خبير استراتيجي: الاستعمار دعم الإخوان واستغل مطامعهم في السيطرة على مصر
03:40 م
الثلاثاء 28 نوفمبر 2023
السويس- حسام الدين أحمد:
قال اللواء الدكتور صفوت الديب الخبير الاستراتيجي إن العصر الحديث لمصر بدأ مع محمد علي باشا عام 1805، وقبل هذا التاريخ كانت مصر في غياهب الحكم العثماني، حيث كانت ولاية عثمانية يجمع منها الخراج ويرسل إلى الأستانة عاصمة الدولة العثمانية، وكانت أشد مراحل الضعف قبيل الحملة الفرنسية على مصر ما جعلها مطمع للأوروبيين.
وأضاف أن نابليون حاول استمالة المصريين وارتدى الزي الأزهري وكان يتردد على مساجد القاهرة، ويدعي تأثره بالخطب الدينية، وذلك محاولا استغلال الدين، كونه الطريق السهل لكسب عاطفة المصريين، واكتشف الغرب مبكرا أن هذه المنطقة لا يحركها سريعا إلا الدين، لأن الناس في مصر مقصدهم الجنة.
وهو ما تكرر عدة مرات في العهد القريب وكان آخرها محاولة فصيل بعينه استمالة الناس عن طريق الدين قبل سنوات، بينما الطريق الأصعب هو محاورة الناس ومناقشتهم واقناعهم بالأيديولوجيات والأفكار، ولهم أن يصدقوا أو ينصرفوا عنه.
جاء ذلك خلال ندوة تثقيفية بجامعة السويس بعنوان نبذة عن تاريخ مصر الحديث، حاضر فيها اللواء دكتور صفوت الديب، مدير أكاديمية ناصر السابق والخبير الاستراتيجي، بحضور الدكتور أشرف حنيجل رئيس جامعة السويس، خالد سعداوي السكرتير العام لمحافظة السويس نيابة عن اللواء عبدالمجيد صقر محافظ الإقليم، والقيادات التنفيذية وعمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس ومئات الطلاب بالقاعة الكبرى بالجامعة.
وتطرق اللواء صفوت الديب للحديث عن جماعة الاخوان، وقال إن المخابرات البريطانية دعمت الجماعة واعتبرت أنها لن تتمكن من السيطرة على مصر إلا من خلال تنظيم ديني، وفي المقابل تحولت الجماعة إلى تنظيم سياسي لها مطامع في السلطة مستغلين الدين واستقطاب الناس واستمالتهم بتلك الطريقة.
وذكر أن الجماعة منذ نشأتها حتى ثورة 1952 ولم تشارك في أي فاعلية ضد الاحتلال، وفي أول اجتماع جمع مرشد الجماعة مع جمال عبدالناصر قبل ثورة يوليو 1952 أعلن المرشد العام أن لهم أهداف دولية مع الجهات الأخرى، وهو ما أختلف مع أهداف الضباط الاحرار، والتي تركزت على طرد المحتل والقضاء على الفساد في مصر.
وأكد أن تاريخ الجماعة يكشف لجوئها إلى العنف والقتل عدة مرات ضد كل من يعارض مصالحهم، حيث اغتالوا النقراشي باشا، والخازندار أمام بيته، وعندما تعارضت مصالحهم مع ثورة يوليو 1952 حاولوا اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في المنشية بالإسكندرية، فقرر الزعيم الراحل حل الجماعة وحبس قادتهم.
وأضاف الديب أن الوضع استمر حتى عام 1964 حين كبرت معارك عبدالناصر مع الغرب، فأخرج الإخوان من السجون وأعادهم إلى وظائفهم وحصلوا على ترقيات بأثر رجعي، كما أعادهم إلى الحياة السياسية مرة أخرى، إلا أنهم عاودوا اللجوء للعنف مرة أخرى وظهروا كتنظيم مسلح وكان لديهم مخطط عام 1965 لتفجير القناطر الخيرية لإغراق الدلتا، وتفجير محطات الكهرباء لتعطيل صور الحياة، ما يؤكد أنهم ليسوا جماعة دينية بل تنظيم إرهابي.
وتحدث الخبير الاستراتيجي عن نشأة مصر الحديثة، واستطرد أن حملة فريز جاءت إلى مصر 1807 وبدأت الحملة تزحف إلى رشيد، لكنهم لم يجدوا حليفهم الألفي بك الذي مات قبل دخولهم مصر بيومين، ورغم قلة العدة والعتاد والجنود المصريين مقابل اعدد جنود الحملة، إلا ان علي بك السلامكي استعان بما لديه وكانوا 85 جندي فقط، واتحد معه رجال مدينة رشيد وشكلوا مقاومة شعبية، حيث تركوا الإنجليز يتسللوا إلى الشوارع والحواري ثم هاجمهم الأهالي من الشرفات وألقوا عليهم الحجارة، حتى هزموهم وفروا من مدينة رشيد.
وأضاف أن محمد علي باشا دبر مذبحة المماليك للتخلص منهم، لأنه رأى أن مصر لن تتقدم للأمام إلا بعد التخلص منهم، فدبر لهم مكيدة، قبل خروج الجيش إلى الأراضي الحجازية عام 1811، للقضاء على الحركة الوهابية، وهناك دخل الجيش مدينة ينبع بقيادة إبراهيم باشا وبعد قتال شرس وعنيف سيطر على ينبع، ومنها إلى المدينة ونجح أيضا في السيطرة عليها.
وأكد اللواء صفوت الديب، أن الجيش الذي خرج من مصر في ذلك الوقت كان من الجنود الألباني والأرنائوط، ولم يكن بينهم مصريين، لذلك بعد عامين من دخول جيش إبراهيم باشا للمدينة والأراضي الحجازية، تكررت هجمات الوهابيين حتى انهزم الجيش، فما كان من إبراهيم باشا إلا التفكير في تجنيد الفلاحين المصريين وتدريبهم وضمهم إلى صفوف الجيش.
وأوضح أن الجيش المصري بمفهومه الحديث بدأ تأسيسية بين عامي 1814 و1815، وفي 1816 خرج الجيش المصري إلى الحجاز، وأعاد فتح المدينة مرة أخرى ثم زحف الجيش إلى مكة وطرد الوهابيين منها، ثم توسع جنوبا وذهب إلى صنعاء في اليمن، وفتح الحديدية، ثم حضرموت وعدن، وانهي دولة الوهابيين.
واستطرد أن بحلول عام 1817 أصبحت الجزيرة العربية في يد مصر وتحت حكمها، بالإضافة إلى السودان حيث كانت السودان وقتها عبارة عن ممالك متناثرة، وأراد محمد على تنفيذ حملة لتأمين منابع النيل ليضمن استقرار النشاط الاقتصادي والذي كان قائما على الزراعة في ذلك الوقت، واعتمد على أبنه إسماعيل باشا الذي قاد حملة السودان وأنشأ مدينة الخرطوم.
وأكد ان الجيش المصري منذ نشأته عام 1814 حقق كثير من الانتصارات خارج حدود الدولة المصرية في ذلك الوقت، من بينها حرب البلقان عام 1822 حين أعتمد على الجنود المصريين من الفلاحين بعد هزيمة جنود الدولة العثمانية أمام الدول الأوربية، وحرر الجيش المصري أجزاء كبيرة من البلقان بعد هزائم متكررة للجيوش الأوروبية.
أولاد الفلاحين المصريين، كانوا يقاتلون في مدن شديدة البرودة يتساقط فيها الثلج ويغطي الأرض إلا أن الجنود المصريين كانوا قادرين على التأقلم سريعا، حتى تكرر استعانة الدولة العثمانية بهم عام 1832 حيث قاد إبراهيم باشا الجنود المصريين وحاصر عكا حتى فتحها، بينما فشلت الجيوش الأوربية من قبله في دخولها.