«الارتداد العكسي» يحول منازل الرياض القديمة إلى ثروة تزداد بمرور الزمن
لم تعد الفلل المعمرة في الأحياء القديمة للرياض مجرد وحدات سكنية، بل أصبحت استثمارات رابحة تزداد قيمتها مع مرور الوقت، وفق ما ذكره عدد من المختصين في الشأن العقاري لـ”الاقتصادية”.
قال صقر الزهراني الخبير والوسيط العقاري: نلاحظ ارتفاع أسعار العقارات في أحياء مثل الملز، المؤتمرات، أم الحمام، والسليمانية، فيما بات يسمى بظاهرة (الارتداد العكسي) نحو المناطق المركزية. هذه الأحياء، التي كانت تُعتبر سابقًا تقليدية أو قديمة، أصبحت الآن وجهة مفضلة بدعم موقعها المركزي وتوافر الخدمات والبنية التحتية.
وذكر أن الطلب العالي وقلة الأراضي المتاحة في المناطق المركزية رفع من قيمة العقارات القائمة وحولها إلى ثروة تزداد يوميا بعد آخر.
وأوضح أن تكامل البنية التحتية والخدمات العامة ولا سيما المدارس عزز من جاذبية هذه العقارات، خاصة أن مشروع المترو ينطلق يوميا عبر جميع هذه الأحياء، فهو يعبر أو يجاور حي الملز مثلا عبر مسارين هما الأخضر والبرتقالي، كما يعبر حي النسيم الذي يعد من أكبر وأقدم أحياء الرياض في مسارين آخرين هما البنفسجي والبرتقالي، كما يخدم المسار الأزرق حي العليا من شماله إلى جنوبه.
وتشير بيانات حديثة راقبتها “الاقتصادية” عبر البورصة العقارية إلى أن أسعار المتر في العليا وأم الحمام تراوح بين 8 آلاف و12 ألفا، بينما تصل إلى 3 آلاف ريال في أحياء شرق الرياض القديمة مثل النسيم والجنادرية.
بدوره، أكد عبدالله الموسى الخبير في القطاع العقاري أن الأحياء القديمة شهدت تحولاً جذريًا في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت أسعار العقارات والإيجارات بشكل ملحوظ، مرجعها هذا إلى وجودها في قلب العاصمة، ما يجعلها محط أنظار المستثمرين والمستأجرين على حد سواء. إذ أن قربها من المرافق الحيوية والخدمات يعزز من جاذبيتها. كما أنه رغم قِدمها، إلا أن هذه الأحياء تتمتع بشبكة خدمات قوية مثل الطرق، المدارس، والمستشفيات، ما يجعلها مفضلة لعديد من العائلات وقطاع الأعمال، مشيرا إلى أنه مع توسع الأعمال والنمو الاقتصادي، يفضل كثير من الأفراد السكن في أحياء قريبة من مراكز الأعمال، إضافة إلى أنه لبعض المنازل القديمة طابع معماري مميز وتاريخي، ما يزيد من قيمتها في السوق.
وذكر أن بعض العقارات القديمة وصلت قيمتها إلى ما بين 10-12 مليون ريال في أحياء مثل السليمانية وأم الحمام، وذلك بسبب المساحات الكبيرة والموقع المميز، كما قفزت الإيجارات في هذه الأحياء بشكل ملحوظ، إذ وصل إيجار الفلل القديمة إلى 150-200 ألف ريال سنويًا، بينما راوحت إيجارات الشقق بين 60 و80 ألف ريال سنويا، ويرى عديد من المستثمرين أن العقارات القديمة يمكن أن تكون فرصة ذهبية، خاصة مع توجه البعض لإعادة ترميمها وتحويلها إلى عقارات فاخرة أو تجارية.
عاملون وخبراء في البناء أكدوا أن الإقبال على العقارات القديمة لا يخلو من مخاطرة محتملة، إذ إن التكاليف المرتفعة للصيانة والترميم تجعل بعض المستثمرين مترددين في الدخول إلى هذه السوق، خاصة إذا كانت مساحة المنزل كبيرة وبحاجة إلى تحديثات كبيرة، إذ تصل تكاليف الترميم البسيطة لفلل بمساحة صغيرة إلى نصف مليون ريال، وزمن يصل إلى 6 أشهر ويمتد إلى سنة أحيانا.
وتوقع الموسى أن تستمر الأسعار في الصعود مع التوسع العمراني والنمو السكاني في الرياض، والتوجه نحو تطوير المشاريع السكنية والتجارية في الأحياء القديمة سيزيد من قيمتها على المدى الطويل. وختم بقوله “المنازل القديمة في أحياء مثل الملز والسليمانية ليست مجرد ذكريات من الماضي، بل تحولت إلى استثمارات إستراتيجية تُعبر عن الحاضر وتُبشر بمستقبل مشرق. لكن لتحقيق أقصى استفادة منها، قد يكون الترميم وإعادة التطوير هما المفتاح”.