لماذا قد تستغرق رحلتك وقتا أطول في المستقبل؟
بدت أيام مجد طائرة كونكورد بمنزلة بداية لعصر ذهبي للسفر، حيث ستصبح الرحلات أسرع مع تقدم الزمن. لكن عندما تم إخراج كونكورد من الخدمة في 2003، بدا الأمر كأنه خطوة كبيرة إلى الوراء، كما ذكرت مجلة فورتشن.
بدلا من القدرة على الطيران من لندن إلى نيويورك في 3 ساعات، كان على الركاب العودة إلى رحلات تستغرق في المتوسط 7 ساعات تقريبا. ومنذ ذلك الحين، لم يكن هناك تقدم كبير في تقليل أوقات الرحلات، لكن نظرا لأن الطائرات الحديثة قادرة على الطيران لمسافات أطول، فقد انخفضت مدة الرحلات الإجمالية مع تقديم الرحلات المباشرة بين المدن بدون توقف.
رغم أنه يتم تطوير طائرة جديدة أسرع من الصوت تدعى “بوم”، إلا أن هناك الآن توصيات مفادها أنه بدلا من تقصير الرحلات، يجب أن تصبح أطول بسبب المخاوف البيئية.
في حين ساعدت التكنولوجيا على إنتاج وقود أنظف وتقليل الانبعاثات في كثير من وسائل النقل، لكن الطيران يتخلف عن الركب. التطور الرئيسي في مجال الطيران، وهو وقود الطيران المستدام، لن يقلل حتى من انبعاثات الكربون إلى حد كبير، رغم أنه مصدر طاقة أنظف ومتجدد. مع ذلك، لا يعد وقود الطيران المستدام جاهزا للاستخدام على أي نطاق بسبب نقص التوافر ومصانع التصنيع.
أصبح الطيران موضع تدقيق متزايد رغم أنه يشكل نحو 2% فقط من الانبعاثات العالمية. لقد حولت الجائحة عديدا من اجتماعات العمل لتُعقد افتراضيا، وجعل هذا الطيران هدفا سهلا للمدافعين عن البيئة. ونظرا لعدم وجود تكنولوجيا جديدة للطائرات في المدى القريب، يعتقد كثيرون أن الطيران قد يمنع الحكومات من تحقيق أهدافها في تحقيق صافي الصفر.
بخلاف التوقف عن الطيران أو تقليله حتى يتم العثور على حل أكثر ملاءمة للبيئة، قد يكون هناك بديل آخر للحد من الانبعاثات. اقترحت دراسة حديثة من جامعة كامبريدج أن الطائرات يجب أن تطير بشكل أبطأ وتزيد من وقت رحلاتها للحد من تغير المناخ.
ورغم أن هذا النهج قد يبدو متناقضا، فقد تكون له فوائد كبيرة. أوصت الدراسة باتخاذ إجراءات في صناعة الطيران لزيادة إمكانية تحقيق صافي الانبعاثات الصفري بحلول 2050.
حددت الدراسة أيضا أهدافا واقعية أخرى يجب تنفيذها بحلول 2030، مثل زيادة الأبحاث للحد من خطوط الدخان التي تخلفها الطائرات، وزيادة التعاون بين الحكومات وصناعة الطيران، وصنع مزيد من الوقود المستدام، وتجربة تكنولوجيات جديدة.
وتقترح تسريع إنتاج الطائرات الجديدة التي تتمتع بكفاءة وقود أعلى بكثير من الطائرات السابقة. ولا شك أن شركات الطيران ستدعم هذه التوصية الأخيرة، إذ تسببت الجائحة في تراكم كبير في عمليات تسليم الطائرات من الشركات المصنعة الكبرى. كما ستساعد زيادة إنتاج طائرات جديدة في حصول الركاب على قيمة أفضل، حيث أصبحت أسعار تذاكر الطيران حاليا أعلى بكثير مما كانت عليه قبل الجائحة بسبب الطلب المرتفع ونقص الطاقة الاستيعابية.
خلصت الجامعة إلى أن تقليل سرعة الطيران بنحو 15% يمكن أن يقلل من حرق الوقود بنسبة 5 إلى 7%، وهذا يعني زيادة بنحو 50 دقيقة في الرحلات التي تعبر المحيط الأطلسي.
قد يكون لوقت الرحلة الإضافي مزايا للمسافرين بغرض الأعمال على الطرق الليلية الأقصر حيث يكون النوم على رأس أولوياتهم.
ومع ذلك، إذا اختارت بعض الشركات الطيران بسرعات أقل، فسيفضل كثير من المسافرين بغرض الترفيه الرحلات الأقصر على الرحلات الأكثر ملاءمة للبيئة.
كما قد يؤدي طول الرحلات الإضافي إلى ارتفاع أسعار التذاكر بسبب انخفاض استخدام الطائرات، مع إضافة نحو ساعتين إلى إجمالي وقت الطيران في رحلات الذهاب والعودة. وستتأثر ساعات عمل الطاقم أيضا، لكن إلى حد أقل، حيث يقوم الطاقم عادة بتشغيل رحلة واحدة فقط يوميا على الرحلات طويلة المدى وفقا لحدود ساعات العمل.
إذا اتجهت شركات الطيران نحو الطيران البطيء، تعتقد الجامعة أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى انخفاض استهلاك الوقود بما يصل إلى 50% بحلول 2050. ومع ذلك، من المرجح أن يتم اتخاذ قرار قبول شركات الطيران للتوصيات بناء على تأثيرها في ربحية الشركة، وليس فقط في البيئة.