اخر الاخبار

حروب شركات الذكاء الاصطناعي على طاولة “ليب 25” وديب سيك يشعل المنافسة

كعادته في بداية كل أسبوع يجلس لاري إليسون في مكتبه ليتابع حركة المؤشرات الرئيسية لحركة الأسهم العالمية خاصة المتعلقة بالتكنولوجيا باعتباره مالكا لشركة أوراكل العالمية، بيد أنه فوجئ بانهيار سريع لأسهم شركته وفي أقل من ساعة بلغت خسارته 22.6 مليار دولار ما يمثل 12% من ثروته.

مع ذلك لم يكن هو الأكثر تضررًا إذ خسر جينسن هوانج المؤسس المشارك لشركة “إنفيديا” 20% من ثروته في الساعة نفسها تقريبا، بينما كان نصيب مايكل ديل صاحب شركة “ديل” 13 مليار دولار كما فقد تشانجبينج زاو مالك” بينانس” 12.1 مليار دولار.

زلزال الخسائر لم يتوقف عند تلك الأسماء بل شمل أغنى 500 شخص في العالم حيث فقدوا في صباح الاثنين 28 يناير الماضي ما مجموعه 108 مليارات دولار. السبب كان واضحا بعد طرح الصين مطور الذكاء الاصطناعي الخاص بها “ديب سيك” الذي تصدر قوائم التحميل في جميع أنحاء العالم في أول يوم إطلاقه لدرجة أن الإقبال أثر في اتصال التطبيق بالإنترنت، وبالتزامن مع ذلك كانت أسهم الشركات العملاقة في مجال الذكاء الاصطناعي تتهاوى جارفة معها ثروات مؤسسي تلك الشركات.

تتخذ شركة “ديب سيك” من هانغتشو الصينية مقرًا لها وقد عملت على تطوير نموذجها للذكاء الاصطناعي في 2023 لكنها لم تطرحه رسميًا في الأسواق إلا بداية هذا العام، وبعيدا عن ما أحدثه في سوق التقنية في يومه الأول.

يبقى الأثر الأخطر كما أوضحت صحيفة نيوزويك الأمريكية أنه حطم إستراتيجية وادي السيلكون التي تنص على أن الإنفاق الضخم على الذكاء الاصطناعي يضمن الريادة في حين كل ما تكلفه “ديب سيك” 5.6 مليون دولار فقط وكان كفيلًا بأن يصل إلى مختلف أنحاء العالم محققًا أرقام قياسية في التطبيق وكفيلًا أيضًا بأن يبدأ حرب شرسة بين الشركات المتنافسة في هذا القطاع.

بالعودة إلى تاريخ الذكاء الاصطناعي يتضح أنه ظهر لأول مرة في خمسينيات القرن الماضي على يد عالم الرياضيات آلان تورينغ الذي طرح سؤالًا شهيرًا جاء نصه “هل تستطيع الآلة التفكير؟”، رغم ذلك فإن التطبيق الأساسي لما نعرفه اليوم بدأ في ديسمبر 2015 حين أسس إيلون ماسك وسام ألتمان ومستثمرين آخرين منظمة “أوبن أيه آي” وتعهدوا بدعمها بنحو مليار دولار وذلك لتطوير ذكاء عام اصطناعي.

واتخذت المنظمة من سان فرانسيسكو مقرًا لها كما أعلنت أنها غير ربحية وجاءت أولى خطوات نجاحها خلال البطولة العالمية للعبة دوتا في أغسطس 2017 حين تمكن روبوت من اللعب باحتراف وهزيمة الخصم بعد أن تدرب على مدى أسبوعين بواسطة برمجيات بعينها.

في 2019 تحولت “أوبن أيه آي” إلى منظمة ربحية وفي العام نفسه بدأت شراكة مع مايكرسوفت التي دفعت نحو 13 مليار دولار لإنجاح تلك الشراكة التي أنتجت في نوفمبر 2022 شات جي بي تي الذي وصلت أرباحه في مايو الماضي إلى مليون دولار يوميًا، وهو ما دفع شركات أخرى إلى دخول حلبة المنافسة في هذا السوق الاستثمارية الضخمة فطرحت جوجل في 2024 نموذجها جيمناي ولحقت بهم شركات أمازون وأبل وميتا سواء بنماذج على غرار شات جي بي تي أو من خلال الأبحاث وبحسب مجلة “ذي إيكونوميست” وصلت استثمارات الذكاء الاصطناعي إلى 400 مليار دولار خلال العام الماضي فيما توقعت وكالة بلومبرغ أن يبلغ سوق الذكاء الاصطناعي 1.3 تريليون دولار عام 2032.

عربيًا لم تكن تلك المنافسة الشرسة بين الشركات العملاقة خفية على أحد، وسرعان ما استعدت دول للاستفادة من سوق الذكاء الاصطناعي واستثماراته الضخمة.

وفي المقدمة جاءت السعودية التي أسست مبكرًا في أغسطس 2019 الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”، ومهمتها تطوير إستراتيجية السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي وأداء دور قوي في خلق قطاعات اقتصادية متنوعة إضافة إلى تطوير الكوادر البشرية في مجال البيانات، كما أطلقت في 2021 استثمارات بما يزيد على 20 مليار دولار في مشاريع ذكاء اصطناعي بحلول 2030 وحددت أهداف خلق 40 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة تتعلق بهذا القطاع بجانب تدريب 40% من القوى العاملة ليكون هناك أكثر من 20 ألف متخصص في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي في السعودية.

يعد العام الماضي ذروة النجاح السعودي بعد أن تمكنت السعودية من ترسيخ مكانتها كوجهة عالمية للذكاء الاصطناعي، إذ عقدت شراكة إستراتيجية مع جوجل كلاود لإطلاق مركز عالمي للذكاء الاصطناعي مقره الدمام، كما أعلن تركي باضريس رئيس مايكروسوفت العربية أن الشركة ستضخ 24 مليار دولار استثمارات في السعودية خلال الخمس سنوات المقبلة.

وتضخم سوق الذكاء الاصطناعي في السعودية حيث وصلت معدل نموها السنوي 32% على مدار الأعوام الخمس الماضية وتشير التوقعات إلى وصول قيمته السوقية إلى 891.74 مليون دولار بحلول 2026 ومساهمته بنسبة 12.4% في إجمالي الناتج المحلي 2030.

السعوديون يتبنون التقنية ويستوعبوها ويشكلون تأثيرا بسرعة فائقة، إذ تواصل السعودية مشوارها عبر معرض “ليب 2025” الذي سيقام في الرياض بين 9-12 فبراير الجاري، وسيكون الملف الأبرز للمناقشة هو التركيز على التقنيات الناشئة والتوجهات المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، وستضمن الفعاليات دعم الشركات الناشئة ومواجهة التحديات العالمية التي سيكون أبرزها حروب الشركات العملاقة وهي مهمة شاقة.

خلال أسبوع واحد فقط قلب ديب سيبك جميع الموازين ورد مارك زوكربيرغ بالتأكيد أن نموذج ميتا أيه آي سيحدث تغيرا في 2025، بينما أعلنت شركة علي بابا أنها ستطلق نموذج ذكاء اصطناعي جديد، وحسمت مايكروسوفت الأمر بالتصعيد حين أعلنت أن “ديب سيك” قد يكون سارقا للبيانات أساسا من “أوبن أيه آي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى