منوعات

لحظة الصين في النيجر

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أعلنت الصين أن لديها نية في التوسط بين السلطة الجديدة في النيجر ، وبين حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، فكان ذلك بمثابةخطوة مضافة تقطعها حكومة الرئيس الصيني شي جينبينج في اتجاه تعزيز وجودها في القارة السمراء .
وكانت العاصمة النيجرية نيامي شهدت انقلاباً عسكرياً قام به الجنرال عبد الرحمن تياني ، قائد الحرس الجمهوري في البلاد ، ومنذ أن وقع الإنقلاب في ٢٦ يوليو راحت العلاقات النيجرية الفرنسية تنتقل من سيء إلى أسوأ ، وبدا أن السلطة الجديدة بقيادة قائد الحرس الجمهوري ، لا تحمل وداً كبيراً للوجود الفرنسي في النيجر ، وأنها في هذا التوجه تقف على العكس مما كانت عليه الأمور أيام الرئيس محمد بازوم الذي أطاح به الإنقلاب ، والذي كان يحلو للبعض في دوائر الإعلام والسياسة الإشارة إليه على أنه : رجل فرنسا في نيامي .

وليس واضحاً إلى الآن ، ما إذا كان هذا التوجه ضد النفوذ الفرنسي في النيجر ، يعبر عن توجه ذاتي لدى قائد الحرس ورفاقه ، أم أنه توجه ناتج عن تحريض من الوجود الروسي هناك ، وعن جهد تقوم به العاصمة الروسية موسكو في هذا الطريق ؟

فمنذ اللحظة الأولى لوقوع الإنقلاب ، خرج مؤيدون له في نيامي وفي غيرها من المدن النيجرية ، وكانوا يرفعون أعلام بلدهم ، ومعها كانوا يرفعون الأعلام الروسية .

ولم يتوقفوا عند هذا الحد ، ولكنهم توجهوا إلى مقر السفارة الفرنسية في العاصمة ، ورفعوا شعارات معادية للفرنسيين أمامها ، ونزعوا اللوحة التي تحمل اسمها، ثم داسوها بأقدامهم ، وكان في ذلك من المعاني السياسية ما يكفي .

في هذه الأثناء، كانت فرنسا تقول إنها لا تعترف إلا بالرئيس بازوم ، وإنه صاحب السلطة الشرعية ، وإنه وحده الذي تقبل هي من جانبها الحديث معه ، وإنها تدعو إلى إعادته إلى منصبه ، والرجوع إلى المسار الدستوري الذي جرى انتخابه على أساسه .

ولم تتنازل باريس عن هذا الخط أبداً ، بل إنها تشددت فيه ، وكانت النتيجة أن السلطة الجديدة التي يرأسها تياني ، أعلنت أن السفير الفرنسي شخص غير مرغوب فيه ، وأن عليه أن يغادر خلال مدى زمني محدد كما تقضي الأعراف الدبلوماسية بين الدول .

ولكن حكومة ماكرون رفضت تماماً ، وقالت إن سفيرها سيبقى في مقر السفارة يمارس عمله كالمعتاد ، وإنها لن تسحبه إلى باريس ، وقد وجدت حكومة الجنرال تياني أن فرنسا تستفزها لأقصى ما يكون الاستفزاز ، فقررت تجريد السفير من حصانته الدبلوماسية ، وقالت إنها ستطلب من الشرطة ترحيله من البلاد .

ولم يتم طرده طبعاً ، وبقي محاصراً أو كالمحاصر في مقر إقامته ، وتصاعدت الأمور بين البلدين لأقصى حد ، فوجدت الصين أن هذه هي لحظتها المناسبة ، وقررت التدخل بين الطرفين لعلها تستطيع إنهاء الأزمة .

وإذا نجحت بكين في التوسط ، فسوف تكون قد ربحت بأكثر مما ربح أي طرف آخر ، وسوف تكون قد عززت من وجودها في القارة السمراء، وسوف تكون هذه خطوة أخرى لها، إلى جانب خطوة سبقتها عندما توسطت بين السعودية وإيران في مارس من هذه السنة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى