دعامة أساسية للاقتصاد العالمي، حيث تشير الأرقام إلى أن حجم سوق اللوجستيات تجاوز عالميًا في عام 2024 نحو 10.5 تريليون دولار، وينمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 5.6% حتى عام 2030، بحسب الدكتور أحمد المحيميد رئيس جمعية الاقتصاد السعودية.
وقال “يتصدر النقل البري العالمي بقيمة 4.2 تريليون دولار، يليه النقل البحري بـ2.3 تريليون دولار، ثم خدمات التخزين التي تصل إلى 1.7 تريليون دولار، أما التجارة الإلكترونية فتسهم بنحو 720 مليار دولار”.
وأضاف “على مستوى الدول، تتصدر الصين السوق بنسبة 18%، تليها الولايات المتحدة بنسبة 16%، ثم ألمانيا واليابان، في حين تمثل الإمارات والسعودية 2% من السوق، ما يدلل على القدرات اللوجستية المتنامية في المنطقة العربية”.
تهتم البنية التحتية اللوجستية الحديثة بأمور تتجاوز الموانئ والمطارات، مثل اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبلوك تشين، إضافة إلى الحوسبة السحابية والتنظيمات الذكية. هذا الاستثمار يؤثر إيجابيًا في الناتج المحلي الإجمالي وينعكس على الإنتاجية وجودة الحياة من خلال توفير التكلفة وتوفير فرص عمل مبتكرة، بحسب المحيميد.
وأكد أن أمثلة مثل تحسين موانئ سنغافورة ونظام النافذة الواحدة في كوريا الجنوبية تشير إلى فاعلية التطورات اللوجستية في تعزيز الاقتصاد، مبينا أن اللوجستيات العكسية والسوق الدائرية، التي قد تصل إلى 4.5 تريليون دولار بحلول 2030، تواجه تحديات تتطلب حوافز اقتصادية أكبر، على الرغم من قدرتها على خلق ملايين الوظائف عالميًا.
نجاح القطاع يعتمد على الخصخصة
تسعى السعودية إلى تحقيق تطورات مهمة في قطاعها اللوجستي عبر الخصخصة، وهذا ما أكده الدكتور عبد المحسن آل الشيخ، رئيس لجنة الشراكات والاستثمار في جمعية الاقتصاد السعودية، الذي أشار إلى أن نجاح القطاع يعتمد بشكل كبير على هذه الخطوة. وأوضح أن هناك تقدماً ملموساً في خصخصة المطارات وسكك الحديد، وهو ما يتماشى مع خطة المملكة لتحسين البنية التحتية الاقتصادية.
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور عبدالله دحلان، رئيس مجلس أمناء جامعة الأعمال والتكنولوجيا، أن مستقبل الاقتصاد السعودي يبدو واعداً في ظل التطورات الراهنة التي تقوم بها الدولة. ولفت إلى الدور المحوري للجامعات السعودية في دعم الاقتصاد والمعرفة. كما تحدث عن أهمية تعزيز البحث العلمي ودوره في تمكين صناع القرار من تبني مشاريع تنموية تُحسن جودة الحياة وتدعم التنمية المستدامة.