قفزت قيمة واردات السعودية من الأحذية خلال العام الماضي بنسبة 17% لتتجاوز 4.2 مليار ريال، مقارنة بـ3.6 مليار ريال في العام الذي سبقه، بحسب بيانات لهيئة الإحصاء حصلت عليها “الاقتصادية”.

وخلال الأعوام الـ5 الماضية، بلغت الواردات أكثر من 17.6 مليار ريال، ما يبرز نموا متسارعا في حجم الطلب وتغير أنماط الاستهلاك، بينما تقدر حجم السوق المحلية للأحذية بما يتراوح بين 4.5 و8.6 مليار ريال، بحسب مستثمرين في القطاع.

الدكتور خالد الدقل، رئيس مجلس إدارة شركة فلورينا إحدى أكبر الشركات العاملة في القطاع قال لـ ” الاقتصادية”، إن الارتفاع الملحوظ في حجم واردات الأحذية خلال السنوات الماضية يعود إلى عدة أسباب مترابطة، في مقدمتها النمو القوي في الطلب المحلي نتيجة الزيادة السكانية، خاصة في فئة الشباب، وارتفاع مستويات الدخل التي وسعت من القدرة الشرائية.

الطلب يتسع مع النمو السكاني
ارتفع عدد سكان السعودية بنهاية النصف الأول من 2024 إلى 35.3 مليون نسمة بزيادة 4.7% على العام السابق، يتوزعون بين 19.6 مليون سعودي و15.7 مليون مقيم، وبرز هذا النمو مباشرة على حجم الطلب.

وخلال الأشهر الـ5 الأولى من 2025، سجلت الواردات أكثر من 1.8 مليار ريال، جاءت الصين في الصدارة بـ942 مليون ريال، تلتها فيتنام بـ261 مليون ريال، ثم إيطاليا بـ220 مليون ريال، والهند بـ89 مليون ريال، وإندونيسيا بـ36 مليون ريال، بينما لم تتجاوز قيمة الصادرات مليوني ريال.

توسع في السوق المحلية
نمو سوق الأحذية تزامن مع اتساع قاعدة النشاط التجاري المرتبط بالأحذية، حيث أوضحت وزارة التجارة لـ” الاقتصادية ” أن عدد السجلات التجارية لنشاط بيع الأحذية بالجملة بلغ 12 ألف سجل حتى نهاية النصف الأول من 2025، تتصدرها الرياض بـ 4.8 ألف سجلز

مكة المكرمة جاءت تاليا بـ 4.3 ألف سجل، فالمنطقة الشرقية بـ 1.3 ألف سجل، أما تجارة تجزئة الأحذية فسجلت 30 ألف سجل، جاءت مكة المكرمة في الصدارة بـ 10.6 ألف سجل، تلتها الرياض بـ 9.6 ألف سجل، ثم المنطقة الشرقية بـ 3.4 ألف سجل.

وهنا يعود الدكتور الدقل ليشير إلى أن المستهلك السعودي أصبح أكثر وعيا بالموضة والأحذية الرياضية، وأصبح يطالب بتشكيلات واسعة تغطي جميع الفئات، من الأحذية الرياضية (Sneakers) والكاجوال، إلى الفاخرة والرسمية، إضافة إلى العروض الموسمية والصنادل والأحذية المخصصة للطقس الحار أو البارد، وهو ما يدفع الشركات إلى زيادة الاستيراد لتلبية تنوع الطلب.

وتابع: “توسع نشاط التجارة الإلكترونية وانتشار مواقع التجزئة الإقليمية والعالمية أسهم في تسهيل عمليات الشراء، وجعل الماركات العالمية في متناول المستهلك السعودي بسرعة أكبر، مع إتاحة خيارات أوسع من المقاسات والتصاميم“.

ارتفاع تكلفة التصنيع المحلي
تسببت محدودية التصنيع المحلي وارتفاع تكلفته النسبية مقارنة بالاستيراد، خاصة في الفئات منخفضة السعر أو ذات العلامات العالمية، في زيادة الاعتماد على الواردات، وفقا للدقل الذي أوضح أن الإنتاج المحلي يتركز غالبا في ورش صغيرة وبعض المصانع المتخصصة في الجلود، وهي لا تغطي الطلب المحلي الكبير.

وأكد أن قيمة السوق المحلية للأحذية تقدر مابين 4.5 إلى 8.6 مليار ريال سنويا، وفق أحدث الدراسات في الفترة ما بين منتصف 2023 و2024، مع توقعات بنمو سنوي يتراوح بين 4 و7.5%.

وأضاف: “البيانات الرسمية تشير إلى أن قيمة الواردات السنوية تبلغ نحو مليار دولار (3.75 مليار ريال)، ما يبرز اعتماد السوق بشكل كبير على المعروض المستورد“.

النساء الأعلى استهلاكا للأحذية
يمثل النساء الشريحة الأكبر في استهلاك الأحذية من حيث التنوع والقيمة، إذ يفضلن أحذية الموضة والكعب العالي والبوت والصنادل، إضافة إلى الماركات الفاخرة، مع ارتفاع ملحوظ في الإقبال على الأحذية الرياضية المريحة. وبحسب الدقل يميل الرجال إلى اقتناء أحذية أقل عددا، ولكن أعلى سعرا، خصوصا الرسمية الجلدية والكاجوال، إلى جانب الرياضية، بينما يشكل الأطفال شريحة مهمة نظرا لسرعة استبدال أحذيتهم، خصوصا المدرسية والرياضية متوسطة السعر.

ولفت رئيس مجلس إدارة شركة فلورينا إحدى أكبر الشركات العاملة في القطاع إلى أن العوامل المناخية في السعودية تؤثر في نوعية الأحذية المستهلكة، حيث يسود الطقس الحار لفترات طويلة، إضافة إلى مناطق شاطئية رطبة مثل المنطقة الشرقية، ما يزيد الطلب على الصنادل والأحذية الخفيفة والمخصصة للمشي، مع وجود طلب موسمي على الأحذية الشتوية في بعض المناطق الشمالية والجنوبية.

الحصة السوقية والقيمة
السوق السعودية ما زالت تعتمد بشكل أكبر على المنتجات المستوردة من حيث الحصة السوقية والقيمة، لا سيما الماركات العالمية والمنتجات منخفضة السعر المصنعة بكميات كبيرة في الصين وتركيا، في حين تأتي المنتجات الفاخرة غالبا من إيطاليا.

قال: “رغم وجود جهود لتنمية صناعة الجلود والأحذية محليا، فإن الإنتاج الوطني ما يزال محدودا ويتركز في ورش ومنشآت صغيرة وبعض مصانع الجلود والمستلزمات المرتبطة، ما يجعل الحصة المحلية غير كافية لتغطية الطلب الكلي، ولكن تقارير السوق تتوقع نموا مستقبليا“.

أشار إلى أن الأسعار في السوق السعودية تتباين بشكل كبير، حيث تتصدر الماركات الفاخرة مثل Hermès وLouboutin وPrada وGucci، أو القطع المصممة خصيصا والمرصعة بالجواهر، الفئات السعرية الأعلى، إذ قد تصل أسعارها إلى آلاف أو حتى عشرات الآلاف من الريالات أو الدولارات في متاجر الرفاهية والمزادات الخاصة.

وفي المقابل، تتوافر الأحذية الأرخص في الأسواق الشعبية ومحال الجملة أو عبر الاستيراد منخفض التكلفة، بأسعار تبدأ من بضع عشرات من الريالات، وذلك بحسب الجودة والعلامة التجارية.

مكة مركز للتجزئة.. والرياض للجملة
أصبح المستهلك السعودي يشتري الأحذية حسب الاستخدام، سواء للعمل أو الرياضة أو المناسبات، إلى جانب خيارات موسمية كالصنادل أو الأحذية الشتوية، ما يرفع متوسط ما يمتلكه الفرد إلى 3 أزواج على الأقل، بحسب ثامر الرشيدي، مستثمر ومختص في استيراد الأحذية.

وأرجع الرشيدي تفوق مكة المكرمة في نشاط التجزئة إلى خصوصية المنطقة باعتبارها وجهة دينية وسياحية عالمية، تستقطب ملايين الزوار والمعتمرين والحجاج سنويا، ما يخلق طلبا مرتفعا ومتجددا على الأحذية، ويحفز انتشار المحال والمتاجر الصغيرة والمتوسطة في الأسواق الشعبية والمراكز التجارية.

في حين يبرز تصدر الرياض لنشاط الجملة مكانتها كمركز اقتصادي ولوجستي رئيسي في السعودية، إذ تضم شبكة واسعة من الموزعين والمستوردين، وتستفيد من موقعها الجغرافي الذي يسهل عمليات التوزيع إلى مختلف المناطق، إضافة إلى تركز المقرات لكبرى الشركات والعلامات التجارية فيها.

الأحذية الرياضية الأسرع نموا
يرى فهد الخالدي، مدير التسويق في إحدى الشركات الجلدية، أن الأحذية النسائية تسيطر على النسبة الأكبر من الواردات، تليها الرجالية، ثم أحذية الأطفال، فيما تسجل الأحذية الرياضية أعلى معدلات النمو سنويا في ظل تزايد الإقبال على أنماط الحياة الصحية.

وأضاف أن التجارة الإلكترونية باتت تلعب دورا متزايد الأهمية في حركة بيع الأحذية بالجملة والتجزئة على حد سواء، حيث استفادت المحال في مكة المكرمة من الطلب الفوري من قبل الزوار، فيما عززت الرياض موقعها كمركز رئيسي لتوريد وشحن المنتجات إلى منصات البيع الإلكتروني، مستفيدة من بنيتها التحتية المتطورة في مجالات النقل والخدمات اللوجستية.

شاركها.