فيما تعتزم الولايات المتحدة كبح هيمنة الصين على صناعة بناء السفن، رغم افتقارها إلى قدرات صناعية حقيقية في هذا المجال، تتطلع كوريا الجنوبية واليابان إلى اغتنام الفرصة واستعادة ميزتهما التنافسية.
ركز رئيس كوريا الجنوبية، لي جاي ميونج، الذي تولى منصبه قبل شهر، في حملته الانتخابية على دعم هذه الصناعة، واصفا إياها بأنها “في أزمة كبيرة”.
وفقا لصحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست”، لم تقر الإدارة الجديدة حتى الآن أي سياسات لدعم القطاع، إلا أنها وضعت ملامح أولية في “دليل سياسة النمو للحكومة الجديدة”، بحسب المحلل أون هوانج، من شركة نومورا في سيول، حيث يركز على تطوير السفن وتحسين الإنتاج وخطط جديدة للنمو، حسب نسخة ترجمة قدمها هوانج.
وأشار “جايندو كريشنا”، مدير في شركة دروري للخدمات البحرية، إلى أن الأتمتة والتحول الأخضر هما اتجاهان مستمران، لكن تطبيق هذه التكنولوجيات على نطاق واسع يتطلب جهودًا كبيرة.
تركز الإجراءات الكورية الجديدة على تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة في بناء السفن، مستندة إلى جهود الإدارة السابقة، حيث تسعى سيول لتطوير سفن حربية وسوق الصيانة لتكون مصادر نمو.
بالرغم من التوترات التجارية مع إدارة ترمب، فإن التعاون بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وخاصة في صناعة بناء السفن، يتعزز مع تشديد واشنطن على الصين، وفقًا لما صرّح به رئيس كوريا الجنوبية لي في مارس.
في أبريل، وقعت شركة هيونداي للصناعات الثقيلة الكورية مذكرة تفاهم مع “هانتينجتون إنجالس إندستريز”، أكبر شركة أمريكية لبناء السفن العسكرية، لتعزيز التعاون وتبادل التكنولوجيا.
أعلنت شركة هانوا أوشن، وهي شركة بناء سفن محلية رائدة أخرى – واستحوذت على حوض في فيلادلفيا في ديسمبر – الشهر الماضي أنها حصلت على موافقة أمريكية للاستحواذ على حصة كاملة في شركة أوستال الأسترالية، التي تلتزم بعقود مهمة مع البحرية الأمريكية، إذا أتمت الصفقة.
يذكر أن شركتا هيونداي للصناعات الثقيلة وهانوا تتلقيان خدمات الصيانة والإصلاح والتجديد التابعة للبحرية الأمريكية منذ العام الماضي.
ومع أن معظم أحواض بناء السفن الرئيسية في كوريا محجوزة بالكامل حتى عامي 2027 و2028، صرّح هوانج بأنه لم يُعاد فتح أي أحواض متعطلة، رغم الطلب الواعد من الولايات المتحدة.
وأضاف أن توسيع الطاقة الاستيعابية سيعتمد على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل تشديد القيود على أحواض بناء السفن الصينية، وما إذا كان سيتم إقرار “قانون ضمان الجاهزية البحرية” – الذي يسمح للحلفاء ببناء سفن بحرية أمريكية خارج البلاد.
في العامين الماضيين، استأثرت شركات بناء السفن الصينية على 70% تقريبا من طلبات بناء السفن الجديدة عالميًا، بينما تراجع حصة كوريا الجنوبية إلى أدنى مستوى لها منذ 8 سنوات، وفقًا لمعهد الصين لتكنولوجيا واقتصاد بناء السفن، التابع لشركة بناء السفن الحكومية الصينية.
وأشار المعهد في مذكرة يوم الأربعاء إلى أن هذه الفجوة فرضت ضغوطًا كبيرة على شركات بناء السفن الكورية، وأضاف: “الآن، التدابير السياسية موضع تنفيذ، لكن فاعليتها ستعتمد على التنفيذ والظروف المحلية والخارجية”.
أما اليابان – ثالث أكبر دولة في العالم في بناء السفن – فهي أيضًا حريصة على الاستفادة من الطلب الأمريكي، والذي وصفته صحيفة “نيكاي” اليابانية بأنه “الفرصة الأخيرة” لصناعة بناء السفن في البلاد.
وأكد كريشنا قائلا: “لليابانيين، الأمر أشبه بغريق يتمسك بقشة إذا تلقت صناعة بناء السفن الأمريكية الدعم اللازم من إدارة ترمب”.
تعكف طوكيو على صياغة خطة استثمارية قد تصل إلى 7 مليارات دولار تتضمن ترميم أحواض السفن أو بنائها قبل تسليمها للقطاع الخاص لتشغيلها.
الأسبوع الماضي، أعلنت شركة إيماباري لبناء السفن، الأكبر في اليابان، أنها ستستحوذ على حصة مسيطرة في ثاني أكبر شركة في البلاد، وهي شركة جابان مارين يونايتد، ما يحولها إلى شركة تابعة.
لكن التحديات ما زالت قائمة. قال كريشنا إن اليابان تراجعت في قدرتها التنافسية منذ فترة، إذ تواجه انخفاضًا في القوى العاملة بنحو 30%، مشيرًا إلى أن ارتفاع تكاليف الإنتاج يُشكل عقبة كبيرة أخرى.
وختم بالقول: “قد يكون هذا الاندماج آخر مسعى لإنقاذ صناعة بناء السفن اليابانية”.