“الهجرة الدولية وتشكيل فضاء المدينة العربية” في ندوة بمكتبة الإسكندرية
11:27 ص
الخميس 30 مايو 2024
الإسكندرية – محمد البدري:
قال الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، إن العولمة التي نعيش فيها شهدت الكثير من تدفقات الهجرة المنظمة وغير المنظمة، داخل المدينة العربية، لافتًا إلى أن هناك الكثير من فضاءات الهجرة داخل المدينة العربية تقوم بخلق أشكال من التجمعات.
وأضاف أن الصراعات داخل المنطقة العربية خلقت أنماطًا من الهجرة الخارجية لتلك الدول نحو الدول العربية خصوصًا في السودان وسوريا.
جاء ذلك خلال ندوة نظمتها مكتبة الإسكندرية من خلال برنامج دراسات التنمية المستدامة وبناء قدرات الشباب ودعم العلاقات الإفريقية بقطاع البحث الأكاديمي، اليوم الخميس، بعنوان”الهجرة الدولية وإعادة تشكيل فضاء المدينة العربية في مطلع القرن الحادي والعشرين” للدكتور أيمن زُهْري؛ خبير السكان ودراسات الهجرة وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان.
من جانبه، قال الدكتور أيمن زهري، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إنه عند الحديث عن الهجرة الداخلية، يجب التأكيد على أنه في البدء كانت القرية، فهي أصل الحضارة ومنها نشأت الحياة من خلال الزراعة، لافتًا إلى أن الزراعة المنظمة هي من خلقت الحضارة والقرية مهمة جدًا في تطور نظام الدولة فالمدينة كانت نتاجًا للقرية.
وأضاف أن المدينة ارتبطت في الثقافة العربية بالغربة والاغتراب والشك والريبة، لأن المدينة هي المستقطب للمهاجرين، لافتًا إلى أن المهاجرين هم دائمًا الأغراب ويفعلون ما لا يفعله الساكنين في القرية.
وأشار إلى أنه بالرغم من أن الثقافة العربية تنظر إلى المدينة بنظرة الشك إلا أنها ارتبطت أيضًا بالقوة والترقي ومركز نظام الحكم، متابعا أن المدينة العربية هي “النداهة” التي تغوي الكثيرين، حيث ظهر ذلك في السينما العربية، وارتبط ذلك بصورة القروي الساذج الذي تبهره أضواء المدينة.
وأشار إلى أن السينما عززت هذه الصورة النمطية وهذا التصور وعلى سبيل المثال فيلم العتبة الخضرا الذي أنتج في وقت مبكر من نمو هذه الظاهرة، فالمدينة هي مكان الاختباء والذوبان في الجموع الغفيرة ومن هنا نشأت ظاهرة هجرة القرويين إلى المدينة.
وقال إن هناك اتجاهًا عالميًا للانتقال للعيش من القرية إلى المدينة، فقرابة 60% من سكان العالم يعيشون في مناطق حضرية أي أن نسبة سكان القرى تقل عن 45%.
واستعرض زهري نسبة سكان القرية مقارنة بالمدينة في عدد من البلدان العربية، ففي مصر على سبيل المثال كانت نسبة سكان المدينة مقارنة بالقرية 32% وصلت إلى 43 % حاليا ومتوقع أن تصل إلى 52% بنهاية القرن الحالي.
وفي المغرب تبلغ النسبة الآن 66% وستصل إلى 77% بنهاية القرن أما تونس فإن النسبة تصل إلى 70% ومن المقرر أن تصل إلى 80% أما في الأردن فهي الأعلى حيث تصل إلى 92% ومن المقرر أن تصل إلى 95% وفي اليمن النسبة ستصل إلى 75% بنهاية القرن الحالي.
وقال زهري إن هناك ثلاثة معايير يمكن التفريق من خلالها بين سكان المدينة وسكان القرية وهي القرارات الإدارية من الحكومات التي تقرر أن تحول قرية إلى مدينة والمعيار الثاني يتعلق بنسبة من يعملون في مجال الزراعة فإذا كانت نسبة من يعملون في مجال الزراعة أقل من 45% فيمكن أن نطلق على هذا التجمع مدينة، في حين يختص المعيار الثالث بالأكاديميين.
وأشار إلى أن الإسكندرية كنموذج لنمو المدينة العربية يمكن القول إن المؤسس الحقيقي لها في العصر الحديث هو محمد علي، لافتًا إلى أن المدينة قبل هذا الوقت كانت مجرد مدينة لا يقطنها سوى 6 الاف شخص ويعانون من ظروف صعبة.
وقال إن محمد علي قام بشق ترعة المحمودية وأصبحت الإسكندرية مدينة جاذبة وأصبحت البوابة الرئيسية لمصر أمام العالم الخارجي، لافتًا إلى أن عدد السكان ارتفع في فترة وجيزة إلى 100 ألف نسمة بفعل الجذب الداخلي والخارجي من الجاليات الأجنبية.
وتابع: “الإسكندرية شهدت ميلاد السينما في مصر كما شهدت ميلاد جريدة الأهرام وكانت حاضنة لكل الأغراب إلى فترة الخمسينينات”.
وتحدث عن ارتفاع نسبة الهجرة في العالم خلال السنوات القليلة الماضية بسبب الصراعات والحروب، مبينًا أن نحو 300 مليون شخص هاجروا من بلدانهم خلال السنوات الماضية بسبب الصراعات.
كما تحدث عن أنماط المدينة في الخليج والتي كانت جاذبة بشكل كبير بعد التطور الاقتصادي الكبير الذي شهدته تلك البلدان، وتحول نظام العمل فيها من النظام الحكومي إلى القطاع الخاص حاليًا.
وقال إن نسبة الوافدين من بلدان الخليج تصل إلى 52% من عدد السكان، لافتًا إلى أن نسبة الحضر في الدول ستجد أنها نسبة مرتفعة جدًا فالكويت على سبيل المثال هي مدينة حضرية بنسبة 100%، في حين أن السعودية والتي تعد أكبر مدينة خليجية بها زراعة سنجد أن نسبة الحضر فيها تصل إلى 84%.
وأكد أن دول الخليج تشهد انفتاحًا على الثقافات الأخرى وتمثل ذلك في افتتاح كنائس في بعض البلاد وجرى تدشين معبد هندوسي في دبي لأن الهنود يشكلون نسبة كبيرة في دبي، مشيرا إلى أن دبي تمثل قمة الانفتاح على الديانات وبفضل هذا التحول الكبير أصبحت دبي من المقاصد المهمة للشباب حول العالم.
وتأتي الندوة في ظل تداعيات الهجرة الدولية على المدن العربية، ضمن سلسلة ندوات “العلوم الاجتماعية في عالم متغير” والتي أطلقتها مكتبة الإسكندرية في أغسطس 2023 بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الاجتماعية بكلية الآداب جامعة القاهرة.