شهادة مؤلمة من درنة: لا نملك أدوات لإنقاذ العالقين وانتشال الجثامين من تحت المياه
12:36 ص
الثلاثاء 12 سبتمبر 2023
كتبت- سارة أبو شادي
لم يلتئم بعد الجرح العربي جراء زلزال المغرب الذي خلف آلاف الضحايا بين قتلى ومصابين، لتستيقظ المنطقة العربية على جُرح آخر وكارثة جديدة طالت الشرق الليبي، بعد مرور إعصار دانيال عليها، ما تسبب في دمار عدة مدن، وخلّف ورائه المئات من الضحايا ما بين قتلى و عالقين ومفقودين غمرتهم مياه السيول نحو البحر.
مدينة درنة، أكثر مدن الشرق الليبي تضررًا من الإعصار دانيال، المدينة التي غمرتها المياه في ساعات قليلة نتيجة انهيار سدين بها، تسببا في اختفاء أحياء سكنية بشكل كامل، فباتت مناطقها منكوبة، قّدر عدد ضحاياها أكثر من 2000 قتيلًا، بل تسبب السيل في دمار الطرق وانهيار البنايات والجسور، ودمار شبكات الاتصالات والمياه، ووقفت قوات الإنقاذ عاجزة للمرور إلى العالقين والضحايا.
“محمد سالم” شاب ليبي من مدينة شحات، إحدى المدن التي ضربها الإعصار وتم إعلانها ضمن المناطق المنكوبة بسبب السيول التي اجتاحتها، في حديثه لـ”مصراوي”، ذكر أنّه قرر الذهاب والتطوع من أجل المساعدة في إنقاذ العالقين والضحايا من أبناء مدينته، ورغم صعوبة الطريق والظروف التي بها مدينته، لكنّه استطاع الوصول والتطوع رفقة الكتيبة 166 والهلال الأحمر الليبي، في عمليات محاولة إنقاذ العالقين، المنطقة التي يعمل بها الشاب حاليا في عمليات الإنقاذ هي منطقة الفتائح الواقعة في الطرف الشرقي لمدينة درنة.
“أي حد نلقوه نحاول نسعفوه ماعندنا معلومات عن الضحايا أو العالقين” يواجه محمد ورفاقه صعوبة كبيرة في عمليات الإنقاذ، خاصة وأنّ الكتيبة 166 والمسؤولة في الأساس عن مدينة درنة فقدت عدد كبير من رجالها في السيل، لا تمتلك سوى أدوات بسيطة تعمل بها في عمليات الإنقاذ، حتى الهلال الأحمر ذاته فقط عدد من أبنائه أثناء عمليات الإنقاذ، والتي تتم بالكامل من أطقم داخل المدينة، نظرًا لدمار الطرق الرئيسية والتي تقف عائقًا أمام وصول المدد وعمليات الإنقاذ من مدن أخرى خارج المناطق المنكوبة.
وفقا للشاب سالم، فإنّه تم انتشال عدد كبير من الجثامين تحديدًا في منطقة وسط المدينة، من ضمن الجثامين التي تم انتشالها حسب الشاب، كانت لأشخاص مصريين وتم انتشالهم تحديدًا من منطقة وسط المدينة شارع جامع حمزة، لكن حتى اللحظة منطقة الفتائح والتي يعمل بها حاليا لم يتم انتشال جثامين منها، لكنّهم تمكنوا من إنقاذ عدة عائلات كانت عالقة في السيول ومن بينهم عائلات مصرية، وتم نقلهم إلى مدينة بني غازي تحديدًا المركز الطبي 1200 في بني غازي والبعض تم نقله إلى مدارس إيواء في المدينة ذاتها.
“طلبنا شفاطات مياه للمساعدة في إنقاذ العالقين” يسعى “سالم ورفاقه” بذل مجهود كبير حتى الآن أغلب العالقين الذين تم إنقاذهم كانوا داخل السيارات، لكنّهم يواجهون صعوبة في دخول المنازل وإنقاذ العالقين بها لكثرة المياه، هناك حاليا جهود كبيرة في الوصول إلى بعض الشوارع المتضررة بمنطقة الساحل، وبالاستعانة بنحو 4 شفاطات مياه يحاولون الدخول إلى المنازل، ” احنا حاليا نفتشو في السيارات لأن البيوت ما قدرناش ندخلولها”.
يستخدم “سالم” ورفاقه أيضًا القوارب المطاطية الصغيرة في محاولة منهم للتنقل بين شوارع المدينة، بالرغم من الإمكانيات الصغيرة لكنّهم يبذلون جهودًا كبرى لإنقاذ المزيد، يناشدون الجميع بمساعدتهم بأدوات إنقاذ، حتى أنّ الشاب سمع من بعض رفاقه أنّ هناك قافلة مواد غذائية وأدوات إنقاذ قد تصل إليهم في وقت قريب قادمة من هيئة السلامة الوطنية في طرابلس لمساعدتهم، إضافة إلى التبرعات والمساعدات التي تم جمعها من الأهالي من مدن سرت ومصراتة وغيرها.
تسير عمليات البحث والإنقاذ وفقًا لـ”سالم” ببطئ، بسبب قوة الرياح من ناحية، وكمية المياه الكبيرة التي غمرت المنازل وتقف عائقًأاأمامهم في الدخول من ناحية أخرى، حاليا ينتظر سالم ورفاقه المزيد من الشفاطات إضافة إلى حاجتهم لفريق غطس “ضفادع بشرية” للغطس أسفل المياه، ومحاولة انتشال الجثامين أسفلها.
واجتاح الإعصار “دانيال” القوي القادم من البحر المتوسط مناطق عدة في شرق ليبيا وأودى بحياة مئات الأشخاص، وألحق أضرارا كبيرة بالممتلكات العامة والخاصة والمنازل والطرق.
وأعلن المجلس البلدي في درنة عن خروج المدينة بالكامل عن السيطرة وسط انقطاع وانهيار كامل للخدمات، ودعا الى تدخل دولي عاجل لإنقاذ المدينة المنكوبة جراء السيول والأمطار.
وأكد المجلس انهيار سدين من سدود وادي مدينة درنة، مشيرا إلى أن المياه جرفت منطقة بالكامل إلى البحر، وفي وقت سابق أعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب أن درنة باتت مدينة منكوبة.
من جهته، صرح رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان أسامة حماد، بأن أكثر من 2000 شخص لقوا مصرعهم في الكارثة إلى جانب آلاف المفقودين في درنة، مؤكدا أن الوضع كارثي، علما أن حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا الحداد لمدة ثلاثة أيام على ضحايا فيضانات المنطقة الشرقية.
وأحدثت العاصفة دانيال دمارا هائلا في البنية التحتية لبعض المناطق، ما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وجرف المنازل والطرق والجسور، كما تعرضت المدارس والمستشفيات لأضرار جسيمة.
وأعلن المجلس الرئاسي في ليبيا في بيان الاثنين، درنة وشحات والبيضاء في برقة بالشرق مناطق منكوبة بسبب السيول التي اجتاحتها.
وقال في البيان “شعوراً منّا بالمسؤولية ونظراً للتداعيات الجسيمة للكارثة، نعلن تلك المنطقة منطقة منكوبة ونطلب من الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية تقديم المساعدة والدعم”.