ما حقيقة المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي؟
10:39 م
الثلاثاء 23 أبريل 2024
بي بي سي
تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا صورا وفيديوهات تظهر انتشال جثامين من مقابر جماعية في ساحة مجمع ناصر الطبي بخان يونس في قطاع غزة.
وأظهرت بعض المشاهد جثثا مقطوعة الرأس أو الأطراف قيل إنها تمت سرقة أعضائها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل دفن الجثث، كما يمكن مشاهدة عدد من الجثث المتحللة نسبيا في فيديوهات أخرى.
وكان الدفاع المدني الفلسطيني قد أعلن أنه عثر على ثلاث مقابر جماعية في ساحة مجمع ناصر وأنه تم انتشال ما يفوق 280 جثمانا.
في المقابل قالت قوات الاحتلال الإسرائيلي إن الادعاء بأن الجيش دفن جثث الفلسطينيين هو ادعاء لا أساس له من الصحة.
وأضافت: “خلال العملية التي قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة مستشفى ناصر، في إطار الجهود المبذولة للعثور على الأسرى والمفقودين، تم فحص الجثث التي دفنها الفلسطينيون في منطقة مستشفى ناصر، وأُعيدت الجثث التي تم فحصها والتي لا تعود للأسرى الإسرائيليين إلى مكانها”.
وأضافت أنه تم إلقاء القبض على حوالي 200 شخص كانوا في المستشفى، خلال العملية وقد تم تنفيذ النشاط بطريقة هادفة ودون الإضرار بالمستشفى والمرضى والطاقم الطبي.
شهد محيط مجمع ناصر منتصف فبراير قتالاً عنيفاً وحاصرته الدبابات الإسرائيلية في 26 مارس.
ما حقيقة ما حدث في ساحات مستشفى ناصر؟
فريق بي بي سي لتقصي الحقائق دقق في الفيديوهات والصور المتداولة وتحدث لممثل الدفاع المدني وخبراء الطب الشرعي وتوصل إلى أن ما يتم تداوله يتنافى مع حقيقة ما حدث.
المقابر الجماعية
تقع المقابر التي عثر عليها في نفس الموقع الذي تم فيه حفر المقابر الجماعية وتم دفن عشرات من الفلسطينيين فيها خلال الأشهر الأخيرة.
عثر فريق بي بي سي على فيديو يعود للخامس والعشرين من يناير الماضي يظهر مواطنين فلسطينيين يدفنون أكثر من 70 جثمانا في ساحة المستشفى ويمكن الاستدلال على المكان من خلال المباني الظاهرة في الفيديو.
تكرر دفن جثث لفلسطينيين من قبل مواطنين فلسطينيين مرة أخرى في فيديوهات تعود للثامن والعشرين من يناير حيث دفن حوالي 30 شخصا، ثم في الثالث من فبراير الماضي حيث دفن عدد أخر في موقع يبعد ستة أمتار عن الموقع الظاهر في الفيديوهات المتداولة.
أكد محمود بصل المتحدث باسم قوات الدفاع المدني الفلسطيني لبي بي سي دفن فلسطينيين لذويهم أو جثث مجهولة في هذه المواقع داخل المستشفى بسبب الحصار الإسرائيلي داخل خان يونس خلال أشهر الحرب الأخيرة.
وأضاف أن قوات الاحتلال الإسرائيلي عندما داهمت المستشفى نبشت القبور للبحث عن جثث الأسرى الإسرائيليين ثم أعادوا دفن الجثث مع جثث أخرى قُتلت خلال المداهمة.
وقال بصل إن من بين ثمانين جثة تقريبا عثر عليها في اليوم الأول تم التعرف على ثلاثين منها بسبب وضوح ملامح أصحابها، ولكن باقي الجثث لا تتضح ملامحها لأنها دفنت في وقت سابق عن الأخرى.
تتطابق تصريحات المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني مع الرواية الإسرائيلية عما حدث، ولكن هذا لا يستبعد إمكانية إضافة قبور عندما داهمت القوات الإسرائيلية المستشفى.
يذكر أن الفيديوهات التي تحققنا منها والتي تظهر دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي لمستشفى ناصر نشرت في الخامس عشر من فبراير الماضي، وانسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي من خان يونس في السابع من أبريل، يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو.
قمنا بعرض الفيديوهات والصور المتداولة على الدكتور حسانين الطيار، استشاري الطب الجنائي والمحاضر في جامعة أكسفورد البريطانية، الذي أكد بدوره أنه شاهد جثثا في مراحل مختلفة من التحلل في الفيديوهات مما يؤكد تفاوت توقيتات الدفن.
“سرقة الأًعضاء”
تحدث شاهد عيان لبي بي سي قال: “شاهدت جماجم مدفونة في الأرض وأيدي وأرجلاً مقطعة وجثثاً متحللة، وكانت الرائحة فظيعة جداً في المقبرة الجماعية”.
ونشرت العديد من المواقع الإخبارية مثل هذه الشهادات متهمين قوات الاحتلال الإسرائيلي بسرقة أعضاء وأطراف الجثث، ولكن يتنافى هذا مع رأي الدكتور حسانين الطيار عما شاهده في الفيديوهات حيث أكد أن الجروح والقطع في الجثث الظاهرة لا يمكن أن تكون تمت من قبل أطباء أو بأدوات طبية، بل إنها تمت بأسلحة ثقيلة.
وفي نفس السياق عندما سأل محمود بصل عن الجثث التي عثروا عليها مفقودة الرأس أو بعض الأطراف قال إنه من المعتاد أن يتسبب قصف المنازل أو السيارات في تحول الجثث إلى أشلاء وقد تفقد بعد الاشلاء بين الركام.
جثمان بلا رأس
كما تم تداول صورة لجثمان مقطوع الرأس مغطى بالدماء على أنه إحدى الجثث التي تم انتشالها من المقابر الجماعية المكتشفة، ولكن بالنظر لحالة الجثة والدم الظاهر أكد الدكتور حسانين أن الصورة لا يمكن أن تكون التقطت إلا يوم الوفاة أو في اليوم التالي على الأكثر.
يتنافى هذا مع أن تكون هذه الجثة لشخص قتل قبل انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي في السابع من إبريل الجاري.
جثة مكبلة
في صورة أخرى تظهر جثة مقيدة متحللة نسبيا مما يرجح أنها تعود لاحد الأشخاص الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي.
الجيش الإسرائيلي في رده على بي بي سي ذكر أن العملية تم تنفيذها “بطريقة هادفة ودون الإضرار بالمستشفى والمرضى والطاقم الطبي”، ولكن بي بي سي حصلت على لقطات قدمها لنا أحد شهود عيان في مستشفى ناصر، يقوم فيها جنود الجيش الإسرائيلي بتحريك سريرين في المستشفى وأيدي من فيهما مرفوعة فوق رؤوسهم وهي مقيدة، وقد تحققنا من صحة هذه المقاطع.
وفي لقطات منفصلة نشرها الجيش الإسرائيلي، يمكن رؤية أشخاص مستلقين على الأسرة في المستشفى وأيديهم مقيدة، وأذرعهم مرفوعة بوضع مماثل، ولا نعرف من هم هؤلاء الأشخاص، أو ماذا حدث لهم بعد التقاط هذه التسجيلات.