صفقة إسرائيل وبريطانيا.. لماذا تختار الدول رواندا لترحيل اللاجئين إليها قسرًا؟
10:36 م
الخميس 25 أبريل 2024
كتبت- مصراوي
بعد معركة طويلة بين الحكومة وعدد من السياسيين بسبب قانون اللجوء والهجرة البريطاني، أسدل الستار نهائيّا اليوم الخميس، وأصبح القانون رسميّا بعد موافقة ملك بريطانيا تشارلز الثالث على خطة رئيس الوزراء ريشي سوناك، لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا.
الموافقة الملكية هي المرحلة الأخيرة في العملية التشريعية، وتختم فعليًا القرار الذي اتخذه البرلمان في وقت سابق من هذا الأسبوع، بالموافقة على مشروع القانون بعد معركة طويلة بين الحكومة ومعارضي الخطة.
لماذا رواندا؟
الكثير يتسائل عن سبب اختيار رواندا لاستقبال اللاجئين من بريطانيا، لكن وفقا لصحيفة ذا هيل البريطانية، فإن الجمهورية التي يسيطر عليها 14 مليون شخص كانت الشريك الوحيد الذي قال نعم لهذا المشروع.
فحسب صحيفة تايمز أوف لندن، فإن الحكومة البريطانية أجرت محادثات مع كوستاريكا وأرمينيا وبوتسوانا؛ وكانت تنزانيا وسيراليون وأنجولا مدرجين في قائمة الاحتياطي، وتم التواصل أيضًا مع الإكوادور والبرازيل وكولومبيا، بينما رفض المغرب وتونس وناميبيا الدعوة لمناقشة الفكرة في الأساس.
رواندا التي شهدت قبل نحو 30 عامًا إبادة جماعية، حصلت على مئات الملايين من الجنيهات الاسترلينية من بريطانيا، ضمن ما يسمى بـ”صندوق التحول الاقتصادي والتكامل”، وذلك بسبب موافقتها على استقبال اللاجئين.
في عام 2023 وجدت المحكمة العليا البريطانية، أن سياسة ترحيل المهاجرين إلى رواندا غير قانونية، على أساس أن رواندا ليست دولة آمنة للمرحلين. على وجه التحديد، فحسب ما نشرته صحيفة ذا هيل البريطانية، فإن البعض يرى أن هناك خطرًا كبيرا من أن أولئك الذين ستعمل الحكومة البريطانية على إرسالهم إلى رواندا قد يتم إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية وفقا للنظام القانوني الرواندي.
قرار المحكمة العليا البريطانية، اعتمد على أن في النظام القانوني الرواندي، عملية تُعرف باسم “الإعادة القسرية”، والتي تنتهك القوانين الإنسانية الدولية. لم تكون تلك النقطة الوحيدة التي وفقا لها عارضت المحكمة القانوني البريطاني، لكن قد يواجه اللاجئون بعد ذلك الاضطهاد أو المعاملة اللاإنسانية. وخلصت المحكمة إلى أن “رواندا ليست دولة آمنة”.
لكن الحكومة البريطانية كان لها رأي آخر، فخرجت بقانون يؤكد على أن جمهورية رواندا بلد آمن، وأن المرحلين لن يتعرضوا للإعادة القسرية، وتنص الوثيقة التي أقرتها الحكومة على أن رواندا وجهة آمنة للاجئين؛ لسد الباب أمام اعتراض القضاء، كما وقعت وزارة الداخلية البريطانية اتفاقية مع نظيرتها في كيغالي تتعهد فيها الأخيرة بعدم ترحيل أي طالب لجوء يصل إليها إلى بلده الأصلي.
من جانبه، قال نائب المتحدث باسم حكومة رواندا، آلان موكوراليندا، إن بلاده مستعدة لاستقبال المهاجرين من المملكة المتحدة بعد أن وافق البرلمان البريطاني هذا الأسبوع، على مشروع قانون متوقف منذ فترة طويلة يسعى إلى وقف موجة الأشخاص الذين يعبرون القناة الإنجليزية في قوارب صغيرة، عن طريق ترحيل البعض إلى الدولة الواقعة في شرق إفريقيا.
وتصر الحكومة الرواندية على أنها ملتزمة بالاتفاقات الدولية التي تؤكد على المعاملة الحسنة للاجئين، والتي قد اعترفت بها الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى، مؤكدة على استعدادها الكامل لاستقبال المهاجرين من بريطانيا، ولديها خطط لبناء أكثر من 1000 منزل، بما في ذلك المرافق الترفيهية، للمرحلين.
وتقول جماعات حقوق الإنسان وغيرها من منتقدي الخطة إنه من غير العملي وغير الأخلاقي إرسال المهاجرين إلى بلد على بعد 4000 ميل (6400 ميل) لا يريدون العيش فيه. لم يتم إرسال أي شخص إلى رواندا بعد، لكن سوناك قال إن الرحلات الأولى ستغادر في يوليو.
ووقعت بريطانيا ورواندا معاهدة في ديسمبر الماضي، تتعهد بتعزيز حماية المهاجرين، جزئيًا من خلال منع رواندا من إعادة أي مهاجرين تم ترحيلهم من المملكة المتحدة إلى بلدانهم الأصلية.
من 2013 إلى 2018، أبرمت إسرائيل صفقة مع رواندا لترحيل المهاجرين الأفارقة، حتى أعلنت المحكمة العليا الإسرائيلية أنها غير قانونية، حينها فشلت خطة إسرائيل في التمرير حتى أنها حاولت إبرام اتفاق آخر مع أوغندا لكنه فشل هو الآخر.
وينص قانون الترحيل على أن كل شخص يصل إلى بريطانيا عبر القناة البحرية وبشكل غير قانوني سيتم ترحيله إلى رواندا وهناك يمكنه تقديم طلب اللجوء، وفي حال قبول طلبه سيحصل على حق الإقامة في رواندا في إقامات تمولها الحكومة البريطانية، ولن يكون باستطاعته العودة إلى لندن تحت أي ظرف.
وفي حال تم رفض طلب اللجوء، فبإمكان المعني تقديم طلب لجوء إلى رواندا أو دولة أخرى يرى أنها آمنة.
القانون أيضًا يمنح الحكومة صلاحيات تجاوز الاتفاقيات الدولية والتحرك دون احترام هذه القوانين، وذلك لتحصين قرارات الترحيل من أي حكم قد تصدره المحكمة الأوروبية يمنع ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا.
ومن المفترض حسب القانون الجديد، أن توجه وزارة الداخلية البريطانية خطابات إلى طالبي اللجوء الذين وصلوا البلاد عبر القناة البحرية منذ يناير 2022 تخبرهم بأنه سيتم ترحيلهم دون تحديد التاريخ، وبعدها ستختار الأشخاص الذين سيسافرون في أولى الرحلات نحو رواندا.
وحسب الوزارة، فإن الأولوية ستكون للشباب الذين وصلوا بريطانيا دون أُسرهم، وسيتم ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا وهناك سيقدمون ملفات اللجوء، ويقيمون في أماكن مولتها الحكومة البريطانية وبدأ الاشتغال فيها منذ أكثر من سنتين.
يحق لكل شخص تلقى رسالة من وزارة الداخلية تخبره بأنه سيتم ترحيله إلى رواندا أن يرفع دعوى أمام المحاكم البريطانية من أجل إلغاء القرار، لكن المهمة ستكون صعبة أمام هؤلاء لأن القانون بات ينص على كون رواندا وجهة آمنة وكذلك يمنع ترحيل طالبي اللجوء إلى دولهم الأصلية، وسيكون على كل شخص يريد إلغاء قرار ترحيله أن يثبت للمحكمة أن حياته في خطر في حال تم ترحيله إلى كيغالي.
وفي شهر أبريل الجاري، أعلن سوناك أن عملية الترحيل ستبدأ خلال 12 أسبوعا، وذكر أن عددا من الرحلات سوف يتم تسييرها خلال أشهر الصيف، وهي الفرصة الأخيرة لحكومته وسط توقعات بأن الانتخابات العامة ستجرى في شهر سبتمبر أو أكتوبر الأول القادمين.
ولم تحدد الحكومة البريطانية عددا مُعينا للأشخاص الذين ستقوم بترحيلهم، إلا أن تقديرا لشبكة “بي بي سي” البريطانية توقع ترحيل 52 ألف شخص.