منوعات

مرمى آخر لإحراز الأهداف

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

عندما انطلقت أعمال القمة الروسية الأفريقية في سان بطرسبرج ٢٧ يوليو، تبين أن المواجهة بين روسيا والغرب لا تتوقف عند حدود أوكرانيا.

فالعملية العسكرية التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ٢٤ فبراير قبل الماضي، لا تزال مستمرة إلى اليوم، ولا تزال عاجزة عن تحقيق ما يريده الروس من ورائها.. صحيح أنه لا أحد يعرف أهدافها التي تريدها موسكو على وجه التحديد ، ولكن ما نذكره منذ يومها الأول أن بوتين كان يردد دائماً أن العملية سوف تتوقف عندما تحقق أهدافها، ولم يكن يكشف عن حقيقة هذه الأهداف في كل مرة تكلم فيها عنها.

ولأن الأهداف لم تتحقق، ولأن تحقيقها صعب فيما يبدو مما نتابعه من تفاصيل العملية العسكرية ومراحلها، فإن الروس قد راحوا يبحثون عن إحراز أهداف في مرمى آخر، وكانت القمة الروسية الأفريقية هي هذا المرمى.

لم تكن القمة تنعقد للمرة الأولى، لأنها انعقدت في روسيا قبل ثلاث سنوات، ولكنها في هذه المرة الثانية كانت مختلفة تماماً عما كانت عليه في دورتها الأولى، وكان وجه الاختلاف أنها انعقدت بينما ظلال الحرب الروسية الأوكرانية تخيم فوقها.

ولأن هذا هو وجه اختلافها الأكبر، فإن موسكو سعت إلى أن تجعلها ساحة من ساحات المواجهة مع الغرب، وراحت منذ وقت مبكر تحشد الأفارقة للحضور، فحضرت ٤٩ دولة من بين ٥٤ دولة هي مجمل دول القارة السمراء.

وليس سراً أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وحلفاءهما مارست ضغوطاً على الدول الأفريقية، لعلها تتخلف عن الحضور، أو على الأقل تخفض من مستوى تمثيلها، وقد نجحت في هذا إلى حد ملحوظ.

وكان الدليل أن الرؤساء الأفارقة الذين شاركوا كانوا ١٧ رئيساً أفريقياً فقط، وكان هذا العدد أقل من العدد الذي شارك في القمة الأولى، وكان انخفاض العدد على هذه الصورة إشارة الى ما جرى وراء الستار من ضغوط أمريكية غربية.

وكان هذا معناه أن المواجهة الروسية الغربية المتواصلة، كانت تجري في ميدانين متوازيين، أحدهما ميدان المعركة في أوكرانيا، والثاني ميدان السياسة والدبلوماسية في سان بطرسبرج وفي أفريقيا من ورائها.

وكان هناك ميدان ثالث هو النيجر، التي وقع انقلاب عسكري على أرضها ، وخرج متظاهرون في عاصمتها نيامي يرفعون أعلاماً روسية، ويهتفون أمام مبنى السفارة الفرنسية وينزعون لافتتها ثم يدوسون فوقها.

الانقلاب وقع يوم ٢٦ يوليو ، أي قبل انطلاق أعمال القمة بيوم واحد، ولا يمكن بالطبع أن تكون هذه منن قبيل الصدفة، إذا ما أخذنا في الاعتبار مظاهرات التأييد لروسيا، والتنديد بالنفوذ الفرنسي في البلاد.

دارت المواجهة ولا تزال في الميادين الثلاثة، فكانت روسيا تراهن على أفريقيا في القمة، ثم على النيجر في انقلابها، لا لشيء، إلا لأن الرهان على أعمال الميدان في أوكرانيا، لا يسعفها إلى اليوم رغم مرور ما يقرب من سنة ونصف السنة على بدء عمليتها العسكرية هناك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى