استقبلت بعض الموانئ الصينية الكبرى هذا العام، شحنات من النفط الخام الإيراني، ما عزز تجارة نفطية بمليارات الدولارات، وأبرز ثغرة كبيرة في جهود أمريكا الرامية إلى تقليص التمويل الموجه للجيش الإيراني، وتطبيق العقوبات القائمة على طهران.

في الفترة من يناير حتى يونيو، ساهمت محطات داخل الموانئ حول تشينغداو وداليان وتشوشان– وهي مراكز رئيسية لاستيراد المعادن الصناعية والسلع الزراعية والاستهلاكية إضافة إلى النفط- في تمكين الصين من شراء ما يقرب من 1.4 مليون برميل يومياً من الخام الإيراني، حسب بيانات شركة التحليلات “كبلر” (Kpler).

تُظهر بيانات “كبلر” أن الموانئ الواقعة قرب تشينغداو استقبلت في يونيو وحده ما يصل إلى 15.5 مليون برميل من النفط الخام الإيراني، وهو ما يعادل نحو مليار دولار بأسعار السوق الحالية للنفط الذي يتم بيعه بخصم عن سعر السوق، مع استخدام ناقلات خاضعة للعقوبات في مراحل مختلفة لرحلة من الخليج العربي إلى الصين. وتكرر الأمر ذاته في مناطق أخرى على الساحل الشرقي للصين، حيث استقبلت موانئ مثل دونغجياكو ولانكياو أيضاً شحنات من النفط الإيراني.

بكين تتمسك بالتجارة مع طهران

رغم أن الصين لا تعترف رسمياً بالعقوبات الأميركية وتتمسك بحقها في التجارة مع إيران، فإن الشركات الكبرى المرتبطة بالأسواق الدولية غالباً ما تتحلى بقدر كبير من التحفظ في تعاملاتها مع طهران، ولا سيما مع الأطراف الخاضعة للعقوبات.

تخشى هذه الشركات من مخاطر التورط في الجهود التي تتخذها واشنطن لإنفاذ العقوبات، والتعرض للإقصاء من الأسواق الدولية. في وقت سابق من هذا العام، حثّت الشركة الأم موانئ إقليم شاندونغ بعدم استقبال الناقلات الخاضعة للعقوبات.

يعكس استمرار استخدام الموانئ الكبرى النهج العملي للصين في تفسير الرسائل المتضاربة الصادرة عن إدارة ترمب، التي تعهّدت بممارسة “أقصى درجات الضغط” وشنّت ضربات على مواقع نووية، ليعود الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد أيام ويكتب على وسائل التواصل الاجتماعي أن الصين “يمكنها الاستمرار في شراء النفط من إيران”.

تركيز العقوبات على الناقلات

في حين فرضت واشنطن عدة جولات من العقوبات على كيانات صينية يُعتقد أنها تسهم في استمرار هذه التدفقات، ركّزت وزارة الخزانة الأميركية جهودها بشكل رئيسي على الناقلات، وتجنبت استهداف الموانئ والمصافي الكبرى.

حتى الآن، لم تُدرج في القائمة السوداء سوى محطة واحدة في منطقة دونغيينغ بمقاطعة شاندونغ بسبب استقبال شحنات إيرانية، وهي خطوة فسّرها المتعاملون على أنها إشارة متعمّدة لتجنب إلحاق أضرار جانبية ببقية القطاعات.

حاجة الصين إلى النفط الرخيص

كما تعكس مرونة استمرار هذه التدفقات حاجة الصين المستمرة إلى النفط منخفض التكلفة، الذي يعتمد عليه قطاع التكرير الخاص الضخم، والذي يواجه صعوبة في الحفاظ على هوامش أرباح ضئيلة مع تباطؤ وتيرة الاقتصاد.

بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجمارك الصينية، لم تستورد البلاد رسمياً أي برميل من النفط الخام الإيراني منذ منتصف عام 2022.

نقل النفط الإيراني عبر ماليزيا

لكن النفط الذي يُحمَّل في الموانئ الإيرانية يشق عادةً طريقه من الخليج العربي إلى المياه قبالة سواحل ماليزيا أو إلى نقطة تحويل أخرى، حيث يُنقل من ناقلة إلى أخرى في عرض البحر.

وغالباً ما تُستخدم ناقلات خاضعة للعقوبات الأميركية في الجزء الممتد من الرحلة بين إيران وماليزيا، قبل أن تُنقل الشحنات إلى سفن أخرى، تكون في كثير من الأحيان ضمن ما يُعرف باسم “أسطول الظل”، لتكمل طريقها إلى الصين.

شاركها.