في غضون ساعات قليلة خلال قمة ألاسكا، نجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إقناع نظيره الأمريكي دونالد ترمب بأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا ليس الحل الأمثل، متجنبًا العقوبات الأمريكية، ومهدمًا سنوات من المحاولات الغربية لعزل بلاده.
خارج روسيا، حظي بوتين بإشادة واسعة باعتباره المنتصر في القمة، بينما داخليًا وصفته وسائل الإعلام الرسمية الروسية بأنه رجل دولة حكيم، رغم اتهامات منتقديه في الغرب بنقص الخبرة.
استغلت وسائل الإعلام الروسية الرسمية بشكل مكثف فرصة ظهور بوتين على السجادة الحمراء، وركوبه سيارة الليموزين الرئاسية الأمريكية “الوحش الكبير” مع ترمب، ما أثار تفاعلاً إعلاميًا واسعًا.
وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية: “الإعلام الغربي في حالة اضطراب تكاد تصل إلى الجنون. طوال ثلاث سنوات تحدثوا عن عزلة روسيا، واليوم يرون السجادة الحمراء تُفرش للرئيس الروسي في الولايات المتحدة”.
أكبر انتصارات بوتين في القمة كانت مرتبطة بالحرب في أوكرانيا، حيث بدا أنه أقنع ترمب جزئيًا بتبني رؤية روسيا حول كيفية التوصل إلى صفقة.
وكان ترمب قد دخل الاجتماع مؤكّدًا رغبته في وقف إطلاق النار سريعًا، وهدد روسيا والصين بعقوبات. إلا أنه أعلن لاحقًا عن اتفاق مع بوتين على ضرورة أن يتجه المفاوضون مباشرة نحو تسوية سلمية، بعيدًا عن الهدنة التي كانت تطالب بها أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون.
وأكدت أولغا سكاباييفا، إحدى أبرز مقدمي البرامج الحوارية في التلفزيون الروسي الرسمي، عبر تيليجرام: “تغير موقف الرئيس الأمريكي بعد محادثاته مع بوتين، والآن سيركز النقاش على إنهاء الحرب ونظام عالمي جديد، تمامًا كما أرادت موسكو”.
وعُد انعقاد القمة انتصارًا لبوتين حتى قبل بدايتها، نظرًا لنجاحها في إخراجه من الجمود الدبلوماسي ببهاء ملحوظ. وقال دميتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق والحليف المقرب لبوتين، إن القمة أحرزت تقدمًا كبيرًا في استعادة العلاقات الأمريكية – الروسية، مؤكدًا أن “آلية الاجتماعات رفيعة المستوى بين روسيا والولايات المتحدة قد استُعيدت بالكامل”.
مع ذلك، لم يحصل بوتين على كل ما أراد، ولم يتضح مدى ديمومة مكاسبه، حيث لم يمنحه ترمب إعادة ضبط الاقتصاد التي كان يأملها، وهو ما يعزز موقفه في ظل توتر الاقتصاد الروسي بعد سنوات من الحرب والعقوبات الغربية.
وأوضح يوري أوشاكوف، مساعد بوتين للسياسة الخارجية، أن المحادثات كانت ستشمل التجارة والاقتصاد، كما رافق الرئيس الروسي وزير ماليته ورئيس صندوق الثروة السيادية لمناقشة صفقات محتملة في القطب الشمالي والطاقة والفضاء والتكنولوجيا، لكنها لم تتحقق في نهاية المطاف، إذ أعلن ترمب قبل بدء القمة أنه لن تُعقد أعمال تجارية حتى تُحسم الحرب في أوكرانيا.
وأشار ترمب إلى أن موضوع فرض عقوبات ثانوية على الصين لتقييد تمويل روسيا قد يُعاد النظر فيه بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ولم يتخذ خطوات تجاه التخلي عن كييف أو التوصل إلى اتفاق متجاهل للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي. وأوضح أن الموافقة النهائية على أي تسوية، بما في ذلك تبادل الأراضي، تقع على عاتق زيلينسكي، فيما يتوقع وصوله إلى واشنطن يوم الاثنين المقبل.
وقال ترمب بعد القمة إن على أوكرانيا التوصل إلى اتفاق، مؤكدًا أن “روسيا قوة عظمى، وليست مجرد دولة عادية”.