زعيم الشر سقط أخيرًا..”تركي” أعدم صديقيه على “نيل أطفيح” (أسرار وتفاصيل)
09:01 م
الأحد 04 فبراير 2024
كتب – محمد شعبان:
عام 2013، جمعت زنزانة بين “تركي” و”محمود” و”رمضان”. ظروف واتهامات متشابهة توطدت معها علاقة الثلاثة وصاروا أصدقاء لا يفترقون طوال اليوم لكن الطمع ألقى كلمته خارج أسوار السجن.
مع انقضاء فترة العقوبة وخروجهم، كون الثلاثة “عصابة الشر”، طرقوا أبواب الإجرام دون هوادة. البداية جاءت مع ارتكابهم جرائم سرقة بالإكراه ثم الاتجاه إلى عالم الكيف.
“تركي” اتخذ “محمود” وسيطًا لجلب المخدرات من الجبل. سلاسل الجبال الواقعة بنطاق مركز أطفيح أقصى جنوب الجيزة قصدها “أبو حنفي” صعودا وهبوطا مقابل الحصول على نسبة من الصفقة المشبوهة.
لسنوات، استمر التعامل بين الصديقين حتى وقع مشهد متكرر في عالم الجريمة. “تركي” بحث عن زيادة أرباحه من تجارة المخدرات وأعد حيلة ماكرة لم يحصل بموجبها صديقه على نسبته.
الطمع فرق عصابة الشر
دهاء صاحب السجل الإجرامي لم يمر مرور الكرام على “محمود”. رفيق الزنزانة فطن إلى الملعوب فقرر إعادة حقه المسلوب على طريقته الخاصة.
40 ألف جنيه اقتنصها “محمود” من بين أنياب “الزعيم” فثار ملك غابة الإجرام غضبًا وقرر إسدال الستار على تلك الشراكة. اختار القتل طريقة لإنهاء الخلاف.
قبل 20 يومًا، استدرجه إلى مركب نيلي وأطلق عليه الرصاص من بندقية خرطوش وسرق بندقيته الآلية ومتعلقاته وألقى جثته في نهر النيل ليستأنف حياته وكأن شيئًا لم يكن.
لدغة الثعبان
الفصل الثاني من نهاية قصة الأصدقاء بدأ بشعور “رمضان” بغدر “تركي”. غياب رفيقهما الثالث أثار الريبة والشكوك تلاحق العقل المدبر لنشاطهم غير المشروع.
“رمضان” نفض الغبار عنه، واضعًا خطة للإفلات من لدغة محتملة لثعبان الكوبرا “تركي”. متقمًا شخصية رجال الشرطة، قيده واستولى على البندقية الآلية التي سرقها من “محمود”.
“تركي” أعلن الحرب، لم يتحمل غدر صديقه “كده انت خاين وماينفعش نكمل” إضافة إلى خوفه من تسرب خبر سرقة البندقية إلى أسرة المجني عليه الأول “محمود” فيجهزون عليه دون تردد.
بأكياس من مخدر الموت “الأيس” استدرجه إلى نهايته المحتومة. انتظر حتى خارت قواه تحت تأثير المخدر وشل حركته وخنقه بشال كان يرتديه ثم أعدمه بالرصاص ليتأكد من وفاته وتخلص من جثته بنهر النيل.
جريمة ثانية بنفس الطريقة ظن معها “تركي” أنه قاتل محترف لن يسقط في قبضة الشرطة وأن ذكاءه سيحول بينه وبين دخول السجن مجددًا لكن النهاية جاءت صادمة له، فماذا حدث؟
جثة على ضفاف النيل
اللواء هاني شعراوي مدير المباحث الجنائية بالجيزة تلقى بلاغا من مأمور مركز أطفيح بالعثور على جثة شاب مجهول الهوية مكبل اليدين وقطع بالأنف ملقاة على شاطئ النيل بقرية الرقة البحرية.
93 كيلو مترًا -من أبو النمرس إلى أطفيح- قطعها العميد محمد مختار رئيس مباحث قطاع الجنوب ليرأس فريق بحث رفيع المستوى شكله اللواء محمد الشرقاوي مدير المباحث؛ لفك طلاسم القضية.
كعادته، بدأ “مختار” اجتماع المصغر مع الضباط بقراءة الفاتحة ليفند معطيات الواقعة مع توزيع الأدوار على رئيس مباحث أطفيح المقدم محمد مختار ومعاونيه بالتنسيق مع الأدلة الجنائية وقطاع الأمن العام.
مراجعة بلاغات التغيب كشفت هوية المجني عليه، “رمضان 34 سنة” عاطل سبق اتهامه في ٥ قضايا. أول خيوط القضية كانت فحص سجل المكالمات وآخر مشاهدة له.
اقرأ أيضًا: رسالة أخيرة كتبت نجاة الابنة.. القاتل الصامت أنهى حياة شقيقتين بالسلام
بداية حل الجريمة اللغز
“رمضان سره مع تركي” معلومة شكلت نقطة الانطلاق. أصابع الاتهام اتجهت إلى واحدِ من أشاوس الإجرامليوجه رئيس القطاع بتكثيف المعلومات والتحريات.
المقدم محمد مختار -المنتدب حديثًا لشغل منصب رئيس المباحث- استرجع ذاكرته الأمنية ورافق معاونوه في رحلة البحث عن “تركي” وقبلها جمع الأدلة استعدادًا لمواجهة ليست باليسيرة.
النقباء ماهر بدوي وطلعت مجاهد وأحمد عكاشة ومحمد حسن معاونو مباحث أطفيح، واصلوا العمل ليل نهار، 4 أيام لم يجلس أي منهم على مكتبه وسط متابعة يومية من مدير المباحث لسير خطة البحث فتحقق هدفهم المنشود.
مأمورية محكمة ترأسها المقدم محمد مختار ألقت القبض على المشتبه به “تركي” واصطحبته إلى ديوان القسم لتبدأ مناورة برهن معها رجال المباحث على حسهم الأمني.
مناورة داخل غرفة التحقيقات
4 أيام التزم فيها “تركي” الصمت رافضًا الإدلاء بأي رد وكأنه قُطع لسانه. مدرسة مباحث الجنوب لقنته درسًا لن ينساه، الضباط واجهوه بأدلة قاطعة أيقن أمامها أنه لن يغادر القسم إلا إلى محبسه ومنه إلى “طبلية عشماوي”.
أمام “المختارين” -العميد والمقدم- أدلى باعترافات تفصيلية لجريمته الثانية ظنًا أنه سفلت من فعلته الأولى-كيف لا والجريمة دون جثة- إلا أن تفريغ سجل المكالمات ومشاهدة له أجبرته على الاعتراف بتفاصيل ومكان جريمته الأولى بحق صديقه “محمود”.
“جت معايا كده” أرشد عن البندقية الآلية وهاتف المجني عليه، والقارب محل الواقعة به آثار طلقات خرطوش بقرية كفر قنديل وسط جهود الإنقاذ النهري لانتشال الجثمان.
في أقل من أسبوع أسدل ضباط المباحث الجنائية برئاسة اللواء هاني شعراوي الستار عن جريمتي قتل بنفس الطريقة، بينما استقبل الأهالي الخبر بالزغاريد ليعبر أحدهم “الحمد لله ربنا ريحنا من شرهم”.
اقرأ أيضا: جريمتان وجثة واحدة.. “تركي” قتل صديقيه بالرصاص في أطفيح
اقرأ أيضًا: رجل يقطع رأس والده ويوثق جريمته على “يوتيوب”.. ما القصة؟