هذان هما العائقان الرئيسيان أمام سيتي في سعيها إلى تبني رؤية أكثر تفاؤلاً بشأن أوروبا
أشار محللون في سيتي ريسيرش في مذكرة مؤرخة يوم الاثنين إلى قيدين رئيسيين يعيقان آفاقا أكثر تفاؤلا لأوروبا، وخاصة الآفاق الاقتصادية لمنطقة اليورو، وهما النهج الحذر للبنك المركزي الأوروبي تجاه السياسة النقدية والمحافظة المالية في ألمانيا.
إن العقبة الرئيسية الأولى تنبع من موقف البنك المركزي الأوروبي المتحفظ بشأن أسعار الفائدة. ففي حين توجد علامات مشجعة على تراجع التضخم ــ من المتوقع أن تنخفض معدلات التضخم العام والأساسي إلى ما دون 2% بحلول عام 2025 ــ فإن البنك المركزي الأوروبي يظل مترددا في خفض أسعار الفائدة بقوة.
وقالت مجموعة سيتي جروب إن منطقة اليورو بدأت عام 2024 بشكل أفضل مما توقعنا، وإن آفاق الاستهلاك أو الأداء القوي للدول الطرفية بناءة.
وقال المحللون إن “إصلاح العرض وتخفيف ظروف سوق العمل من شأنه أن يبدد المخاوف من التضخم الثابت ويفتح المجال أمام خفض أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي”.
ويأتي هذا النهج مدفوعا بالمخاوف داخل المؤسسة، وخاصة من جانب صناع السياسات الأكثر تشددا الذين يخشون أن يؤدي نمو الأجور والتضخم إلى زعزعة استقرار التوقعات.
وعلى الرغم من الاتجاهات الانكماشية، فإن إحجام البنك المركزي الأوروبي عن التحرك بسرعة أكبر يحد من قدرة السياسة النقدية على لعب دور أقوى في تعزيز الاستثمار والتصنيع والإنفاق الاستهلاكي.
وفي غياب موقف أكثر استباقية، يظل النمو الاقتصادي في المنطقة مقيداً، مما يؤخر إمكانية التعافي القوي.
بالإضافة إلى حذر البنك المركزي الأوروبي، فإن المحافظة المالية في ألمانيا تشكل عقبة كبيرة أخرى.
باعتبارها أكبر اقتصاد في أوروبا، تتمتع ألمانيا بتأثير كبير على المسار العام لمنطقة اليورو.
ويشير محللو سيتي إلى أن الالتزام الصارم من جانب ألمانيا بما يسمى “فرملة الديون” المنصوص عليها في الدستور يعوق قدرة البلاد على الانخراط في نوع التحفيز المالي الذي قد ينشط اقتصادها.
في حين تستفيد الاقتصادات الكبرى الأخرى في منطقة اليورو، مثل إسبانيا وإيطاليا، من التحسينات الهيكلية والدعم المالي الخارجي من خلال صناديق الجيل القادم للاتحاد الأوروبي، فإن ألمانيا مقيدة بقواعد تحد من قدرتها على زيادة الإنفاق الحكومي.
ويأتي هذا في وقت يواجه فيه الاقتصاد الألماني تحديات هيكلية، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الطاقة، والضغوط الديموغرافية، وضعف الطلب على الصادرات.
إن استمرار ضبط النفس المالي في ظل هذه الرياح المعاكسة يمنع ألمانيا من نشر الأدوات اللازمة لتحفيز النمو.
وقال المحللون “نتوقع حاليا أن تخفض الحكومة عجز الموازنة من 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 إلى 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 و1.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025 على الرغم من الاقتصاد الذي يعاني من الركود أو الركود الخفيف”.
إن الجمع بين إحجام البنك المركزي الأوروبي عن تخفيف السياسة النقدية بشكل أكثر قوة والموقف المالي الصارم لألمانيا يشكل عائقاً أمام نظرة أكثر تفاؤلاً لمنطقة اليورو.
وتحد هذه القيود من إمكانات التحفيز النقدي والمالي، في وقت حيث تفرض التحديات الخارجية الناجمة عن ضعف الطلب العالمي وعدم اليقين الجيوسياسي بالفعل ضغوطا على إمكانات النمو في أوروبا.