منوعات

أبو ظبي تضع ” السلام الإبراهيمي ” في إطاره الصحيح

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

غرّد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان ، وزير الخارجية الإماراتي، على صفحته على منصة إكس ، فرفض التصريحات التي أطلقها بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، وأراد الشيخ عبد الله بتغريدته أن توضع الأمور في إطارها الصحيح.

وكان نتنياهو قد أطلق تصريحاً يقول فيه إن الإمارات يمكن أن تشارك في مساعدة حكومة مستقبلية في قطاع غزة خلال مرحلة ما بعد الحرب على القطاع.

وحين استشعرت الإمارات أن هذا التصريح ليس سوى محاولة من صاحبه للتغطية على مواصلة الحرب في غزة، فإنها سارعت تضع القضية في مكانها الذي يجب أن توضع فيه، حتى لا يظن صانع القرار في تل أبيب أن في إمكانه أن يحرج الحكومة في أبو ظبي، أو أن يشركها فيما لم توافق هي عليه أو تعلنه من جانبها.

ورغم أن تغريدة وزير الخارجية كانت موجزة وقليلة الكلمات، إلا أنها كانت كافية لأن تقول الكثير من المعاني، وكان من بين الدلائل على ذلك أن صحيفة العرب التي تصدر في لندن قد وضعتها في مانشيت الصفحة الأولى وبالبنط العريض.

ومما قالته الصحيفة وهي تتناول تغريدة الشيخ عبد الله بالتعليق، أن على اسرائيل أن تفهم أن اتفاق السلام الإبراهيمي الذي جرى توقيعه بين الحكومتين في البلدين في ٢٠٢٠، هو اتفاق سلام لتعزيز الاستقرار في المنطقة، وليس غطاءً سياسياً لمواصلة الحرب على الأطفال والنساء والمدنيين في أنحاء القطاع.

وأظن أن هذا التعليق من جانب الصحيفة قد جاء في وقته، لأن حكومة نتنياهو كانت منذ بدء حربها تحاول تصوير الاتفاق على غير حقيقته، وتحاول أن تستغله أو توظفه بشكل غير بريء، فكان لا بد مما ليس منه بد، وكان لا بد من أن يعاد الكلام عن اتفاق السلام الإبراهيمي، ولكن من الزاوية الصحيحة لا الزاوية التي تحرفه عن مساره منذ أطلقته الحكومتان في البلدين.

وما يعرفه الكافة أن اتفاقيات السلام الابراهيمي جرى إطلاقها في آخر أيام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، وأنه هو الذي رعاها وأعطاها دفعات، وأنها كانت بين تل أبيب وبين أربع عواصم عربية، وأن أبو ظبي كانت واحدة من بين العواصم الأربع.

وقتها كانت الاتفاقيات واضحة، وكانت العواصم الأربع واضحة أيضاً، وكان للاتفاقيات مساران متوازيان، أحدهما اقتصادي يتعلق بالتعاون بين اسرائيل وبين الدول الأربع معاً، أو كل دولة منها على حدة ، والثاني يتصل بما يجب أن تُظهره تل أبيب من سعي جاد في طريق التوصل لحل عادل وشامل في قضية فلسطين.

ولكن الدولة العبرية راحت في مرحلة من المراحل تتباطأ في المسار الثاني ، وبدا أنها ليست مهتمة به بما يكفي ، فلما أطلقت حربها على غزة قبل أكثر من ستة أشهر، بدا التوجه الحقيقي من ناحيتها على هذا المسار.

وعندما أطلق رئيس وزرائها تصريحه عما يتصوره للإمارات من دور في حكومة المستقبل في غزة، بدا أكثر أنه يرغب في التشويش على اتفاقيات السلام الابراهيمي، وأنه يراها على غير ما يتعين أن تراها عليه كل أطرافها، فجاءت تغريدة وزير الخارجية الإماراتي لتقول إن هذه هي الاتفاقيات، وأن هذه طبيعتها، وأن هذا هو ما يتعين أن تنتبه إليه إسرائيل.

كان الرئيس ترمب يريد أن يمضي بقطار الاتفاقيات إلى عواصم عربية أخرى، وكانت تل أبيب تشاركه هذه الرغبة، لولا أنه سقط في السباق الرئاسي الى البيت الأبيض، فلما جاءت ادارة جو بايدن من بعده لم تكن بالدرجة نفسها من الحماس للمضي في طريق السلام الابراهيمي ، ربما لأن صاحبه كان هو ترمب ، مع ما بينه وبين بايدن مما نعرفه من تباينات.

ولكن المشكلة لم تكن في ترمب ولا كانت في بايدن، وإنما كانت في مدى إيمان إسرائيل بضرورة أن يكون للقضية في فلسطين حل عادل وشامل معاً. وحين جاءت الحرب على غزة فإنها قد أعادت قطار السلام الإبراهيمي إلى المربع الأول، فتوقف القطار ولا يزال في المحطات الأربع التي انطلق منها، لعل تل أبيب تدرك أن للسلام مقتضيات وأثمان، وأن عليها أن تفي بها دون خداع ولا مساومات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى