فقدت زوجها بسبب السرطان وأصابها في الكبر.. رحلة فاطمة الأم المثالية في السويس من المحنة إلى المنحة
07:44 م
الإثنين 18 مارس 2024
السويس_ حسام الدين أحمد:
عرفت فاطمة منصور مرض السرطان وهي شابة صغيرة، حين أصاب زوجها وكان سببا في وفاته، ثم أتاها في الكبر ليخرج بمشرط الجراح والعلاج الكيماوي، وبين وفاة الزوج واصابتها قطعت رحلة كفاح حولت فيها المحنة إلى منحة زادها العطاء والعمل الخيري.
رحلة فاطمة السيد منصور 69 عامًا، جعلتها تستحق الفوز بلقب الأم المثالية هذا العام بمحافظة السويس، فضلا عن تفانيها في تربية أولادها، فقد قطعت طريق طويل في العمل الخيري ولم يؤخرها تقدمها في السن أو السرطان عن استكمال رسالتها.
شابة صغيرة
تحكي الأم المثالية بالسويس، في بث مباشر نشرته صفحة “مصراوي” على الفيس بوك رحلة كفاحها تقول أن زوجها عانى عدة سنوات من سرطان الكبد، وتوفي وهو بعمر 28 عاما وهي أصغر سنا، تاركا لها طفليها بعمر عامين و4 أعوام.
في ذلك الوقت عام 1986 لم يكن يكتشف بعد علاج سرطان الكبد، تحكي الأم وتقول “كان بياخد ادوية كتيير، كنت جمبه شكرني على وجودي معاه في رحلة العلاج ثم صعدت روحه في هدوء” تصف الأم مشهد رحيل الزوج محمد عبدالعزيز علي، الذي لم يغب عن ذهنها وجعلها تغير مسار عملها لاحقا.
مدرسة خاصة
سعت الأم جاهدة ليلتحق أبنائها بأفضل المدارس في السويس لتضمن لهم جودة تعليم وتحقق وصية زوجها، كان معاش زوجها من شركة الحديد والصلب التي يعمل بها 80 جنيها وراتبها 38 جنيها، استعانت بالله لتدبير نفقاتها.
ماكينة تريكو
تذكرت الأم ماكينة تريكو صغيرة اشتراها زوجها، أحبت نسج خيوط الصوف عليها، صممت قطع لأطفالها، أحبت الخيوط وابدعت فيها وصنعت قكع الملابس للمعارف والأصدقاء، وفرت لها قدر بسيط من المال، حتى تحسنت أحوالها وتبرعت بها لإمرأة أخرى مكافحة تعول اسرتها، وتذكر الام فضل والدها واشقائها، وكيف أنهم ساعدوها بقدر استطاعتهم
الهجرة والعمل الخيري
عقب يونيو 1967 هاجرت فاطمة مع أسرتها من السويس إلى القاهرة، كانت في المرحلة الإعدادية في ذلك الوقت، “كنا عايشين في السيدة زينب، شفت سيدات الجمعيات الخيرية والأندية بيساعدوا المهجرين ويقدموا إطعام للأسر، كان عندي رغبة أني أشارك معاهم، رحت وطلبت منهم ورحبوا بيا” تحكي الأم كيف ساهمت الظروف في زراعة حب الخير في طفولتها.
تحكي فاطمة، إن مشاركتها زرعت فيها حب عمل الخير، أصبح الأمر جزء من شخصيتها، تنساق له، تشعر بالراحة عند تقديم المساعدة للغير، ولم يغير الزمن أو المرض ذلك في شخصيتها، حتى حين أصيبت بالسرطان كان ما قدمته سبيلا ليهون عليها الإصابة.
أرى زوجي فيهم
التحقت فاطمة بالعمل في كلية التربية بالسويس التي كانت حينها فرعا يتبع جامعة قناة السويس، بعد وفاة زوجها بعامين افتتحت وزارة التعليم العالي مركز البحوث والتدريب لعلاج الأمراض المعدية والكبدية، حرصت على الانتقال للمركز لتقديم خدماتها للمرضى، لاسيما المصابين بأمراض الكبد والجهاز الهضمي، أحبت عملها الجديد واتقنته.
” كنت اتعامل مع الحالات المريضة، أرى فيهم زوجي، لا أنظر لهم كمرضى بل اشقائي، والكبير منهم والدي والصغير أبني، يشغلني مساعدتهم وتسهيل حصولهم على العلاج المطلوب، وتذليل أية عقبات روتينية من خلال وظيفتي مدير مالي وإداري بالمركز” تقول فاطمة وتضيف ان المركز قدم العلاج على نفقة الدولة لأكثر من 3500 مريض بالسويس.
العمل التطوعي
تقول الأم المثالية أن في عام 2007 جرى افتتاح جمعية رعاية مرضى الكبد للتنمية، تطوعت فاطمة للعلم بالجمعية التي رأت انها تكمل دور المركز.
وتابعت أن الجمعية تقدم خدمات رعاية شاملة، تشمل الرعاية الطبية والمعنوية، مع الاهتمام بالجانب الاقتصادي وتوفير مشروعات صغيرة لمن فقد عائلة بسبب المرض أو للمرضى بعد تعافيهم، لينفقوا على أسرهم لا سيما أرباب الحرف الذين أثر المرض عليهم ولن يقدروا على العودة لأعمالهم السابقة.
لم يشغل العمل الوظيفي أو الخيري الأم عن أبنائها، فهي عودتهم من الصغر على الاعتماد على أنفسهم وتحصيل دروسهم أولا بأول ساعدهم ذلك في التحصيل الدراسي والتفوق، حتى تخرجت الابنة الكبرى رضوى ونالت شهادة بكالوريوس حاسبات ومعلومات، اما أحمد فتخرج في كلية التجارة.
الخير ممتد
زرعت آلام العمل الخيري والتطوعي في أبنائها، تراجع دور الابنة بعد زواجها وإنجاب أطفالها، بينما استكمل أحمد الطريق معها متطوعا في جمعية رعاية مرضى الكبد، قضى بالجمعية 17 عاما حتى جرى اختياره عضوا بمجلس إدارة الجمعية.
السرطان مرة أخرى
في أتون مواجهة فيروس كورونا، اكتشفت الأم أن ما حسبته هينا ولم تهتم به، هو ورم سرطانى في جسدها، حينها أخبرها الطبيب في حملة 100 مليون صحة أنها في المرحلة الثالثة من المرض، “الدكتور قالي انتي سيبتي نفسك وكل ما نكتشف بدري يكون العلاج أسهل”.
بدأت الأم رحلة العلاج والفحوصات والتشخيص وسحب العينات، ثم الاستئصال، أعقب ذلك تلقى جرعات العلاج الكيماوي، وهي حاليا في مرحلة المتابعة.
حياة كريمة
قبل عام تقدمت فاطمة للتطوع في مؤسسة حياة كريمة، رغم تأثر صحتها بعد الإصابة بالسرطان، ورغم تقدمها في العمر، تتحدث الأم بفخر تقول: “انا بروح استمتع، المتعة في العمل خاصة في العمل الجماعي”.
تابعت الأم أنها تشارك حاليا في مبادرة “قيمنا” والتي تهتم بتحسين سلوك وأخلاقيات النشء، والأطفال وتحرص على زيارة الأطفال في المدارس وتوعيتهم والحديث معهم، مؤكدة ان القضية الحالية الأهم هي قضية الوعي وبدونها لن تتحقق التنمية.
تستحق الفوز
يقول الابن الأصغر أحمد أنه فكر كثيرا في أن يقدم قصة والدته في مسابقة الأمهات الأم المثالية، لكن أصدقاء والدته في العمل التطوعي والخيري هم من سبقوه في تلك الخطوة، مضيفا أنه حين علم كان واثق من فوزها وتوقع ان تحصد مركز على مستوى الجمهورية.
يضيف أن والدته زرعت فيه حب الخير والتطوع ومساعدة غيره، وأن يجعل جزء من يومه يشارك فيه بأعمال الخير تقربا إلى الله.