منوعات

في مستشفى المعمداني.. قذائف الاحتلال تقتل زهور فلسطين قبل الميعاد


04:39 ص


الأربعاء 18 أكتوبر 2023

كتب- محمود الطوخي

بعد فزع من القذائف التي أمطرت منازلهم في ربوع غزة، يلعبون ويمرحون بين العشب والأشجار في ساحات مستشفى المعمداني، يضيفون بألوان ثيابهم الزاهية والمتنوعة إلى لوحة التفاؤل القائمة، تتشابك أيديهم بوحدة الدم والأرض، وتشق ابتساماتهم البريئة غمام العدوان عليهم، وتتعالى أصوات ضحكاتهم فيجددون الآمال في نفوس ذويهم، فلا انكسار على أرض فلسطين ما داموا أحياء، وينثرون من البهجة معالمها ورائحتها.

فهاك طفل بالكاد يبلغ العاشرة لم يتخل عن عاداته رغم العدوان ينظف العشب الأخضر ويلملم مخلفات إقامتهم، وآخر ينشد وشقيقه الأصغر مع المجموعة من حولهم يشاركهم البالغون فرحة اصطنعوها، في حديقة المستشفى كانوا آمنين مطمئنين أو بالأحرى هكذا كان ظنهم، حتى باغتتهم قذائف الغدر والعدوان ففرقت شمل أجسادهم.

واحترق العشب وجفت الأشجار وماتت الزهور قبل الميعاد، والابتسامات قد اختفت وحل الصراخ والعويل، فهذا صاحب العشرة أعوام قد تمزقت أوصاله وتلطخ العشب بدمائه، وذلك الآخر يضمد جراح وجهه المشوه وبصوت محشرج يلقن أخاه الأصغر المخضب بدمائه الشهادة بينما يلفظ أنفاسه الأخيرة والموت قد حاصرهم، وتلك المجموعة قد تناثرت أشلاؤها في الأرجاء.

وها هم البالغين قد تلاشت أمالهم وانهزمت نفوسهم، يهرولون في الطرقات تماثل ظلمتها المأساة حاملين من استشعروا الحياة فيه قاصدين من نجا من الأطباء أو المسعفين، يستقبلون إجاباتهم إما بالتهليل لمن كتبت له النجاة أو البكاء والنحيب لمن أسلم الروح إلى بارئها شهيدا فيزيد في عداد شهداء قصف المستشفى تخطت أرقامه 500.

صورة رقم 4

وبعد أن انفض الأطباء من إحصاء الجرحى والمصابين، قدموا إلى العالم الصامت المتغاض عن معاناتهم مؤتمرا صحفيا، بطريقة بينوا من خلالها إنجاز محتل تجرد من أبسط معالم الإنسانية، في صورة جمعت الشهداء من الأطفال بعد أن تخلوا عن زهاء ألوانهم واتحدوا في كسوة من اللون الأبيض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى