منوعات

أنقذ 24 سلحفاة مهددة بالانقراض.. تاجر أسماك بالسويس يكشف أسباب صيد السلاحف فى مصر -صور


02:49 م


الخميس 08 أغسطس 2024

السويس – حسام الدين أحمد:

تتخطى قيمة السلاحف البحرية دورها في جذب السائحين أو الاستدلال على نظافة بيئتها، هي من أهم الكائنات للصياد، ووجود واحدة يعني حماية آلاف الأسماك من الافتراس على يد كائنات بحرية أخرى تعتبر افراخ الأسماك غذائها المُفضل.

حين يتوقف موسم الصيد بخليج السويس، يذهب أحمد شوقي -تاجر أسماك-، إلى سوق أبو رمانة المطل على البحيرات المرة بقناة السويس، هنا يُخرج الصيادون خيرات البحر والأسماك المهاجرة والأنواع الراعية في المجرى الملاحي، الذي يوفر مرعي بحري لمختلف أنواع الكائنات البحرية وأكثرها قيمة اقتصادية.

سلحفاة مصابة

وبينما كان شوقي ينتقي أفضل الأسماك ويشارك في مزاد ليحصل على نصيبه من الرزق، شاهد سلحفاة بحرية “ترسة خضراء” كبيرة الحجم، تحكي إصابتها عما عانته في الساعات الماضية، فقرر الحصول عليها لإعادتها للبحر، حيث مكانها الصحيح لتأكل وتمارس دورها في السلسلة الغذائية، وتحافظ على مخزون الأسماك.

عين بارزة

يصف التاجر إصابتها ويقول: “كانت مصابة بجروح قطعية في منطقة الرقبة منتشرة من اليمين إلى اليسار، وجرح آخر على الرأس”، وتابع :”أن إصابة الرأس تسببت في خروج العين اليمنى من “الُحجاج” ذلك التجويف الذي يحمي تكوين العين، حتى بدت بارزة عن مستوى استدارة الرأس”.

أول سلحفاة

حالة تلك السلحفاة ذكره بما حدث في صيف 2018 عندما اشتري وصديقه محمود نجم مالك محل الأسماك الذي يديره “شوقي”، سلحفاة كبيرة مصابة في أطرافها، مقيدة بحبل في رقبتها وطرفة الأخر مثبت بحجر، يركب فوق ظهرها طفل كان ابن الصياد الذي قادها حظها العاثر لتقع في شباكه.

السلاحف أولى من السمك

يعرف محمود نجم وشوقي قيمة السلاحف البحرية جيدا خاصة الترسة الخضراء المهددة بالانقراض، لديهما استعداد للتضحية بثمن السمك ودفع آلاف الجنيهات مقابل الحصول على السلحفاة وإطلاق سراحها مرة أخرى في البحر، يتراوح سعر السلحفاة من 800 جنيه وحتى 5000 جنيها، حسب حالتها وحجمها، وشكل الصدفة، ويؤكد “شوقي” أنه منذ شراء السلحفاة الأولى وحتى أغسطس الجاري أطلق مع صديقه محمود نجم سراح 24 سلحفاة.

يقول شوقي أنهما حصلا على أغلب السلاحف بشرائها من التجار يخلف سعرها حسب حجمها، بينما تًفهم عدد قليل من الصيادين أهمية وجود السلحفاة في بيتها وسلمهم ما يعتبره صيد ثمين لأعادتها للمياه.

صيد ثمين

ينظر الصيادون للسلاحف باعتبارها صيد ثمين، السبب وراء ذلك ما يشاع عنها من خرافات تصل حد الهوس، منها أن شرب دمائها تعتبر منشط جنسي وتعالج النحافة، ولحمها الشبيه في تكوينه بأنسجة لحم الضأن، مقوي عام للجسم وتقي من الأمراض.

زينة وشعوذة

بينما يتسع المجال لاستغلال الصدفة، تستخدم في أعمال الديكور وبعد تنظيفها جيدا تباع بسعر قد يتجاوز ثمن السلحفاة حيه، لا يخلو الأمر من استخدام بعض أجزاء الصدفة في أعمال الدجل والشعوذة باعتبار أنها كائن بحري يعيش مئات السنين، وتستخدم أيضا قشور الصدفة في صناعة الحلي بعد كبسها بطريقة معينة وتباع كعقد أو سبحة بآلاف الجنيهات.

عودة بشروط

لا تعود السلحفاة لبيتها إلا بعد التنسيق مع فرع شئون البيئة في السويس، ومعهد علوم البحار بخليج السويس لفحص الكائن البحري وتسجيله قبل إعادتها للبحر، سواء كانت إعادتها إلى خليج السويس من داخل المعهد، أو عند إطلاقها في المحميات البحرية.

غذاء السلاحف

يدرك الصديقان أن السلاحف بطريقة مباشرة تحافظ على رزقهم من الأسماك، تتغذى السلحفاة على البحرية الطحالب الضارة التي تؤثر سلبا على الشعاب والحيود المرجانية، ما يساعد على تكاثر الأسماك المرجانية، بينما تقع قناديل البحر على رأس القائمة الغذائية لها، القناديل بدورها تلتهم الآلاف من أفراخ الأسماك فور قفس البيض والتفريخ.

القناديل عدو الصيادين

مع صيد السلاحف ونقص عددها يزداد عدد القناديل، تلتهم القناديل كمية أكبر من أفراخ الأسماك، تتحول القناديل إلى عدو للصيادين والتجار، حين تنقص الأسماك تقل حصيلة الصيد، ولن يجد الصيادين ما يغطي نفقات الصيد، ولن يجد التاجر ما يشتريه، وبالتالي يزداد سعر الأسماك.

فضلا عن ذلك، هناك تأثير سلبي للقناديل وإصابة آلاف المصطافين بلسعات مؤلمة على الشواطئ، مثلما حدث الأعوام الماضية على شواطئ البحر المتوسط، ويتكرر بين العام والآخر بسبب صيد السلاحف على يد صيادو الإسكندرية.

نادين

اشتري شوقي السلحفاة التي لن تكون الأخيرة وعاد بها مع السمك من سوق أبو رمانة الكائن جنوب محافظة الإسماعيلية، اعتاد الصديقان “شوقى” و”نجم” أن يطلقا على كل سلحفاة اسم، وحملت الأخيرة اسم: “نادين”.

يقول شوقي إن الفكرة جاءت بسبب العلاقة التي تكونت بينهم والسلاحف، لا يطلقون عليها رقم كالقول إنها السلحفاة رقم 23، بل اسم ويحتفظون بصور لها وينشرون أخبارها باسمها كأنها صديق ثالث للمتابعين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في السويس، حتى لحظة إعادتها للبحر.

وفور وصوله للسويس اتصل بمسؤولي جهاز شئون البيئة للحضور وفحص السلحفاة وتقديم العلاج لها، وهو أمر معتاد مع شراء كل سلحفاة سواء كانت سليمة أو مصابة.

أثر طيب

يؤكد تاجر الأسماك، أنه يرى الأثُر الطيب من الحفاظ على السلاحف، فحين يضحي بثمن السمك لشراء سلحفاة، يعود ليجد بركة في الرزق و إقبال مستمر على الأسماك لديه لتنفد الكمية كلها أحيانا قبل عصر اليوم.

استلام نادين

حضر غريب فاروق المسؤول الفني بالإدارة المركزية لشئون البيئة في السويس، فحص السلحفاة، يقول إنه تلقى بلاغا من تاجر أسماك أبلغه بحصوله على سلحفاة مصابة، وأظهر الفحص إصابتها برفاص عائمة بحرية، تسبب في ضرر بالغ في العين اليمنى بشكل لا يمكن علاج واعادتها لوظيفتها، لكن حالتها العامة كانت جيدة، وجرى استلامها وتقديم العلاج اللازم لها، لضمان عدم حدوث نزيف من العين، او الجروح.

من الخليج للبحر المتوسط

وأضاف غريب فاروق أنه بناء على حالة السلحفاة وحجمها تقرر إطلاق سراحها بمحمية أشتوم الجميل بإشراف الدكتور حسين رشاد مدير المحمية، ورافقت السلحفاة لجنة من شئون البيئة بالسويس في رحلتها إلى المحمية الكائنة على الطريق الساحلى بين بورسعيد ودمياط، لتعود إلى بيئتها عبر البحر المتوسط.

وحرصت اللجنة على حماية السلحفاة من تأثير حرارة الطقس على جروحها، راعوا تبريد السلحفاة بشكل مستمرة بسكب الماء عليها كل نصف ساعة لضمان الحفاظ على مستوى الرطوبة، وجرى استكمال العلاج بعد وصولها وإنزالها للمياه بعد تسجيلها.

وأوضح أن السلحفاة الخضراء من الكائنات البحرية المهددة بالانقراض بسبب عمليات الصيد ووقوعها داخل الشباك خلال مطاردتها أسراب الأسماك، ونظرا لأهميتها كانت شعار مؤتمر التنوع البيولوجي الذي عقد قبل 6 أعوام في مدينة شرم الشيخ بحضور ممثلين عن 179 دولة.

وأكد أن الإدارة المركزية لشئون البيئة في السويس عقدت سلسلة من الندوات التثقيفية خلال الفترة الماضية استهدفت رفع الوعي البيئي وتضمنت تعريف المشاركين المتطوعين بأهمية السلحفاة الخضراء التي تتغذى على قناديل البحر وهو على قمة الهرم الغذائي لها، وكلما تراجعت أعداد السلاحف انتشرت القناديل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى