منوعات

يوم فى الزمان مجيد ..

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يحفل تاريخ الأمم الكبيرة، ذات التراث الحضارى الممتد عبر آلاف السنين بالتواريخ والأحداث العظيمة، ومن بينها يبرز البعض دوما ويستعاد حيا مشرقا زاهيا، فى يوم السادس من أكتوبر 1973 عرفت مصر ولازالت واحدا من أهم إشراقاتها التاريخية الحديثة والباقية أبدا، حيث ذكرى النصر، والذى عبر عن تحول نوعى فى العقلية والطريقة والآداء فأنتج أثرا لا يمحوه النسيان، ومثل بلورة للإرادة والجوهر النقى فى نفوس وسلوك الشعب المصرى الذى قدم للبشرية مشاركة جليلة هى عنصر محورى فى الثقافة والتراث الإنسانى العالمى.
على هذه الأرض قدم أبناء مصر وأبطالها تأكيدا لم يتوارى بشغف المجبين الأصلاء، بأن مصر إن أرادت واستعدت أنجزت، وإن سخرت جهدها وفكرها حققت، فانتصرت وعاشت أبية ماشاء الله للتاريخ والحياة أن يستمرا.
إن الانتصارات والمعارك الملحمية فى تاريخ البشرية لا تصنعها الصدفة أو جهد متفرق لا تصهره غاية جماعية، ولهذا تبقى نابضة تبقى لتثبت المكانة فى المستقبل وتمد للحاضر جذرا فى أرض وسماء الوطن، وهكذا صنع يوم 6 أكتوبر ملحمة ونصرا، وكان أبطال مصر من جنودها وضباطها هم جوهرة التاج الذي وقف تحت راية حقا منصورة ليأخذوا صورة وضاحة تعبر بها الأجيال وتمضى، مؤكدة على العزم والفعل، على ذلك الشئ الذى نعرفه ويتملكنا فيتخخلنا نبضا وشغفا حين نسمع نشيدنا الوطنى، هى روح الوطن التى نحمل جيناته امتدادا.
يمنح تاريخ النصر العظيم مساحة للتأمل عن كيف نعيد تثبيت مايلزم وجوهرى فى مدركات وعقول الأجيال الناشئة التى هى بحكم حداثة المولد لم تعاصر ولم تقترب زمنيا من ذلك التاريخ وان عرفت به ودرسته مدرسيا، لتعلم بالضرورة أهمية هذا النصر وما صنعه من تحول مهم، عبر بالمجتمع وبسرعة الضوء من هزيمة إلى نصر، ومن ألم إلى تحقق وفرح، ومن عسر إلى يسر مديد.
يمنحنا السادس من أكتوبر ظله الطيب الممدود، فتعيد ضخ قيمة حب الوطن والعمل الجماعى الملهم فى النفوس، العمل الذى يبتغى الوطن والناس الذين يعيشون على جغرافيته الفذة، يمنحنا فهما ووعيا بكيف قاومت مصر وقع الهزيمة من أول يوم فاستعدت وخططت وعملت، وشارك المواطن محبا صبورا إيمانا منه بالهدف والغاية ثم ذلك الحب “حب الوطن” الذى هو هبة من الله يستقر فى النفوس فيمنحها طمأنينة وأملا.
تستدل بعض الكتابات عن ذلك التاريخ بشئ نضر، أنه لم يُسجل فى هذا اليوم العظيم حوادث أو جرائم مما تحتشد به مفردات السلوك اليومى وتدافع البشر فى كل المجتمعات وعبر كل التواريخ، هذه الملاحظة تؤكد دلالتها بأن الكل كان هناك مع أبطال مصر وهم يخوضون معركة الجميع، دفاعا عن الأرض وعن حق الوجود فخرا وعمقا فى التاريخ والمكانة.
أتذكر وقد راقبنا أطفالا اجتماع الأسرة حول الراديو نتابع ونخرج إلى البلكونات نستطلع تفاصيل الحكاية الفذة من وجوه الجيران، ونحفظ الأسماء، أسماء الأبطال المجهولين العاديين ممن صاروا لدينا نجوما حقيقية، تلمع وتضئ، وكيف لا والمجتمع كله يحتفى بهم، ونعيد كأطفال المشاهد كأننا هم وكأنهم نحن، الحكايات ذات التفاصيل المتفردة الوضاحة عن عبد العاطى ومحمد المصرى ومحمد العباسى من أوائل من عبروا القناة ورفعوا العلم انتصارا، نتمثل بطولاتهم جميعا، ونفرح معهم ونستعيد بعضا من سيرة العطاء الذى لا يسأل الوطن مقابلا.
سوف تمنحنا الذكرى واليوم زخما نفسيا طيبا، لكننا وفى عصر الوسائط التى تتأسس على الإننرنت، وفى زمن شاشات الموبايل التى تمثل ثقافة العصر ووسيلته العارضة الأهم نحتاج إلى أفكار أخرى مستجدة ونمطا تفاعليا خلاقا فى إعادة بناء منجزنا المجتمعى العظيم، يأخذ البعدين البطولى والإنسانى معا ويتحرك بهما لبناء حكايات محببة عن البشر والناس، عن الحياة والنصر، حكايات ملحمية، جذابة ومشوقة، تقدم للطفل ولمختلف أجيال النشء بلغتهم وثقافتهم العصرية وعبر الوسائط المتعددة سيرة الإنسان المصرى الذى صنع الفارق، وحيث فى ذلك الزمان الجميل وفى التاريخ الذى يبقى أبدا، فى السادس من أكتوبر 1973 العظيم “رجعنا ابتسامة مصر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى